أولاً-      منذ فجر الثورة الكبرى كشفنا صدورنا للرصاص ، وأدرنا ظهورنا للحياة ، وخلعنا من أقدامنا سلاسل الأنانية وحب الذات ... لبينا نداء العروبة دون تردد ، ومضينا إلى القتال دون توجس ، لم تعثرنا هزيمة ، ولم تغرينا غنيمة ، صيحة  ((أن طاب الموت يا عرب)) أشعلت  في قيعان قلوبنا  نار التضحية والفداء ، وأطفأت في رؤوسنا جذوة الركون إلى الحياة …بقينا على الدوام نحرق عصب عروقنا..ونغلي دماءنا ، ونشغل بالنا وفكرنا ..ونجند أنفسنا لغيرنا ، ونحرم أرواحنا وقلوبنا من فرح الدنيا وجمالها. نحزن ليفرح الآخرون.. ونجوع ليشبع المحرومون ، ونتقلب على جمر القلق ، لينام البائسون، وكنا بذلك سعداء ، لأننا به مؤمنون.
 ثانياً-  مقهورون ، تتفتت مفاصلنا  وبطحينها يتاجرون  ، وتنفجر أمعاؤنا أحذية يلبسون ، ونرجو، وأحلامنا يسرقون ، نناضل وهم يكسبون ، ونموت وهم يضحكون ، يركلون أجسادنا المنهكة بأقدامهم ألف مرة ومرة ولا يكترثون ، نتنازل عن أبسط حقوقنا ،وفي ظننا أن وجوههم سوف تخجل ، فيقدرون ظروفنا  ، ونتلوى جوعاً ، وفي الحسبان أن قلوبهم سوف توجل ! يفسرون صبرنا ضعفاً وجهلاً بالحقوق ..ووطنيتنا توارياً بالفروق ، حتى أجلسونا على الـ ………...
ثالثاً- هم مخطئون ، يظنون أن  الذلّ كأسٌ شربناها ، فأصاب رؤوسنا دوارٌ كما حالهم حين يسكرون ، وأن الحال ألفناها وعلى  ظلالها يتفيؤون ، لكنهم نسوا … نسوا أن  شريف مكة  زرع  روح الثأر في حدائق عزيمتنا ، ونور الأمل في صدورنا ، والتضحية في عروقنا  ، ونحن وإن صبرنا وحلمنا ، فهو إكراماً لوريث الثورة ، وانتصاراً لتاريخ عائلته المشرق ، فهم علمونا كيف نثور ، وكيف نصبر ، وليس كمـا يعتقد المتوهمون .