الصواريخ الإيرانية اخطر من البرنامج النووي


استطاعت ايرأن خلال السنوات القليلة الماضية تطوير عدة برامج صاروخية دقيقة وبعيدة المدى حيث يمكن لبعضها أن يصل الى بعض الدول الأوربية والى جميع الدول في منطقة الشرق الأوسط وقد تميزت بدقة التوجيه والتصويب وبدى ذلك واضحا خلال استهداف القاعدة الأمريكية في العراق ( عين الأسد ) في ردها على مقتل قائد " فيلق القدس " قاسم سليماني ما خلق قلقاً غير مسبوق لدى تل أبيب وواشنطن وبعض الدول الخليجية والسؤال المبدئي لماذا الخوف من البرنامج الصاروخي الإيراني والهجمات بطائرات من دون طيار ولماذا تعتبر مسألة الصواريخ الموجهة بدقة أخطر بكثير على المدى القصير والمتوسط من الأسلحة النووية

الحقيقة العلمية والتقنية والعسكرية تؤكد انه فيما لو امتلكت إيران قنبلة نووية يوما ما ( وهي في طريقها إليها والأمر مسألة وقت فقط ) عندها ستحتاج إلى سلاح جوي لاستخدامها وحيث ان إيران تمتلك سلاح جوي يتكون من طائرات قديمة وعتيقة وليس لديها القدرة على المواجهة والمناورة كما يمكن إسقاطها بسهولة في أي معركة جوية محتملة امام طائرات حديثة ولهذا اعتمدت طهران على إنتاج نسخ متطورة جدا من الصواريخ الباليستية دقيقة التوجيه وذات قوة تدميرية كبيرة لحماية نفسها وتحقيق الردع المطلوب

ولا زال في الذاكرة مستوى الصواريخ تلك التي قصفت بها ايران مدينة بقيق السعودية في أيلول عام 2019 حين استهدفت حقول النفط ومراكز المعالجة وتسببت بإحداث أضرار جسيمة وخطيرة ( أطلقت إيران حينها 20 طائرة من دون طيار وعدد من صواريخ كروز بعيدة المدى ) حيث حلقت على ارتفاعات منخفضة للغاية دون أن يتم اكتشاف إقلاعها ولا هجومها بواسطة الرادارات السعودية أو الأمريكية مما يعزز قدراتها القتالية العالية وتقنياتها المتميزة ولا يفوتنا أيضا التذكير بالهجوم المتكرر على السفارة الأمريكية في بغداد بذات النوع من بعض تلك الصواريخ وغيرها

لم تفلح واشنطن خلال العقدين الماضيين في منع الأسلحة الإيرانية الذكية الصغيرة والكبيرة من التكاثر والانتشار وحتى الوصول الى أهدافها ( ألفي كيلومتر مداها ألان ) وقد باتت تشكل تهديد وخطر حقيقي لإسرائيل والقواعد الامريكية وبعض الدول المجاورة ومن الجدير ذكره ان برنامج الصواريخ لم يكن محل نقاش او جدل حين وقع الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما الاتفاق النووي مع طهران في عام 2015 ولم يكن محل خوف واعتبار لكنه ألان سيكون ملف أساسي وفي مقدمة أي اتفاق لاحق بين واشنطن وطهران

الصواريخ الإيرانية المتطورة وحتى الروسية الصنع منها مثل ( كورنيت ) وصلت معظم أنواعها إلى أيدي وكلاء ومناصري إيران من المليشيات العسكرية في المنطقة المستعدين لأي تعليمات وفي الآونة الأخيرة حذرت حركة أنصار الله اليمنية من مغبة القيام بأي عمل عدواني ضد اليمن وإنها سترد بقصف أهداف حساسة في العمق الإسرائيلي بالصواريخ البالستية واستهداف النقل البحري الإسرائيلي المار في البحر الأحمر عند حدوث أي صدام بين إسرائيل وإيران أو امريكا وفي المقابل يمكن إطلاق صواريخ دقيقة التوجيه من قبل حلفاء إيران الأوفياء جدا في لبنان أو سوريا أو العراق أو غزة أو أي مكان آخر وفي أي وقت وسوف تتسبب في إلحاق خسائر فادحة ومؤثرة على الجبهة الداخلية الإسرائيلية

القوة الصاروخية الإستراتيجية الهامة بين يدي طهران ويمكن توظيفها لإطلاق رؤوس حربية نووية في المستقبل وطيلة صراع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع ايران حول برنامجها النووي لم يقدم حلولا لمعالجة ( أزمة الصواريخ الإيرانية ) التي هي جزء أساسي من المشكلة سوى الصراخ والتصريحات بالتهديد الأجوف والطلب غير الواقعي بأن تتخلى إيران عنها بشكل كامل ( وهو أشبه برجاء منه قوة قرار واجب التنفيذ )

الواقع العملي يجعل خيار التخلي بشكل تام عن برنامج ايران الصاروخي غير ممكن وحتى ان تتراجع عن قدراتها المكتسبة مستحيل لضرورتها القصوى لغايات تحقيق التوازن في الدفاع والردع في أي مواجهات محتملة اة تهديد متوقع ومن المهم اليوم لأمريكا مع قدوم الرئيس بايدن إقناع إيران بعدم تطوير ( صواريخ باليستية عابرة للقارات ) ومحاولة تثبيت الحد الذي وصلت إليه الآن والحرص على عدم تجاوزه

ورغم استبعاد ان تقبل إيران الوقوف عند مثل هذا الحد في اي اتفاق مكتوب أو تذعن لأي قيود أو مراقبة ما لم تحصل على شيء في المقابل ( كمقايضة مجزية ) لتحفيزها للوصول لاتفاق حول برنامجها الصاروخي حيث تمتلك إيران ( ثمانية من أنظمة الصواريخ الباليستية البالغ عددها 13 ) وفي المحصلة ينبغي لأمريكا التركيز على أخطر الأنظمة الصاروخية لديها ومحاولة تحييدها

الرئيس الأمريكي المقبل بايدن سيسعى رغم المعارضة الواسعة لتوجهاته محليا وإقليميا إلى إعادة إحياء وتأهيل الاتفاق النووي الإيراني وفق أسس ومعايير جديدة تعكس عمق التحولات التي جرت في هذا الملف وما فيه من خطورة كبيرة على أمن إسرائيل وحلفاء امريكا والقواعد العسكرية في المنطقة وربما تكون من أن أبرز الشروط الأمريكية المطلوبة هي تخلي ايران عن برنامج الصواريخ البالستية ووقف أي جهود لتطوير البرنامج النووي

هنالك جهات عديد وفي مقدمتها إسرائيل وغرابها النتن ياهو الذي لديه وسائل كثيرة للتأثير على الحسابات الأمريكية والإيرانية منها التهديد الدائم بضربات جوية إسرائيلية على البرنامج النووي الإيراني حيث سيعمل بكل قوة لعرقلة نوايا وسياسات الرئيس بايدن للتقرب من إيران والعودة إلى الاتفاق النووي الذي ألغاه ترامب والكثيرون سيطالبونه بالمحافظة على النفوذ المتفوق الذي اكتسبته الولايات المتحدة في السنوات السابقة ( عهد ترامب ) وبما يجبر إيران على الكشف عن التفاصيل الكاملة لعملها المتعلق بصناعة الأسلحة الصاروخية وخفايا برنامجها النووي

والمعارضون والكارهون لطهران سيزيدون في الاتهام والشك بان الإيرانيين ( بحسب رائهم ) بمجرد أن يحصلوا على موافقة أمريكية من الرئيس بايدن بتخفيف العقوبات على الملف النووي والسعي لبناء شراكات اقتصادية تحقق الاستقرار الجزئي لإيران بعد سنوات عجاف من التصعيد والتوتر التي عاشتها سيكونون معها أقل استجابة لتقديم أي تنازلات في برنامجهم الصاروخي والنووي

وفي المقابل تصر وتطالب إيران بتخفيف العقوبات الاقتصادية المشددة في مجالات الطاقة والتصنيع وتحرير الأرصدة المالية وغيرها فضلا عن توقيع اتفاقية جديدة تكون ملزمة قانوناً على المستوى البعيد بعدم امكانية إلغاؤها بنفس السهولة التي ألغى بها ترامب سابقتها بجرة قلم وبقرار منفعل ومنفرد ومتسرع
mahdimubarak@gmail.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات