نحــــــن أيضــــا" نحبــــــــــك"


لا تتسنى لنا الفرصة عادةً للوصول إلى عمّان.. لأننا لا نتلقى أية دعوة للحضور سواءً دعوات الدرجة الأولى أو الثانية أو حتى العاشرة، ولا تخصص لنا أية زاوية للجلوس ابتداءً بالدرجات الحجرية في استاد عمان مروراً بالمقاعد البيضاء والخضراء والزرقاء وصولاً إلى المقاعد الحمراء العزيزة، ولا يخصص لنا حتى مكان للوقوف خلف الحشود الجالسة، وربما لأن بعضنا لا يملك ما يكفي من القروش للوصول إلى عمان؛ لكن قلوبنا أكبر ونحن أيضا" نحبك وأكثر.
نحن الغائبون.. الحاضرون.. نحبك أكثر منهم جميعا"؛ لأننا نعلم يقيناً أنك تحبنا أكثر منهم جميعاً رغم غزارة الابتسامات٬ ورغم أن صدى التصفيق من أكفنا المنهكة أبعد من أن يجاري حتى صدى تصفيقهم الهادر٬ ورغم أن عيونهم أكثر من عيوننا حظا" برؤيتك٬ وأسماعهم أكثر حظا" لسماع صوتك وجاها"؛ فإنك يا سيدي تعلم أننا نحبك أكثر بكثير مما يفعلون.
الكثير من بسطاء هذا الوطن يا سيدي لا يعرفون ما هي العولمة٬ ولا الرجعية٬ والتقدمية٬ والإمبريالية لكنهم بكل بساطة الدنيا يحبونك، والكثير منا يا سيدي لم يزر مدريد أو نيقوسيا أو روما أو باريس أو اسطنبول أو بيروت أو حتى البتراء، ولا يعرفون أن ساحل العاج هي نفسها كوت دي فوار، وأن جزر القمر هي دولة عربية، وأن هناك عاصمتين لأمريكا، ولا يميزون بين الكاكا والكيوي وأنا واحد منهم؛ لكننا جميعاً على يقين من أن عمّان عاصمة الدنيا ودرة الكون وأنها أكثر ألقاً من النجم القطبي الشمالي، وأن قصر رغدان العامر بأهله يتسع لنا جميعاً دون استثناء.. والكثير منا يا سيدي لا يعلم أن إسبانيا تحتل الترتيب الأول بكرة القدم في العالم، وبعضنا يظن محمد علي كلاي ما يزال بطل العالم للوزن الثقيل في الملاكمة، ومعظمنا لم يفهم حتى الآن لماذا خسرت الأردن أمام اليابان في نهائيات آسيا، وأمام سنغافورة العام الماضي، ولماذا فازت علينا إيران على أرضنا بعد أن (مرمطناهم) في طهران، ولماذا سبقتنا البحرين والكويت وسوريا ولبنان والإمارات وفيتنام ومالي وسورينام في الترتيب العالمي.. لكننا نفهم جيداً لم أنت أقرب إلى عيوننا من أجفانها، وإلى أوردتنا من دمائها، وإلى قلوبنا من قلوبنا، ونعرف جيداً لماذا نحبك؟!
نعم.. نحن أيضاً نحبك، ولهذا فإننا حين نخاطبك؛ فكأنما نخاطب اليرموك ومؤتة وجرش والبتراء في عينيك وحين نقف أمامك؛ فكأنما نقف أمام صورة من صور تاريخنا الحافل برائحة المجد الذي سطرته تضحيات آبائنا وأجدادنا الذين خبروا الوفاء لهذا الوطن قبل يختبروا حليب أمهاتهم، وتعلموا أبجدية الرجولة قبل أن يتعلموا أبجدية الحروف.
نحبك.. هكذا بكل بساطة، كما لا إله إلا الله صباحاً في مساجدنا، وكما طيبة الوجوه في كنائسنا في الآحاد.. نحبك كما خشوع الأمهات في صلاة الفجر، وكما تقف العصافير مزهوة على سنابل القمح في ربيع إربد، وكما اشتياقنا للصلاة في القدس، وكما زغرودة فرح تصدح في فضاء الرمثا، و شجرة سرو تشمخ باسقة في عجلون، وكما تتطاول جبال الكرك صوب السماء.. نحبك كما هدير الأمواج الشماء في العقبة، وكما نخوة وكرم وطيبة أهل الطفيلة.. نحبك سيفاً هاشمياً ناصعاً في معان، وحقلاً يانعا" من شجيرات الزعتر في وادي الريان، وصقراً محلقا" فوق قمم الرجولة والشهامة في جبال عمان وصحراء المفرق والحارات العتيقة المفعمة برائحة العشق في الزرقاء والسلط وجرش ومأدبا.
نحبك لأنك كل ما تبقى لبعضنا من آباء، وكل ما تبقى لبعضنا من أبناء، وكل ما تبقى لمن تبقى منا من أحباب.. ولأنك الأمل.. نحبك رغم المسافات.. لأنك حين تبتسم؛ فنحن نعلم يقيناً أنك تبتسم لنا، وحين تغضب؛ فنحن أيضاً نعلم أنك تغضب لأجلنا، وحين تومئ برأسك واثقا"؛ نعلم أنك تومئ لنا، ونزداد فخاراً وألقاً بك واطمئناناً بأن يوم غدٕ سيكون أجمل بك ومعك، ونحبك لأننا حين نراك في أفق أبصارنا المنهكة تلوح بيدك الحبيبة مرحباً أو مودعاً؛ فنحن جميعاً نعلم أنك تلوح مرحباً بنا، أو مودعاً لنا إلى لقاء قريب، ونحبك لأن وعد ابنة الاثني عشر عاماً، وعلي ومنار أبناء الأعوام الأحد عشر، أقسموا لي صادقين أنهم يحبونك، وأنا أجزم أن أحمد الذي لم يكمل بعد العام الثاني من عمره سيعترف لي أنه يحبك بمجرد أن يتقن معنى الكلام, وحتى صديقتي دارا ابنة الأربعة عشر ربيعاً حلفت لي بالله أنها تحب بابا وماما والملك، ونحبك لأنك أجمل ألوان الربيع في وطننا، وأسطع من كل أقمار عطارد الستة عشر، ونجومها المنعكسة عليها.
نعم.. قلوبنا يا سيدي أكبر ونحبــــك أكثر.. أقولها بثقة المؤمنين الثابتين على الحق والراسخين اعتقاداً وإيماناً....عن كل الأردنيين.

ayman_dolat@yahoo.com



تعليقات القراء

اردني
ابدعت يا دولات والله من اجمل ما قرات من زماااااااااااااااان
01-12-2010 10:43 AM
اابن الزرقاء
رائع يا دولات والله ان كلماتك تقيض حبا وولاء شكرا لك
01-12-2010 10:45 AM
محمد العقرباوي
انا ما باعرف اعبر مثلك لكن والله كانك داخل قلب كل اردني شريف يا احلى ايمن
01-12-2010 10:46 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات