الامة اهم من الاشخاص مهما كانت مراكزهم


" ان الامة اهم من الاشخاص مهما كانت مراكزهم .."
رحمة من الله وبركاته على صاحب هذا القول المغفور له الحسين بن طلال طيب الله ثراه وعطر الله ذكراه .
استحضرت اقوال المغفور له في الامة والاشخاص وانا اقرأ ما نشره موقع "ويكيليكس" الشهير الذي كشف عن وثائق هامة وسرية ومنها مراسلات وتقارير السفارة الامريكية في عمان الى الخارجية الامريكية في واشنطن...
والعظماء دائما ما يستحضرون باقولهم ومواقفهم عند الملمات والمصائب والمخاطر عندما تداهم الامة والوطن ، ولا سيما عندما يكون لبعض الساسة دور في هذه المخاطر والملمات على الوطن والامة.
ربما للمرة الثانية التي اشعر بهواجس الخطر الحقيقي تداهم وطني وابنائي واحفادي وكل حي ينبض بتراب الوطن وانفاسه، من خلال افكار البعض وسياساتهم واندفاعاتهم ومصالحهم الشخصية ، في المرة الاولى كان التوطين وما كتبت به سابقا وهو خطر مازال قائما على الاردن وعلى الفلسطين وعلى الامة معا ، وفي هذه المرة ارى ملامح الخطر نفسه عبر نصائح للامريكان بضرب ايران كشفها موقع ويكيليكس على لسان مسؤول اردني رفيع جدا له دور كبير في رسم السياسات .
نعم اشعر اننا اصبحنا في بؤرة خطر داهم لا مصلحة لنا به دفعنا له عبر حديث كان يعتقد انه سري للغاية واذ به على الملا في العالم كله يزجنا الى نفق بنصائح وتحريضات يدخلنا بها في خطر لا ناقة به ولاجمل ، بل ولسنا حمل لهكذا نصائح من مسوؤل قيادي وسياسي كان في حينه على راس عمله.
خطر عظيم لسنا بحجمه ، خطر غير قادرين على دفعه، يخص معادلات دولية معقدة ومتشابكة فيها مصالح دولية قابلة للتسوية او الانفجار المرعب بين ايران وامريكا واسرائيل وتقاسم النفوذ والمصالح ، فما هي مصلحة الدولة والوطن في ذلك يا صاحب الدولة ؟!
وما علاقة شخصية رفيعة ومخضرمة كانت في حينة في موقع رئيس مجلس الاعيان الذي هو مجلس الحكماء ونخبة المستشارين للملك في هذا الصراع المصلحي المرعب ، واذا كان ولا بد من راي فليكن مقاربات وحلول تفاوضية كما اعلنت القيادة الاردنية على لسان مليكها وليس نصائح وتحريضات على ضرب ايران ؟!
تسابقت المواقع الالكترونية الى نشر ما قاله نقلا عن موقع "ويكيليكس" الشهير الذي كشف عن وثائق هامة وسرية ومنها مراسلات وتقارير السفارة الامريكية في عمان الى الخارجية الامريكية في واشنطن ومن هذه التقارير ما اشير اليه بالوثيقة سري للغاية نقلا عن رئيس مجلس الأعيان في حينه زيد الرفاعي وتحديدا في (2 نيسان 2009) حيث ورد " تنبأ رئيس مجلس الأعيان أن الحوار مع إيران لن يصل إلى نتيجة. وقال إنه إذا اتفقت أمريكا والاتحاد الأوروبي والعرب على انه لا ينبغي السماح إيران تحت أي ظرف بامتلاك سلاح نووي فإن القوة العسكرية تصبح الخيار الوحيد. "اضربوا إيران، أو تعايشوا مع قنبلتها. العقوبات والجزرات والحوافز ( الترغيب والترهيب ) لن تترك أثراً." وحسب الوثيقة فإن الرفاعي قال ذلك مكررا للمبعوث الأمريكي ديفيد هيل في شهر تشرين الثاني ايضا - وحسب الوثيقة- اضاف أنه ورغم النتائج الكارثية التي ستتركها الضربة على المنطقة فإن منع إيران من امتلاك أسلحة نووية يجعل الأمر يستحق ذلك "
المصدر الحكومي الاردني الذي نقلته وكالة بترا الرسمية كان مرتبكا للغاية حين برر الموقف واصفا ما ورد في الوثائق التي نشرها موقع ويكيليكس حول الأردن بانه يعكس تحليلات مسؤولين أميركيين وقراءاتهم وتحليلاتهم، أو قراءاتهم المجتزئة.
وواقع الحال الوارد في الوثائق كان واضحا حين ذكر الكلام المنقول على لسان رئيس مجلس الاعيان ذاكرا ذلك صراحة بانه نقلا عنه بينما حين قدم تحليلا للسياسة الاردنية منفصلا عن اقوال الرفاعي كان واضحا في وصف ذلك بالتحليل ، حيث يورد ما نصه في معرض التحليل " الاستعارة التي يستعملها المسؤولون الأردنيون عادة عندما يناقشون موضوع إيران هي تشبيهها بأخطبوط تمتد أذرعه لتدير وتحرض ضد وتنقض أفضل الخطط التي يعدها الغرب والمعتدلون في المنطقة. وأذرع إيران تشمل حلفاءها قطر وسوريا، وحزب الله في لبنان، وحماس في الأراضي الفلسطينية، والحكومة العراقية التي تعتبر أحياناً كداعم لإيران، والتجمعات الشيعية في امتداد المنطقة." ولم ينسى ان يذكر ان هذه الوثيقة قد صنفت سرية بناء على طلب السفير الأمريكي في عمان ستيفن بيكروفت.
الادارة الامريكية عجزت عن منع هذا الموقع من نشر هذه الوثائق ، ولم تستطع ان تفعل اكثر من الاعتراف بان ما حصل فضيحة ولا بد من فتح تحقيقات جنائية لمعرفة كيفية حصول الاختراق والحصول على هذه المعلومات الخطيرة ، مطالبا الخارجية الامريكية بزيادة الحماية الامنية للوثائق الاستخبارية التي ترسلها سفاراتها الى المركز في واشنطن
رئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو عقب على الوثائق بقوله لقد آن الاوان وعلى زعماء المنطقة والمسؤولين فيها الحديث علنا عن ضرب ايران وليس عبر نصائح في غرف مغلقة؟
الرئيس الايراني نجادا كان تكتيكيا في رد فعله استخدم الدهاء والتقية المبطنة واعتبر ذلك لعبة استخبارية لتخويف ايران ؟! وهو بهذا التصريح ليس بعيدا عن الدهاء السياسي ومنهجية التبطين او التقية ، فهو يريد ان يتظاهر بعدم القناعة بهذه الوثائق حتى لا يتحول الحديث والنصائح في الغرف المغلقة الى اعلان مواقف قد تشكل حشدا علنيا ضد بلاده كما يريد نتنياهو ويطالب به ، وهو في نفس الوقت اصبح على علم تام بما يضمر لبلاده وما يتم تداوله من نصائح في الغرف المغلقة لتتم المحاسبة على ذلك في الوقت المناسب الذي يختاره الايرانيون ؟
من هنا ارى الخطورة واستشعر عظم الخطر الذي اوقعنا به نصائح صاحب الدولة زيد الرفاعي والذي وصفته وسائل الاعلام بالتحريض لا سيما انه صدر من شخصية ليست عادية وليست ثانوية ولا حتى سياسية طارئة ولا ايضا سياسية رئيسة فقط بل هو شخصية سياسية فاعلة ودائمة لم تغب عن الساحة السياسية وصناعة القرار والسياسات الخارجية الا فترة مؤقتة في اعقاب انتفاضة الجنوب واحداثه وسرعان ما عاد رئيسا لمجلس الاعيان والى حين ما قدمه في هذه التصريحات الخطيرة علينا وعلى امننا ووطننا وامتنا ومصالحها؟!
والاهم ما هي مصلحتنا ان ندخل انفسنا نفقا وطرفا محرضا في معادلات دولية عجزت امريكا نفسها ان تحسم الموقف واخذت تستجدي وتستسمح ايران عبر تواصلات وتفاهمات لحل ملفها النووي ثم ياتي رئيس مجلس اعياننا ليقدم ما قدم ولياتي القدر بعد ذلك في كشف هذه التقارير وتعلن عبر موقع امريكي ؟!
زيد الرفاعي شخصية محورية في السياسة الاردنية استطاع ان يشكل امتداد سياسي توريثي من ابيه الى ابنه في حالة فريدة ليس لها مثيل على مستوى الحكومات ربما في العالم كله، وانحدر من عائلة سياسية ساهمت بشكل كبير في رسم السياسات الخارجية من خلال المواقع والمناصب التي تقلدوها، وقد انحدر من اب اشغل منصب رئيس حكومة عدة مرات في وراثة عائلية حكومية كان عظم تاثيرها انها كانت قادرة على ان تورث الحفيد سمير رئيسا للحكومة الحالية في تشكيلين متتابعين في حلقة عائلية والذي اشار المراقبون في اكثر من مرة بان والده زيدا هو مرجعيته التي يستمد منها المشورة والخبرة في سياساته وقراراته ؟!
والسؤال هنا:
هل كانت هذه النصائح في خدمة الوطن والدولة ؟
وهل كنا بحاجة الى مثل هذه النصائح واعطائها للامريكان ؟
وهل نحن بحاجة الى مزيد من الحروب والدمار ؟!
وماهي التبعات والعواقب والنتائج لو وقعت الحرب فعلا بناء على هذه النصائح ؟
والسؤال الاهم وبعد نشر هذه الاسرار والتحريضات :
الم يلحق بمصالح الدولة والوطن الضرر والاستعداء ؟
اليس الوطن والدولة اكبر من الاشخاص مهما كانت مناصبهم ؟
اليس الاجدر محاسبة السياسيين على اخطائهم لا سيما اذا كانت بهذا الحجم من الضرر الذي لحق بالبلاد ؟
الم تكن تلك النصالح خلافا للسياسات المعلنة التي اقرتها القيادة الاردنية ؟
ان تدارك الموقف لن يتم بالتصريحات المرتبكة والمتخبطة ، وما جرى على لسان دولة زيد الرفاعي لن يمر دون ردود وتداعيات وتبعات ولا بد من تشكيل لجنة موسعة تضم نخبة من الحكماء والسياسيين والحقوقيين والبرلمانيين وان يتم مناقشة ذلك واسعا لا سيما ان هذه النصائح من رئيس مجلس اعيان يناقض ما جاء من سياسات معلنة للاردن جاءت على لسان سيد البلاد ابا الحسين عبدالله الثاني واضحة في معالجة الملف الايراني ، ولتكن النتيجة واضحة حتى لو تم تحويل الملف الى القضاء حتى يكون الموقف واضحا وحتى لا نقع بهذه الاخطاء مرة اخرى... ولان الاوطان اكبر من الساسة لا سيما اذا اوقعوا بلادهم في الخطر والتخبط والارتباك ، ورحمك الله ابا عبدالله الحسين ونحن نستحضر اقوالك " ان الامة اهم من الاشخاص مهما كانت مراكزهم "

drmjumian@yahoo.com



تعليقات القراء

متابع
بالفعل هذا اضرار بمصالح المملكة وليس هناك من هو فوق القانون وذه التصريحات والنصائح يجب عرضها على القضاء
01-12-2010 01:27 PM
سالم ضيف الله العيفه
لقداحسنت واصبت الهدف مباشره وانني ادعوا كافة رجال القانون والحقوقيين ورجالات الوطن الشرفاء ان يقوموا باعداد لائحة اتهام قانونيه امام القضاء بحق رئيس مجلس الاعيان السابق الاب الروحي للاردن لتعريضه الامن الوطني الاردني للخطر والاضرار بمصالح الدوله والشعب سلمت يادكتور على هذا الطرح الجميل والتحليل المنطقي
01-12-2010 09:31 PM
ابو تامر
اثني على ما تفضل سالم العيفة ولا بد من وقفة مخلصة للوطن لدفع الاضرار الي الحقتها نصائح رئيس مجلس الاعيان الاسبق وجزا الله خيرا هذا الموقع المعطاء
02-12-2010 09:16 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات