مسن فلسطيني بمقاومته الاحتلال يعري المتخاذلين


قالت العرب قديما الشيء من معدنه لا يستغرب بزيه الفلسطيني التقليدي " القمباز " الذي يمثل جزء من ارث الأرض والشعب وبحطته وعقاله شرف الرجولة والإباء وبالحجر والمقلاع سلاحا وعتاد وبشيبته وهيبته التي تحدى بها المحتلين الطغاة وبسمرته التي لوحتها شمس الصمود والعنفوان وبرشاقته وخفته في الدفاع عن ارض فلسطين ومواجهة المغتصبين وبروح المقاومة والإقدام التي انغرست في إرادته وقلبه وعينيه وبجسارته وجراءته في الاشتباك مع الجنود الخصيان ورعاع المستوطنين وضمن مشهد ألهب مشاعر كل من شاهده وكأنها رسالة مفتوحة للعالم بأسره أن حق الفلسطينيين عبر الأجيال ( يحميه الصغير قبل الكبير والكبير قبل الصغير ) بلا استثناء وهم يدافعون عنه ويهبون أرضهم أثمن التضحيات وأعز ما في الحياة

على طريقتها الخاصة استقبلت بلدة دير جرير الفلسطينية شمال شرق مدينة رام الله وسط الضفة الغربية المحتلة العام الجديد بمشاهد تعيد إلى الأذهان انتفاضة الحجارة الأولى عام 1987 حيث خرجت البلدة بشيبها وشبانها لمواجهة جنود الاحتلال الإسرائيلي دفاعا عن أراضيهم ومزارعهم في منطقة جبل الشرفة الذي صادر الاحتلال ما يقارب 18 ألف دونم من أراضي القرية في وقت سابق وألان يخطط لإقامة بؤرة استيطانية ويحاول السيطرة على آلاف الدونمات من الأراضي الزراعية التابعة للقرى والبلدات الشرقية ومؤخرا أجلت قوات الاحتلال العشرات من العائلات البدوية المقيمة في المنطقة وأجبرتها على المغادرة بعد أن هدمت خيامها ومنشآتها الزراعية

في مقدمة المشهد الحراكي سطع نجم المسن الفلسطيني ( الحاج سعيد عرمة أبو العبد ) 51 عام الذي يعمل سائق حافلة بإحدى مدارس البلدة والذي عرض نفسه للمخاطرة بمشاركته في التصدي لقوات الاحتلال وقطعان المستوطنين لإفشال محاولاتهم المتواصلة للسيطرة على أراضي المواطنين ودون أي اعتبار منه لعمره أو لباسه التقليدي الذي يلتزم به دائما ويرفض التخلي عنه وهو يقول هرعت الى مكان المواجهات مع الشبان دفاعًا عن أرض عائلتي وأراضي قريتي حيث صنعوا لي مقلاعًا صغيرا لقذف الحجارة باتجاه الجنود الذين يواجهوننا بالرصاص ولم أخشَ الاحتلال أو الإصابة وكرر هذا ليس ضمن حساباتي الشخصية فبعد ( ضياع أرضنا لا قيمة لنا )

وقد لاقت صور وفيديوهات الشيخ الفلسطيني وهو يشارك بهمة وشجاعة ثناء ودعم واسعين عبر المنصات حيث كتب مغردون عبارات وجهوا عبرها التحية لليد التي تقاوم عدوها ولشجاعة الفلسطيني رغم كبر سنه وهو يتقدم الصفوف أمام الشباب والأطفال ليكون قدوة لهم ويضيف المسن المقاوم نحن الجيل المتقدم لنا تجربة مع الاحتلال وعاصرنا الانتفاضة الأولى وانتفاضة الأقصى ونطالب الشباب دائما أن يكونوا يقظين وجاهزين لمواجهة الاحتلال في الميدان وان مقاومة الاحتلال غير مرتبطة بالسن لشاب أو فتاة أو شيخ وعلى الجميع أن يقاوم ولا مجال للخوف والتراجع عن هذ الدرب الصعب والطويل

وفي مقابلات صحفية منذ أيام وعلى الرغم من كبر سنه أعتبر عرمه نفسه جنديا مجندا للدفاع عن أراضي قريته ولم ينسى " أبو العبد " أن يتوجه برسالة إلى جيل الشباب الثائرين بقوله نشد على أيديكم أن تحافظوا على وطنكم وأرضكم فالأرض فوق كل شيء وهي العرض والشرف والدين ولن نفرط بها نهائيا وقد يكون البعض منا في حالة سبات لكنه سيصحو في النهاية وأعرب عن أمله بتحقيق المصالحة وتوحد الفصائل الفلسطينية وأن تكون بندقيتها مصوبة نحو العدو الصهيوني لأن الاحتلال لا يفهم إلا لغة القوة وأن بعض الناس تهاونت في هذه القضية وداعا إلى الرد بالمثل وأكثر وعدم الاكتراث للاحتلال وقوته وسطوته وعنجهيته

صورة الشيخ عرمه وهو يقفز ويستحكم كانت أشبه بقناص ماهر يصوب حجارته ناحية جنود الاحتلال الذين يقابلونه بإطلاق كثيف للرصاص وديدنه الصمود في وجه النار لطرد من جاؤوا لسلب الأرض وسرقة خيراتها وسيظل ببطولته وتحديه أيقونة مشرقة في تاريخ شعب الجبارين تعبر عن شدة عزيمته وقوة إرادته وحيويته وبسالته في مواجهة الاحتلال المستبد

ومن فخر القول والزهو به أن المسن عرمه وأولاده يتواجدون في خطوط المواجهة مع الاحتلال في بلدة دير جرير التي يقدر ( عدد سكانها بنحو 6 آلاف نسمة ) وهناك غيره من من الأهالي من شارك هو وأولاده وأحفاده أيضا وأبو العبد أب لستة من الذكور وثلاثة إناث وله حفيدة ولم يسبق أن تعرض للاعتقال أو الإصابة لكن تعرض بعض أولاده لإصابات طفيفة بالمطاط في أحداث سابقة ومنذ بداية احتلال الضفة الغربية عام 1967 صادرت قوات الاحتلال الإسرائيلي ما يقرب من 150 دونم من أراضي عائلة الحاج سعيد عرمه وإقامة عليها العديد من المستوطنات

ومع خيوط فجر يوم الجمعة الماضي داهمت قوة عسكرية إسرائيلية منزل الرجل المسن سعيد عرمه في قريته دير جرير وعبثت بمحتوياته قبل تكبيله وتعصيب عينية واقتياده إلى جهة مجهولة بعدما ظهر في الأسبوع الماضي في عدة صور ومقاطع فيديو ونشرات إخبارية محلية وعالمية وهو يرمي الحجارة بواسطة مقلاع يدوي تجاه قوات الاحتلال وان اعتقاله لهذه الدواعي الوطنية يمثل إفلاساً وفشلاً في النيل من عزيمة الشعب الفلسطيني المقاوم

الحاج سعيد عرمه الملقب بشيخ الجبل وإيقونة المواجهات وباستجابته الطبيعية لنداء الأرض المسلوبة والمهددة بالمصادرة رسخ شعور عدم الخوف وعزز إرادة الرباط على الأرض المغتصبة في وجه الاحتلال ووثق ان فلسطين عربية وعاصمتها القدس وان الدفاع عن الأرض لا يقتصر على الشباب فحسب وكل شرائح المجتمع مطالبة بالدفاع والمشاركة حتى نساء والأطفال ومهما طال الزمان سوف تتحرر فلسطين بالدماء والتضحيات والمقاومة

وفي الختام نقول للحاج عرمة سلمت يداك فأنت من شعب يرفع الرأس لا يخاف من الاعتقال او الإصابة او الاستشهاد وهو مرابط، وصابر ومقاوم وسيبقى كما هو ويزداد قوة وعزيمة في الدفاع عن وطنه وأرضه ورغم الاعتقال والسجن والتهجير ورغم انف صهاينة الداخل والخارج سيبقى شرفاء فلسطين يقاومون ما بقي الزعتر والزيتون ولينعم الحاج المقاوم سعيد عرمه بشرف الثبات والفداء والبطولة خاصة وانه لا يرى في نفسه من ( طعون السن سوى عباءة ولحية بيضاوين وما دون ذلك فهو شاب ) قد ابهر الملايين في دفاعه عن أرضه التي يغزوها المحتل الغاشم
mahdimubarak@gmail.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات