في يوم التضامن مع الفلسطينيين المأساة مستمرة


وفي عام 1977 قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة اعتبار يوم 29 تشرين الثاني من كل عام يوما عالميا للتضامن مع الشعب الفلسطيني وهي مناسبة عالمية تبنتها وتنظمها الأمم المتحدة وتدور فعالياتها في مقر الأمم المتحدة في نيويورك ومكاتبها في " جنيف و فيينا " ويرتبط هذا التاريخ مع عام 1947حينما اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرار تقسيم فلسطين رقم 181 بهدف إنهاء الانتداب البريطاني وإقامة دولة عربية فلسطينية على 42.3% من أرض فلسطين التاريخية وفي المقابل دولة يهودية على 57.7% من الأرض ووضع " القدس تحت رعاية مجلس الوصاية الدولي الذي تديره الأمم المتحدة "

ومنذ ذلك الحين أقيمت إسرائيل فيما لا يزال الفلسطينيون يطالبون حتى اليوم بحقهم المشروع في تقرير مصيرهم في دولة لهم تكون عاصمتها القدس الشرقية على حدود 1967 وقد صادقت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 29 تشرين الثاني 2012 على منح فلسطين صفة دولة غير عضو في الأمم المتحدة وفي عام 2015 تم رفع العلم الفلسطيني لأول مرة بالتاريخ أمام مقرات ومكاتب الأمم المتحدة حول العالم

ورغم أهمية الاحتفال بيوم التضامن مع الشعب الفلسطيني من قبل المجتمع الدولي واعتباره لدى البعض بأنه يشكل حالة تذكير بمعاناة الفلسطينيين المستمرة مع الاحتلال والاستيطان والحصار والتمييز العنصري والتنكيل اليومي الا انه في الواقع يعتبر أشبه بحالة النوم العميق والموت الاكلينكي الذي أصاب من قبل المنظمات الدولية وجامعة الدول العربية والهيئات الإسلامية مع ما يشاهد صباح مساء من وحشية وعدوان على الأرض والإنسان في فلسطين تمارس بكل وقاحة وتحدي واستهتار " بالقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف "

يأتي يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني في هذا العام والذي حلت ذكراه يوم الأحد الماضي 29 /11 /2020 في وقت تبتعد فيه فرص السلام وتشهد فيه الأراضي الفلسطينية تصعيدا خاصة في ظل مشاريع التوسع الاستيطاني بما فيها القدس الشرقية وتهويد القدس ومحيطها وهدم المنازل وتهجير السكان الفلسطينيين قسرا ومواصلة الحصار على الأراضي الفلسطينية بشكل عام وقطاع غزة بشكل خاص وتشريع القوانين المخالفة لأحكام القانون الدولي
وبما يشكله من انتهاك صارخ للقانون الدولي على نحو ما ورد في قرار مجلس الأمن "2334" فضلا وجود آلاف الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال يحتاجون لكل أشكال التضامن العربي والدولي في ظل ما يتعرضون له من انتهاكات جسيمة وظروف قاسية أدت إلى ارتقاء 226 شهيداً منهم وما يتبع كل ذلك من تصاعد بطش وتغول الاحتلال على الحقوق الفلسطينية برمتها مقابل تعثر كامل وإهمال كلي لعملية التسوية والمفاوضات رغم أن القضية الفلسطينية تعتبر مفتاح الحل الدائم والشامل بمنطقة الشرق الأوسط

يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني الذي يتذكره المجتمع الدولي اليوم وتنعقد فعالياته في مكاتب الأمم المتحدة ينبغي ان يكون صيحة استفاقة ضمير ووجدان عالمية لإنفاذ قرارات الشرعية الدولية وتشكيل حركة تضامن كبرى مع الحقوق الفلسطينية ودعم نضال وكفاح الشعب الفلسطيني وتأكيد حقه بتقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة القابلة للحياة والمنفتحة على جوارها وعاصمتها القدس الشرقية على حدود 1967وإعادة النظر بقرار التقسيم المشئوم الذي طبق الشق الأول منه بإقامة دولة للاحتلال وتجاهل الحق الفلسطيني في شقه الآخر بسبب موازين القوى الدولية الظالمة التي مالت لصالح الاحتلال منذ بدياته

مما دفع دولة الاحتلال الصهيونية " إسرائيل " الى تجاهل وانتهاك عشرات القرارات الأممية وقرارات مجلس الأمن التي دعت لإنصاف الحقوق الفلسطينية العادلة حين داست حق الإنسان الفلسطيني في الحياة وتقرير المصير فوق أرضه المحتلة وقد لعب الدعم الأمريكي والغربي وموازين القوة الدولية لعدم محاسبة الاحتلال على جرائمه المرتكبة في فلسطين منذ وقعت النكبة عام 1948حتى اليوم فالاستيطان والتهويد لا زالا مستمرين والاحتلال قائم وخطة الضم ماضية وسلب كامل الحقوق الفلسطينية متواصل وعلى العالم ان لا يكتفي وان ويقوم بتغيير سياسته ونهجه نحو فلسطين ودعم حق شعبها في إقامة دولته المستقلة بخطوات ملموسة ليكون التضامن عمليا وحقيقيا ومنتجا

إما على المستوى الداخلي الفلسطيني فينبغي رسم إستراتيجية عمل وطنية كاملة لمواجهة الاحتلال وتدويل الصراع لرفع حقوق الفلسطينيين في كل المحافل الدولية وعدم الاكتفاء بالشعارات والخطابات والبرقيات والاحتفالات بفعاليات سنوية متكررة مع التذكير الدائم بالقرارات الأممية وعلى رأسها " حق العودة والتعويض " في قرار "194" وقراري "181 و194" وما ورد فيهما والتي لم يصل أي منها بعد لشاطئ الأمان الذي يضمن الحقوق الفلسطينية

نتيجة عدم تحمل العالم الغربي مسئوليته الأخلاقية في تطبيقها وتكرار امريكا ضربها بعرض الحائط ومحاولتها استبدالها بقرارات أحادية الجانب مثل الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل وما تلى ذلك من قرارات غريبة وصولا إلى إعلان وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو في زيارته الأخيرة لإسرائيل بأن المستوطنات ليست مخالفة للقانون والذي يفتح شهية الاحتلال الإسرائيلي للإعلان عن ضم غور الأردن والحيلولة دون إقامة الدولة الفلسطينية

ولا بد مع العهد الأمريكي الجديد من المطالبة بعودة ومواصلة دعم "الأونروا" التي تشكل عنواناً لقضية اللاجئين الفلسطينيين ووقف الممارسات الاجرامية في القدس ومحاولات تغيير الواقع في الأقصى وحرمه الشريفين وفوق كل ذلك إنهاء الانقسام الفلسطيني واستعادة وحدة الصف الفلسطيني ورأب الصدع على أسس وطنية ثابتة والالتفاف حول المشروع الوطني الفلسطيني كصمام أمان في مكافحة خطة الضم وصفقة القرن ومطالبة الدول الجهات الأهلية العربية والدولية بتقديم العون العاجل لشعب فلسطين في مجالات التنمية الاقتصادية الاجتماعية ومواجهة إخطار جائحة كورونا

وفي ذكرى هذا اليوم يتأمل الفلسطينيون وأحرار العالم معهم مواصله الضغط لتسريع إطلاق مفاوضات جادة وذات مصداقية وفق جدول زمني محدّد من أجل إرساء سلام عادل وشامل ودائم على أسس قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية بما يمكّن الشعبَ الفلسطيني المناضل من استرجاع كافة حقوقه المشروعة غير القابلة للتصرف وبما ينهي عقودا طويلة من الضيم وبما يصون الأمن والاستقرار في العالم إضافة إلى رفض الممارسات الاستيطانية التوسعية الاستفزازية التي ترمي إلى فرض سياسة الأمر الواقع وتستخفّ بالمواثيق والقوانين والأعراف الدولية في غياب أي نوع من المحاسبة او المساءلة مع التأكيد على أن استمرار الاحتلال في الاستهتار بالمعاناة الإنسانية والاقتصادية للشعب الفلسطيني سيمثّل عامل توتر وانفجار يهدد الأمن والسلم ليس فقط في منطقة الشرق الأوسط بل في كل العالم

وحيث يثمن الفلسطينيون كل المواقف الدولية المساندة لهم في مواجهة هذه التطورات ولكنهم يطالبون بتحويل عبارات المساندة إلى اعتراف رسمي بالدولة الفلسطينية والعمل على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية بموجب مواقف دولية عملية واضحة وثابتة

اليوم وفي خضم الاحتفالات العالمية نعلن تضامننا المطلق ووقوفنا الدائم مع الإخوة أبناء الشعب الفلسطيني في تمسكهم بحقوقهم الكاملة وفي العودة إلى فلسطين وتقرير مصيرهم وبناء دولتهم الحرة المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية ورفع الظلم التاريخي عن الشعب الفلسطيني وأننا نؤكد الاستمرار في رفض قرار تقسيم فلسطين الذي أصدرته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1947 كونه أعطى شرعية مزيفة للاحتلال الإسرائيلي لسرقة أرض الشعب الفلسطيني ومقدساته حين تجاهل وجود الشعب العربي الفلسطيني فوق أرضه آلاف السنين وأننا أيضا نعتبره وصمة عار في جبين المنظمات الدولية التي تدعي الدفاع عن الإنسانية والحرص على حقن الدماء وحفظ السلام كما اننا على يقين بقدرة الشعب الفلسطيني على فرض إرادته وتحرير أرضه من خلال صموده الأسطوري وتمسكه الحتمي بنهج المقاومة المشرف

ومن الواجب اليوم وحفظا لتاريخ الشرفاء والمناضلين ان نستذكر بمناسبة اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني الناشطة الأميركية الراحلة العظيمة " راشيل كوري " التي قتلتها جرافة لجيش الاحتلال الإسرائيلي عام 2003 وهي تقف الى جانب المعتصمين حيث فقدت حياتها من أجل حرية الشعب الفلسطيني الذي سيذكرها دائما كبطلة ومناضلة كبيرة من أجل السلام والكرامة والعدالة وقد منحها الرئيس الفلسطيني محمود عباس قبل أيام قليلة وساما فلسطينيا رفيعا " نجمة الحرية " تقديرا لشجاعتها وإيمانها القوي بحق الإنسان في الحرية والعدالة والكرامة

منذ قيامها في 14 أيار/مايو 1948 تتنكر إسرائيل لقرار تقسيم فلسطين الدولي رقم 181 علماً بأن شرعيتها كدولة استمدتها من هذا القرار كما أن قبولها في 11 أيار 1949 عضواً في هيئة الأمم المتحدة كان مشروطاً بتعهدها بتنفيذ القرار الدولي رقم 194 الخاص بعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى وطنهم ومع حلول هذه الذكرى السنوية لهذا العام يكون قد مر على إصدار قرار التقسيم ثلاثة وسبعون عام من الاحتلال والبؤس والشقاء والضنك ليتوارثه الأبناء عن الآباء ثم يورثونه للأحفاد ومهما طال الزمن فالاحتلال إلى زوال مهما تعاظمت المؤامرات والخيانات للقضية الفلسطينية من طرف الإمبريالية الأمريكية والأنظمة الاستبدادية الداعمة والمساندة للصهيونية

لنستمر جميعا في نصرة القضية الفلسطينية عاشت فلسطين العربية حرة أبية وعاصمتها القدس الشريف وعاش الشعب الفلسطيني الشقيق الجبار والمقاوم ورحم الله الشهداء الإبرار وفك اسر المجاهدين والمناضلين الأحرار والخزي والمهانة والذلة والعار " لإسرائيل ) وحكامها وقادتها وشعبها وعملائها وإذنابها وكل من والاها وساندها وقبل وجودها وطاف حول نجمتها وامن بهيكلها المزعوم
mahdimubarak@gmail.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات