رحيل نصيرة فلسطين الناشطة الأمريكية ماري ثومبسون


رحلت مساء يوم الجمعة الماضي 4 / 2 / 2021 الناشطة الأمريكية من أصولٍ بريطانيّة ماري هيوز تومبسون عن عمر82 عاماً قضت جله في مناصرة مأساة الشعب الفلسطيني والدفاع عن قضاياه العادلة حيث غيبها الموت بعد معاناة مجهدة مع مرض السرطان تاركة خلفها مسيرة حياة نضالية حافلة قضتها مدافعة عن القضية الفلسطينية ومتحدية إرادة وبطش الاحتلال الصهيوني فضلا عن إيمانها المطلق بحق أصغر طفل فلسطيني في الحياة الكريمة والعيش بأمن وسلام وحرية وإيمانها بحق الشعب الفلسطيني الطبيعي في المقاومة المشروعة والعودة والدفاع عن أرضه ووطنه بكل السبل المتاحة حتى الخلاص النهائي من الاحتلال الغاصب

بدأت ثومبسون بتأييد حقوق الشعب الفلسطيني منذ عام ١٩٦٠ حيث كانت تتمنى ان ترى فلسطين دولة حرة مستقلة دون احتلال وقد مارست تعاطفها ونضالها بتحدي دائم وثبات راسخ حيث عرف عن الراحلة ثومبسون دعواتها المستمرة لتنظيم المسيرات لفك الحصار عن قطاع غزة وتقديم المساعدات للمواطنين وتمكينهم من السفر عبر المعابر للعلاج والدراسة والزيارات إضافة إلى قيادتها للنشطاء العالميين ومشاركتها الشخصية في الكثير من المسيرات التضامنية في مناطق مختلفة من الضفة الغربية لحماية المزارعين وممتلكاتهم من عدوان وهمجية المستوطنين وسطوة جيش الاحتلال حيث تعرضت في إحدى المرات لكسر في ذراعها في قرية يانون بمحافظة نابلس نتيجة اعتداء المستوطنين عليها بعد محاولاتها مع عدد من نشطاء السلام الدوليين منعهم من الاعتداء على المزارعين الفلسطينيين في موسم قطاف الزيتون لعام ٢٠٠٢

شكلت وفاة الناشطة ثومبسون المدافعة الأمينة والصارمة في هذا الوقت خسارة كبيرة للشعب الفلسطيني اولا وللحركة التضامنية الدولية ثانيا لما تحلت فيها من مكانة عالمية متميزة وعلاقات منتشرة كانت من خلالها قادرة على نقل معاناة الشعب الفلسطيني وتقديم أجندتها بنصرته ودفاعها المتواصل عن قضاياه العادلة عبر المشاركة المستمرة في الفعاليات الشعبية والتصدي لقطعان المستوطنين واعتداءاتهم وتقديم رسالة إعلامية واضحة ومنظمة حول جرائم الاحتلال في الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا

وقد ودعها معظم أبناء الشعب الفلسطيني الأوفياء والشرفاء بقلوب ملؤها الحزن والآسي حيث وجدوا في رحيلها رحيل جزء منهم وهم يستذكرون بكل صدق وأمانة صديقة فلسطين ماري تومبسون والتي قضت جل حياتها متضامنة مع قضايا العدل والحرية ومن المهم هنا ان نبين للتاريخ والحقيقة ان الناشطة الأمريكية ثومبسون كانت تعمل بصمت وطوال حياتها كانت من أبرز المتضامنين مع القضية الفلسطينيّة حيث كانت بارزة في وسط كل الحراكات لكنها كانت بعيدة عن الإعلام ولا تحب الظهور والاستعراض

كما كانت دائما من الرواد المؤمنين بضرورة فك الحصار عن غزة وأصرت على دخولها مع رفاقها علي متن سفينتين متحدين بقناعة ثابتة المحتل والظلم ومضحين بأرواحهم في سبيل إعلام العالم بان هناك ٢ مليون فلسطيني في غزة يعيشون الظلم والحصار والموت حينما كان هناك مجموعة من النشطاء لديهم فكرة كسر الحصار الإسرائيلي الذي فُرض على قطاع غزّة عن طريق البحر بواسطة القوارب وقد تم التحضير للعملية ودعمها بزخم إعلامي دولي لفضح ممارسات الاحتلال حتى ولو تم منعهم من الوصول إلى شواطئ القطاع المحاصَر منذ عام 2007

عقب ذلك أعلن هؤلاء النشطاء ومن ضمنهم الناشطة ماري تأسيس حركة " غزّة الحرة " وبدأوا يتواصلون مع عديد النشطاء من مختلف دول العالم للتحشيد لهذه الفكرة في المقابل تأسست في غزة اللجنة الدوليّة لفك الحصار بمتابعة الدكتور الراحل إياد السراج ومجموعة من نشطاء المجتمع المدني وباشروا بارسال الدعوات لاعضاء حركة "غزّة الحرة" لاستقبالهم في غزة

ماري تومبسون صاحبة الضمير الحي والقلب الكبير والإنسانية العظيمة التي كانت دوماً في خط معادي للديكتاتورية والعدوان ومنحازة لبسطاء الناس حين مقتت المحتل والظلم وأحبت أطفال فلسطين كأحفادها وصنعت لهم ألاف الشالات والأحذية الصوفية وحملت الأدوية والحليب والملابس والطعام والشراب وكانت حاضرة حتى النهاية في قلب نشاطات التضامن مع الفلسطينيين التي أقيمت في كاليفورنيا وأثناء زياراتها السنوية لمنشستر في بريطانيا كانت تلتقي مع نساء وجدات وتنظم مجموعات عمل مؤثرة من اجل نصرة فلسطين ونشر معانات ابنائها

الراحلة ماري كانت أحد أعمدة النضال التحرري بفكرها ووعيها ونشاطها وقناعاتها تمثل آلاف من النشطاء الدوليين الذين يتضامنون ويساندون ويدعمون حقوق الفلسطينيين على طريق الكفاح والنضال طويل المدى وهم يؤكدون دائما أن الشعب الفلسطيني ما زال يعيش قضية تحرر وطني وله قضية سياسية وليست قضية إنسانية تحتاج إلى عطف ومساعدات أو شفقة وهو يتابع نضاله في سبيل تحقيق الحرية والاستقلال والسيادة والديمقراطية والعدالة الاجتماعية

ما يعزيني أصدقاء وأحباء الناشطة الأمريكية ماري تومبسون انها رحلت وهي تطلق العنان لصلابتها وقوتها وتناضل وتكافح في سبيل مبادئها في هذه الظروف الصعبة كما كانت سعيدة بما صنعت وقانعة بكل ما تؤمن به اتجاه شعب اعزل يتعرض لأسوأ وأبشع أنواع الحصار ومرارة وصعوبة الكفاح والنضال في ظل الاضطهاد والتنكيل والتضييق والقتل المجنون والمتواصل للناس الأبرياء بسبب الإرهاب الدموي الذي تمارسة اسرائيل ناهيك عن الاحتلال البغيض بأقصى صور الإجرام في التاريخ الحديث

ستبقى ماري إيقونة النضال والوفاء بذكراها الطيبة التي تعيش مع الفلسطينيين تفاصيل حياتهم والذين عرفوا أهمية دورها الرائد في فترة النضال الصعبة خاصة وانها رحلت دون أن تبلغ ذلك الحلم المتجدد باستمرار بان ترى فلسطين بدون مستوطنات ومستوطنيين ومحتلين

لقد استمرت الفقيدة في نضالها ونشاطها لآخر لحظة في حياتها وقد كانت مثالاً للحيوية وقدمت في ذلك درساً مضافاً لتأريخها المشرف الذي نتشرف به ولتتعلم منه الأجيال وهاهي اليوم تغيب احبائها في جسدها فقط لأنها ستبقى دائماً وأبداً في قلوب الفلسطينيين ووجدانهم وتاريخهم نجمة مضيئة على طريق كفاحهم ومسيرة مقاومتهم كمثالاً وقدوة يحتذى بها للمرأة المناضلة والمثابرة والصلبة حتى الوصول إلى التحرير والاستقلال المنشود

ماري تومبسون ليست مجرد صورة وقصة بطولة لانتماء صلب لا يتفتت وإيمان عميق لا يتزحزح إنها المثال الأبرز والصورة الحقة للمرأة الاممية المناضلة والمقدامة التي ضحت بالغالي والنفيس في سبيل الحق والعدل وما تؤمن به من مبادئ إنسانية نبيلة كاحد النساء الرائدات في العالم من أجل تحقيق مجتمعات الحرية والكرامة

لروح فقيدة فلسطين السلام ولذكراها العطرة باقات الورد والاحترام



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات