من المعروف ان السلطه الفلسطينيه الحاليه جاءت من رحم منظمة التحرير الفلسطينيه وان منظمة التحرير هي الاصل ، وان السلطه هي الفرع .وان من تفاوض مع اسرائيل في اوسلو هي منظمة التحرير والتي كانت تهيمن عليها منظمة فتح ، وان اتفاق اوسلو جاء باتفاق ما بين م.ت.ف وبين اسرائيل عندما اعترفت المنظمه بحق اسرائيل في الوجود على ارض فلسطين ، ولم يتحدد على اي جزؤ من ارض فلسطين ، لتفسره اسرائيل لاحقا بانه يشمل اراضي اخرى في الضفه الغربيه والقدس .في حين اعترفت اسرائيل بمنظمة التحرير الفلسطينيه كممثل شرعي ووحيد للفلسطينين مستنده بذالك على طرح عربي بالاعتراف بالمنظمه في مواجهة تخوف المنظمه من الاردن والتي احتلت الضفه الغربيه وهي تحت سيادته . ومن جانب آخر فان اسرائيل بهذا الاعتراف تركت للشعب الفلسطيني في المستقبل ان يحدد من يمثله ودقت اول اسفين في اللحمه النضاليه الفلسطينيه عندما شجبت العديد من الشخصيات الفلسطينيه الاتفاق ، كما ادت الى بعض الانشقاقات داخل صفوف المنظمه . ومن جانب آخر فان اسرائيل تراهن على سقوط المنظمه او تفككها ، لتقول ان اتفاقها اصبح منتهيا مع اختلاف او تغير الجهه التي عقدت معها هذا الاتفاق .
لقد تمكن الرئيس الراحل ياسر عرفات من ان يجسر وان يناور بقدره كبيره ما بين السلطه والمنظمه اعتمادا على ما كان يتحلى به من كاريزما شخصيه، فتارة ينحاز للسلطه ، وعندما تغلق سبل المفاوضات كان يرتد الى المنظمه معقله الاساسي .وقد ظهر ذالك في انتفاضة الاقصى عام 2000 والتي دفع ثمنها حياته في النهايه
.ان قدرة محمود عباس على لعب هذا الدور محدوده للغايه، وقد وضع نفسه في هذا الاطار ، وان اقصى ما يمكن ان يهدد به ليس انتفاضه جديده وانما الاستقاله ، وترك حالة فراغ في السلطه والمنظمه كونه رئيسا لكل من السلطه والمنظمه .ان ما ظهر من خلال ما تسرب من وثائق المفاوضات الفلسطينيه الاسرائيليه من تنازلات تاريخيه عن الثوابت الفلسطينيه المعلنه وبخاصه في موضوع القدس واللاجئين ، يشير الى ان السلطه الفلسطينيه ليست بوارد الضغط على اسرئيل من خلال انتفاضه جديده او من خلال حل السلطه الفلسطينيه والتنازل عن امتيازاتها .وانما الغطاء الذي ابداه رئيس السلطه الفلسطينيه انه قال ان هذه التنازلات وافق عليها القاده العرب، وانه لم يتقدم باي تنازل لاسرائيل فبل عرضه على القاده العرب، وذالك من قبيل توزيع الاحمال والاعباء والمسؤوليات، وان عدم الرد من قبل القاده العرب او حتى جامعة الدول العربيه على اقواله ربما يدلل على صحتها .ولكن هذا الامر لا يختلف فيه اثنان بان ذالك لا يعفيه من المسؤوليه لانه هو من يقود السشعب الفلسطيني ممثلا بالمنظمه والسلطه وان مرجعيته هي الشعب الفلسطيني وليس القاده العرب .وان القاده العرب قالوا اكثر من مره بأنا نقبل ما يقبل به الفلسطينيون، ولم يحددوا من هم الفلسطينين ؟ اهم السلطه ام المنظمه بوضعها الراهن ام المنظمه بعد التعديل ام استفتاء عام للشعب الفلسطيني ؟ وتركوا الامر ليفسر لاحقا على ضوء الظروف والمتغيرات وقدرات القياده الفلسطينيه الحاليه على المناوره بين السلطه والمنظمه .
ان عدم رغبة رئيس المنظمه حاليا وهو الرئيس عباس على اجراء اي تغيير في صيغة المنظمه بادخال اطراف جديده يضعف من شرعية المنظمه امام الشعب الفلسطيني ، ولكنه يقوي شرعيتها امام عدد من الدول العربيه والاجنبيه، .ان قيادة السلطه الحاليه تغولت على حساب المنظمه او حتى حلت مكانها ، وبالتالي فقد تعززت شرعية وقوة السلطه على حساب تهميش المنظمه ، وبدعم عربي واجنبي واسرائيلي ، او ربما يقول قائل بان السلطه قد خلعت المنظمه بالثلاث ، عندما قدمت هذه التنازلات قبل العوده لها ، ولكن من جانب آخر فان هذا الدعم لا قيمة له ما زال ان اسرائيل لا ترغب بتقديم اي شيئ ذو قيمه لقيام دوله فلسطينيه وعاصمتها القدس ، وانما ما تقدمه هو ان تكفل وصول الاموال سنويا للسلطه لتبقى قائمه ولو شكليا ، وان هناك اعداد من المنتفعين الراضين تماما عن هذا الوضع .وهم من يقدمون التنازلات تلو التنازلات لاسرائيل سرا ، والان اصبحت علنا .بعد تسرب هذا الكم الهائل من الوثائق التي تمثل فضيحه تاريخيه للقياده الفلسطينيه، وربما تجيب عن بعض اسباب محاصرة الرئيس السابق عرفات واغتياله .
ان ما ظهر من وثائق لا يمس الفلسطينين وحدهم وانما يمس دول عربيه اخرى تأوي اللاجئين وفي مقدمتها الاردن ولبنان ، وان الحكومه الاردنيه مطالبه بالرد على ما جاء بهذه الوثائق وبالسرعه الممكنه ، وعلى مجلس النواب الاردني ايضا الذي كثر شاكوه وقل شاكروه ان يكون له موقف لعله يعيد قدرا من شعبته المتآكله .
والان ما هو السناريو المتوقع بعد ما اتضح الامر وتبين ان هناك استعداد للسلطه الفلسطينيه للتنازل عن حق العوده وحتى عن جوهر القدس ، وان الاستفتاء الذي تتكلم عنه السلطه الفلسطينيه سيجرى في الاراضي الفلسطينيه المحتله فقط وليس في الشتات .وان هذا الاستفتاء سيتم تحت سيطرة السلطه والاحتلال ، وان غلف باشراف دولي .وان اول اجراء ستقوم به السلطه بعد ذالك هو حل المنظمه لانتهاء الغايه التي اسست من اجلها كما سيدعون في حينه
.ان هذا الامر سيعيد القضيه الفلسطينيه الى المربع الاول وهو سلطه معترف بها من قسم من الدول وقسم من الشعب الفلسطيني ، وقيام منظمه جديده للمتضررين الفلسطينين من اللاجئين الذين سيرفضون التعويض تحت اشراف القياده السوريه وعددا من الدول ، بدلا من المنظمه التي اسست تحت اشراف القياده المصريه ابان حكم الزعيم الراحل جمال عبد الناصر ، ولكن ماذا سيكون موقف السلطه الفلسطينيه اذا ما لاقت هذه المنظمه اعترافا من الفلسطينين في الداخل ؟.فهل ستغامر بحرب اهليه فلسطينيه فلسطينيه لتسوية الوضع مثلما يحدث عادة بعد ان تتحول الثوره الى سلطه ؟ وماذا سيكون موقف السلطه والدول العربيه المعتدله من هذه المنظمه التي ستعترف بها بعض الدول؟ ، وستقدم لها الملجأ الامن وفي مقدمتها سوريا وايران وربما لبنان لموقفه الرافض للتوطين على اراضيه .
ولكن السيناريو الاكثر سؤا ، وهو اذا ما تم الاتفاق ما بين سوريا واسرائيل على الانسحاب من الجولان السوري وعقدت معاهدة سلام ما بين سوريا واسرائيل ،ماذا سيكون موقف هذه المنظمه ؟ ، هل ستذهب الى ايران ؟ ، ام سيعيد التاريخ نفسه وتذهب الى حمام الشط في تونس بعد المتغيرات الاخيره التي حدثت فيها .؟