الهويه الوطنيه والمشروع الوطني في الاردن


الحلقه (1)

أولا: السياق التاريخي للمشروع
لقد كانت الدولة الأردنية الحديثة نتاجا لمشروع نهضوي عربي ممثلاً بالثورة العربية الكبرى والتي كان هدفها تحرير العرب من الحكم التركي وإقامة دولة عربية تضم سوريا الكبرى وأجزاء من جزيرة العرب ، إلا أن هذا المشروع واجهته عقبات منعت من وصوله إلى أهدافه ، وفي مقدمتها وقوف القوى العظمى ممثله بكل من فرنسا وبريطانيا ضد هذا المشروع وتقسيمها المنطقة العربية إلى مناطق نفوذ بريطانية وفرنسية من خلال ما عرف باتفاقية سايكس بيكو عام 1916 ، وكذلك تآمر بريطانيا مع الصهيونية العالمية من اجل إعداد فلسطين لتكون وطناً لليهود وذلك بموجب وعد بلفور عام 1917 .
لقد كان المشروع الهاشمي الذي طرح إبان الحرب العالمية الاولى وبعد الثورة العربية الكبرى مشروعاً متحركا على سطح بحر هائج ، أي ان منطقتة الجغرافية والبشرية التي يستند عليها هذا المشروع كانت غير مستقره لتآمر الدول الكبرى المؤثره عليه ، ففي البداية فان هذا المشروع اسس له قاعده في مكه بقيادةقائد الثوره العربيه الكبرى الشريف حسين استندت على جناحين الاول في سوريا وتحت مظلة الملك فيصل والأخر كان في الحجاز وتحت مظلة الملك علي ، كذلك فقد كانت الجغرافيا التي يستند عليها هذا المشروع والتي تمثل الاساس له غير مستقرة ايضا ، ففي عام 1925 انهارت مملكة الحجاز لمصلحة آل سعود، وبالتالي فقد المشروع قاعدة جغرافية وبشرية أساسية له ، وفي عام 1920 قام الفرنسيون بإسقاط الحكم ألفيصلي في سوريا ففقد هذا المشروع منطقته الجغرافية والبشرية في سوريا وانتقل الى العراق ،والذي تم توحيده تحت لواء الملك فيصل الأول ، وفي عام 1921 دخلت الأردن كأحد الأسس لهذا المشروع عندما قدم الأمير عبد الله الأول إلى الأردن بقصد التعبئة والتوجه إلى سوريا لاستعادتها ، إلا أن معارضة كل من بريطانيا وفرنسا لهذه الخطة جعلته يستقر في شرق الأردن ويشكل إمارة شرق الأردن عام 1921 ، وبالتالي تمكن من إخراج شرق الأردن من مظلة وعد بلفور في ذلك الوقت،
هذا بالنسبة للجغرافيا أما بالنسبة للسكان ، فقد كانت الكتلة الديموغرافية المشكلة لهذا المشروع متحركة وغير مستقرة ايضا ، ففي البداية استند هذا المشروع على الحجاز ثم امتد إلى سوريا ، ثم عاد وتراجع عن سوريا وانتقل الى العراق ومن ثم دخلت شرق الأردن ضمن قواعد هذا المشروع ، لذلك فان الكتلة البشرية لم تكن مستقرة فقد كانت تتسع أو تضيق وحسب المتغيرات التي تحدث في المنطقة واهداف الدول الاستعماريه ممثله ببريطانيا وفرنسا ، وهذه الدول كانت اللاعب الرئيس في منطقتنا وبخاصه في النصف الأول من القرن العشرين ، ولاحقا أصبحت الولايات المتحده الامريكيه و الصهيونية العالمية لاعبين أساسيين في هذه المنطقة .

ثانياً : مراحل تطور المشروع
. وأما بخصوص المشروع الوطني الأردني فان هذا المشروع ببعديه الديموغرافي والجغرافي ظل مستقراً ومنذ تأسيس الإمارة عام 1921 وحتى عام 1948 ، إلا من عدد قليل من النخب التي كانت تشكل العمود الفقري للإدارة وجزء من النشاط الاقتصادي والتجاري والتي قدمت من بلاد الشام (سوريا،لبنان،فلسطين) . وأما في عام 1948 فقد أختل العامل الديمغرافي في المملكة الأردنية الهاشمية ، وذلك بسبب نزوح مئات الآلاف من الفلسطينيين إلى الأرد ن . وفي عام 1950 فقد طرأ عامل جديد على الهوية الوطنية الأردنية جغرافيا وديموغرافيا وسياسيا ودستوريا عندما أعلنت الوحدة ما بين الأردن والضفة الغربية ، وهنا بدأت تتشكل ملامح لهوية وطنية جديدة مستمدة من البعدين الأردني والفلسطيني وقبل أن تستقر هذه الهوية الجديدة ،فقد عادت وتخلخلت مرة أخرى في أعقاب حرب 1967 واحتلال إسرائيل للضفة الغربية ، أن هذا الاحتلال ومع تأثيراته على مسيرة الهوية الوطنية لسكان الضفة الغربية ، إلا أنة من الوجهة الدستورية والقانونية فلم يتمكن من تغيير أية معطيات كونه قوة احتلال وحسب مفهوم القانون الدولي ، وبقي هذا الأمر حتى عام 1974 عندما اتخذ مؤتمر القمة العربية في الرباط قراره الشهير ، بأن منظمة التحرير الفلسطينية تعد الممثل الشرعي والوحيد للفلسطينيين ، وبالتالي فإن هذا القرار الذي يعد من أخطر القرارات التي واجهتها الهوية الوطنية الأردنية ، لأنها أخرجت نصف السكان ومساحة من أراضي المملكة من نطاق ولاية الدولة الأردنية السياسيه، وقد بقيت الهوية الوطنية ورغم هذا القرار العربي مستقرة دستوريا وحتى عام 1988 عندما أعلن المرحوم الملك حسين فك الارتباط الإداري والقانوني مع الضفة الغربية من المملكة الأردنية تحت ضغوطات منظمة التحرير الفلسطينية والعديد من الدول العربية ، لقد كان فك الارتباط هذا قرارا باتجاه المجهول ، ففك الارتباط الإداري والقانوني لسكان وأرض عن دولة ينبغي أن يكون لمصلحة دولة قائمة أو مشروع دولة ترغب تقرير مصيرها لتعبئة الفراغ القائم ، وفي محصلة القول فان منظمة التحرير الفلسطينية لم تكن في ذلك الوقت مؤهلة قانونيا أو فعليا لتعبئة الفراغ على الرغم من إعلان ياسر عرفات عام 1988 عن قيام دولة فلسطينية بطريقة مسرحية ، ونحن للآن وبعد اثنين وعشرين عاما من إعلان عرفات وبعد اكثرمن 16 عاما من اتفاقيات اوسلو ،فلا نرى أية بوادر حقيقية لقيام دولة فلسطينية حقيقية قابلة للحياة .
*محافظ سابق



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات