لم تعد الامثال كما كانت ..


لا تأقلم مع الجوع و لا صبر فيه ،فلا يستطيع الإنسان تحمله حتى قيل (الجوع كافر)وليس بعد الكفر ذنب ،يحرك الشعوب وتفقد صوابها لذلك قيل( ثورة الجياع تأكل الأخضر واليابس)،وقد ألغى الخليفة العادل عمر بن الخطاب رضي الله عنه الحدود في عام الرمادة تقديراً منه لعظم الجوع وتأثيره فهو العادل المدرك لفلسفة العقاب ولا شك …
والجوع حالة متطورة في الوصف كما المجتمع يتطور مع العصر ومتطلباته من الأساسيات التي ترتبط به،فلم يعد نقص في المواد الغذائية والعلاجية والمأوى كما كان قبل عقود مضت عندما كان مأواهم بيوت الشعر والخيام ومأكلهم خبز القمح والشعير مع غموس من اللبن او السمنة او ما قدر الله وقد تمضي أيام بل شهور دون غموس يذكر، مواصلاتهم مشيا على الإقدام وان تيسر فركوبة من خيل او حمير..بيئة معيار الجوع فيها نقص بهذه المكونات،أما الآن فأن للجوع بعد اكبر فالطالب الذي لا يملك نقودا يومية كبدل مواصلات توصله الى مدرسته ..والموظف الذي لا يستطيع ان يغطي قيمة الفواتير الشهرية المترتبة عليه حتى لا تقطع عنه الخدمة .. بل ورب الأسرة الموظف والمتقاعد والعامل بالمياومة وجيش العاطلين عن العمل الذي يتلوى كل واحد منهم حصرة في منتصف الشهر او قبل ذلك يفكر حيران يهرش رأسه ويعض يديه وينهش رجليه يفتش على قرضة (دين) هنا ومعونة هناك يتكسف ويتنازل أحيانا.. من اجل ان يوفر قوت أسرته ومتطلبات فقرها بانتظار معاشه (راتبه الذي لا يعيشه) في نهاية الشهر ليضحك ويبسط أساريره بضعة أيام ثم يعود الى الغم والهم في حلقة دوارة تحت عناوين ليس أولها (ما في مديون شنقوه ..) ولا آخرها (الله يفرجها علينا..) يموت مديونا ووصيته تحت وسادته (سددو ديوني لأنام مرتاح في قبري وألقى الله راضيا عني ..) أليس هذا جوع وهؤلاء جياع…؟
ولن استرسل اكثر فهذا غيض من فيض ومعذرة للنماذج التي لا تحصى من مظاهر الجوع التي تنهش أبناؤنا وأسرنا وأهلنا ومجتمعنا والتي تبكي العين وتدمي القلب لمن ما زال يحتفظ بقية من قلبه او جزءا من إنسانيته.. وكم منا يعيش حالة الجوع هذه اويرى أقاربه وأصدقائه ومعارفه وجيرانه من يعيشها ممن يقرأؤن هذا المقال عل الأقل؟ وهل بقي من فسحة لرفع الأسعار ومزيدا من العمالة الوافدة والضرائب.. يصبح معها هذا المضطهد المظلوم من البشر في حالة إنذار فوري يسعى معها الى حالة لا تحمد عقباها ولا تسر نتائجها ولا يكون للتسامح معها طريق فالبطون إذا جاعت حكمت بالويل والثبور لمن يجوعها…
ان الخوف كله ان يلتبس الأمر على بعض الاقتصاديين سيما طبقة النبلاء الذين لا يعرفون الوطن إلا اسما ورسما وحبرا على الورق المولعون بالتجارب وجلب تجارب الآخرين دون وعي للظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية …الذين يظنون ان ما يجري ما زال في بحر الفقر الآمن واذ بهم في غياهب الجوع ومتاهات عواقبه وردود فعله التي ينتظرها الارهاب ليستغلها وقودا في اتونه …
لقد تبدل العصر وتغيرت معه الظروف الدولية والإقليمية والمحلية ولم تعد القواعد كما كانت ولا بعض الأمثال كما جرت ،فقد قيل ان زنقيلا متنفذا مترفا متخما من طبقة النبلاء قد أعجزه كثرة ماله فعمد الى جلب كلب بلدي ليحرسه باعتباره اكثر وفاءا واقل كلفة ومتطلبات ، واخذ يعامله على ضوء القاعدة الشعبية المشهورة (جوع كلبك يلحقك) وقد أقدم على تجويعه،ولم يتمالك الكلب نفسه فانقض على هذا المتخم ينهشه تمهيدا لأكله وكان القدر حاميا له عندما وجد من ينقذه…فاخذ الكلب الى أطباء البيطرة ليفحصه لعل به داء من الجنون او مرض نفسي فأخبره الأطباء بعد الفحص ان الكلب سليم معافى ،فاحضر له خبراء في مجالات أخرى،وبعد دراسة وتداول وتمحيص اخبروه ان الكلب قد طفح به الكيل وارتفع مستوى الوعي لديه مع انتشار الخلويات والفضائيات التي تنقل كل شيء وتحلل كل صغيرة وكبيرة.. الى الانترنت الذي يكتب به كل شيء ويكشف المستور من الفضائح ..وما يرتبط من تغير الظروف الدولية والإقليمية ورياح الإرهاب وهبوب الديمقراطية كل ذلك أدى الى تفتق ذهنه وتوسع افقه وتبدل ردود فعله أصبح معها هذا الكلب ينهش من يجوعه ولم يعد صابرا محتسبا يلحق من يمارس تجويعه ،وجاءت توصية الخبراء ان يغير منطوق المثل الشعبي من (جوع كلبك يلحقك) الى (جوع كلبك ينهشك وقد يقضي عليك) واعلان ذلك في الاعلام حتى لا يقع احد فريسة التجويع..
drmjumian@yahoo.com



تعليقات القراء

خريوش دبوس
نقول لهؤلاء الذين يقولون "جوع كلبك يلحقك" بأن أبناء هذا الوطن الغالي هم الرجال الذين بنوا الاردن وحاربوا لاجلة ولأجل رفعتة وعزتة وبنوة بدماءهم وعرق جبينهم وعاشوا على خبز الشعير والشنينة والمريس وضرس البندورة وعانوا الكثير من أجل هذا الوطن ولكن لم يركعوا الا لله ولم ولن يكون انتماؤهم الا للاردن ولم ولن يكون ولاؤهم الا لال البيت الهاشميين الاشراف.
لكن اذا تماديتم على الوطن وأبناؤة فلن تنفعكم أموالكم وثراؤكم ولن تحميكم كلابكم التي تأكل اللحوم المحروم منها أبناء الوطن.
حمى الله الاردن الغالي وأبناؤة الاوفياء تحت ظل صاحب الجلالة المفدى.
27-01-2011 11:17 PM
منور البخيت - ابو علي
الاستاذ الكبير الدكتور محمد جميعان : لك مني اطيب التحيات واشكرك على مقالتك القوية المعبرة وكلماتها ومعانيها ففيها قوة تعبيرية عن الحقيقة الماثلة لكل فئات الشعب وهي عين الحقيقة لا بل قلبها الذي مازال ينبض ماثلا وقد تعبت عضلته التي لم يعبأ بها احد ولكني اختلف معك في الفقرة الأخيرة لا في المعنى ولكن في التعبير الذي من الممكن ان يتصيد لك بعضهم فيما اوردته وان كان استعارة او محاول ايصال ارسالة لمتلقيها فالكثيرون يركزون على الكلمات المجردة وليس على المعاني التي تشير اليها وقتما يشاؤون ومن الممكن أن يجاملوك وقتما يشاؤون اضا ولكني ولمعرفتي المتواضعة باللغة العربية لا استطيع ان اجاريك حتى لو أنني اوضحت وجه الخلاف فأنت الأدرى وانت كاتب المقالة وأنت الضليع في اللغة والأدب ومعاني اللغة العربية الجميلة واني اعلق على مقالتك معتمدا على حسك وخبرتك وفراستك في فهمي ولك من القلب تحية وكل الاحترام وبوركت . منور البخيت - ابو علي
28-01-2011 12:40 AM
منور البخيت - ابو علي
الاستاذ الكبير الدكتور محمد جميعان : لك مني اطيب التحيات واشكرك على مقالتك القوية المعبرة وكلماتها ومعانيها ففيها قوة تعبيرية عن الحقيقة الماثلة لكل فئات الشعب وهي عين الحقيقة لا بل قلبها الذي مازال ينبض ماثلا وقد تعبت عضلته التي لم يعبأ بها احد ولكني اختلف معك في الفقرة الأخيرة لا في المعنى ولكن في التعبير الذي من الممكن ان يتصيد لك بعضهم فيما اوردته وان كان استعارة او محاول ايصال ارسالة لمتلقيها فالكثيرون يركزون على الكلمات المجردة وليس على المعاني التي تشير اليها وقتما يشاؤون ومن الممكن أن يجاملوك وقتما يشاؤون اضا ولكني ولمعرفتي المتواضعة باللغة العربية لا استطيع ان اجاريك حتى لو أنني اوضحت وجه الخلاف فأنت الأدرى وانت كاتب المقالة وأنت الضليع في اللغة والأدب ومعاني اللغة العربية الجميلة واني اعلق على مقالتك معتمدا على حسك وخبرتك وفراستك في فهمي ولك من القلب تحية وكل الاحترام وبوركت . منور البخيت - ابو علي
28-01-2011 12:41 AM
ابن الاردن
" جوع كلبك يلحقك "
مثل شعبي منذ الاف السنين ولعله من الامثال النادرة الموجودة في كل لغات الدنيا ولدى كل الشعوب . ومستوى الوعي الذي احدثته وسائل الاتصالات اثر وصحى الجماد فكيف بالحيوانات ومن ينكر مستوى الوعي فهو جاهل جاهل لذلك لا غرابة ان ينقلب المثل من جوع كلبك يلحقك الى ينهشك
28-01-2011 02:12 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات