في كلمته التي ألقاها أمام المشاركين في المائدة المستديرة التي نظمتها الشعبة الاقتصادية في نقابة المهندسين الزراعيين وبالتعاون مع دائرة الإحصاءات العامة في مجمع النقابات المهنية حول مؤشرات الفقر في المملكة أشار وزير الزراعة (الدكتور) تيسير الصمادي إلى أن 350 ألف مواطن خرجوا من دائرة الفقر "مما يؤكد – طبقا لكلمات معالي الوزير-جدية الحكومة في محاربة الفقر"!.

لا أعلم كيف تم التوصل الى هذا الرقم الكبير أولا من قبل دائرة الإحصاءات العامة ,مما يطرح شكوك جدية حول الجانب السياسي من عمل الدائرة مما يجعلها أقرب في عملها الى عمل هيئات العلاقات العامة وان عملها يقوم على أجندات سياسية وخصوصا إذا نظرنا الى بقية التقرير الذي أشار الى انه الى جانب خروج 350 ألف مواطن من دائرة الفقر فأن عدد جيوب الفقر في المملكة ارتفع من 20 الى 32.

أما بالنسبة لاستخدام تلك الأرقام كمؤشر على جدية الحكومة في محاربة الفقر فان ذلك التوظيف يجافي المنطق البسيط, فالأرقام المشار إليها ,إذا افترضنا صحتها أولا,فإنها قائمة على العمل الميداني الذي قامت به دائرة الإحصاءات العامة في العام 2008 والأرقام المتضمنة في التقرير تقدم مقارنة مع البيانات التي قدمتها دائرة الإحصاءات العامة للعام 2006 , أي قبل تشكيل الحكومة الحالية وحكومة الرفاعي الأولى أيضا و التي لم يكن معالي الوزير عضوا فيها,وبذلك لا يمكن اعتبارها مؤشرا على جدية الحكومة في محاربة الفقر كما قال معالي الوزير.

الأسلوب العلمي في قراءة الأرقام والذي تتجاهله الحكومة يتوجب توظيفه ودون تأخير في قراءة للأرقام التي تقدمها وزارة الصحة حول الإصابات والوفيات الناجمة عن أنفلونزا الخنازير. حتى كتابتي لهذه الفقرات وصل العدد الإجمالي للإصابات منذ ظهور المرض في الموسم الحالي الى 191 إصابة نتج عنها 11 وفاة,وبذلك بلغت نسبة الوفيات ما يقارب 6% من عدد الإصابات ومقارنة بانتشار المرض في الموسم الماضي حيث بلغت الإصابات ما يقارب 3000 حالة نتج عنها 16 حالة وفاة وبنسبة تقارب 5 بالألف فان هذه الأرقام تؤكد عدم جدية الحكومة التي ينتمي إليها معالي الوزير في محاربة المرض .وإذا افترضنا أن يصل عدد الإصابات الى 3000 كما حدث في الموسم الماضي فان عدد الوفيات قد يصل الى 180حالة وفاة في الموسم الحالي مما استوجب التحذير وقرع ناقوس الخطر وضرورة قيام الحكومة بقراءة الأرقام بدقة أكبر وبشكل لا يجافي المنطق ,والعمل طبقا الى ذلك.