نتن ياهو الآن دورك للرحيل !


بعد فوز المرشح جو بايدن في الانتخابات الرئاسية الأميركية وخسارة حليفه ترامب سيواجه رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتن ياهو جملة من التحديات والأزمات على المستوى الداخلي والخارجي ( أشبه ما تكون بالضربة الفنية القاضية ) التي قد تقوده إلى خسارة منصبة فضلا عن عدة إشكالات متوقع حدوثها مع الرئيس الأمريكي الجديد بايدن وقد أظهر استطلاع جديد للرأي العام أجرته مؤخرا صحيفة معاريف الإسرائيلية كشف عن تراجع شعبية النتن ياهو في وقتٍ يواجه فيه زعيم الليكود انتقادات عديدة واحتجاجات مستمرة تطالب برحيله وقد أشار الاستطلاع إلى أن 54% من المستطلعين يرغبون في انسحابه من الحياة السياسية وهو يحاول يائسا البقاء والتشبث بالسلطة ومحاربة ما يسميه بالدولة العميقة من عصابة التقدميين واليساريين حسب نعته وزعمه

مما يعني أن إسقاط أو رحيل النتن ياهو طوعا أو كرها أصبح قاب قوسين أو ادنى وقد أن أوانه وقد أضحى قلقه على مستقبله واضح وكبير بعدما كان يحلم بأن يكون ملك بني إسرائيل الخالد وطالوتهم المنتظر وزعيمهم الأوحد ورئيس حكومتهم الأطول حكما والأكثر تكليفا فلم يعد النتن ياهو فعلاً هو الرجل المناسب لإدارة الحياة السياسية في الكيان الصهيوني بعدما شغلته أموره الخاصة عن شؤون الحكم وخدمة البلاد والمواطنين

ناهيك عن قضايا الفساد المتعددة بالإضافة إلى التظاهرات الكبيرة والحاشدة التي تقودها حركة "الرايات السوداء" والتي تخرج يوميا تطالبه بالاستقالته وهم في الشوارع يحتفلون بفوز بايدن نكاية به ويرفعون لافتات كتب عليها ( الآن دورك للرحيل يا نتن ياهو ) ويرددون بصوت عاليا ( إن خسارة ترامب في امريكا ستكون خسارة لنتن ياهو في إسرائيل ) ويصرخون بوجع إما ( الديمقراطية أو الثورة ) وعلى الرغم من الإغلاقات التي فرضتها حكومة الاحتلال لمنع تفشي فيروس كورونا إلا أن المتظاهرين واصلوا الخروج في احتجاجات شبه يومية وقد اتسعت رقعة الفعاليات الاحتجاجية ضد النتن ياهو من تل أبيب إلى القدس المحتلة وحيفا وبئر السبع وغيرها من المناطق في الداخل الفلسطيني مطالبين بالعدالة الاجتماعية وتحسين أوضاعهم المعيشية وحمايتهم من وباء كوفيد 19 المستجد لدرجة أن أكثر من موااطن إسرائيلي احرق نفسه في شوارع تل أبيب هذا العام ويعتقد المحتجون بان هنالك فرصة سانحة يمتلكها اليوم جماعة اليسار الإسرائيلي لإسقاط النتن ياهو رغم تراجع تأثيرهم على الشارع الإسرائيلي

المعروف جيدا أن ترامب من أبرز حلفاء النتن ياهو وقد ساعده كثيرا في التغلب على أزماته الداخلية التي كادت أن تطيح به خلال الأشهر الأخيرة الماضية وهو أيضا من أكثر الرؤساء الأمريكيين الذي أغدق على كيان العدو الصهيوني بالعطايا في عهده من إعلان القدس عاصمة للكيان مرورا باعترافه بضم الجولان وغور الأردن ومؤخرا بعض اجزاء من الضفة الغربية وهو أفضل داعم للمستوطنين وأن حكومة النتن ياهو ستسعى جاهدة لاستغلال الفترة الزمنية المتبقية لترامب في البيت الأبيض في الحصول على المزيد من المكاسب لا سيما ضم المزيد من المستوطنات التي أقيمت بشكل غير قانوني وسيقوم النتن ياهو بتوظيف وتوجيه قواه الإعلامية الهائلة لبث الفتنة داخل المجتمع من أجل تعزيز قاعدته الانتخابية

قبل سنة تقريبا رفضت المحكمة العليا الإسرائيلية طلبا بمنع الشرطة من تقديم توصيات لتوجيه اتهامات إلى رئيس الوزراء من عدمه، استنادا إلى نتائج التحقيقات الجارية معه في القضيتين المتعلقتين بالفساد القضية الأولى ( 1000 ) التي يشتبه فيها بأن نتن ياهو وزوجته سارة في حصلا على مجموعة هدايا غير مشروعة من السيجار وزجاجات الخمر مجانا والتي تقدر قيمتها بمئات آلاف الشواكل قدمها إليهما الملياردير الإسرائيلي والمنتج في هوليود ( آرون ميلتشان ) أما القضية ( 2000 ) فهي تتعلق بصفقة غير مشروعة بين نتنياهو وصاحب جريدة يديعوت أحرونوت واسعة الانتشار ( أرنون موزيس ) إضافة إلى الملف ( 3000 ) المعروف إعلاميا بفضيحة الغواصات وقضايا أخرى ترتبط بسعيه لاستصدار إجراءات تنظيمية تفضيلية لمستثمرين في قطاع الإعلام مقابل تغطيات إعلامية لصالحه

بوما بعد يوم يتفاقم مأزق نتن ياهو وتشهد إسرائيل تظاهرات تتسارع وتيرتها وتتعاظم قوتها وعدد المشاركين فيها ويزداد تصميمهم على إسقاطه حيث يتهم بأنه السبب في تدهور الوضع في إسرائيل سواء فيما يتعلق بإدارة ملف كورونا بصورة فاشلة أو في الأزمة الاقتصادية التي أضرت بقطاعات اقتصادية مهمة مع ازدياد حدة ومعدل البطالة ووصول عدد العاطلين عن العمل إلى ما يقارب المليون شخص وكذلك بسبب فساده المتراكم ومحاولاته المحمومة لتدمير النظام السياسي ليصبح طوعا لمصالحه الشخصية إضافة الى هجومه المتواصل على سلك القضاء واهتمامه الفائق بالنجاة في معركة البقاء في المنصب أكثر من أي شيء آخر في المقابل فقد تنامت عدم الثقة لدى الإسرائيليين برئيس حكومة ( دفن حتى عنقه في فساد وتحقيقات قضائية ) تشمل الرشوة وخيانة الأمانة والاحتيال وغيرها

وفي أول رد من قبل جماعة " كرايم منستر" المناوئة لرئيس الوزراء الإسرائيلي قالت في بيان لها إن النتن ياهو أصبح هستيري ومتهور ومكتئب بعد خسارة ترامب لأنه يدرك أن وقته قد انتهى وسيلحق به قريبا ولهذا يقوم بالتحريض ضد المحتجين ويحاول ربط الاحتجاج بالإيرانيين والذي يتهمهم بتأجيج مظاهرات اليسار الإسرائيلي من أجل إسقاط حكومته وقد أوضحت الجماعة بشكل جلي كيف تقوضت فرص السلام في فترتي ولايته وأضافت ان السلام والنتن ياهو هما نقيضان وأنهم يعارضون حماقته وتهديداته بتوجيه ضربة عسكرية لإيران والتي من شانها أن تجر إسرائيل إلى حرب إقليمية بالمنطقة هم في غنى عنها

وهناك مشكلات اخرى تبدو أكثر بروزاً في وجه النتن ياهو خصوصاً قصور الجهاز الصحي عن معالجة انتشار عدوى كورونا والذي قد يصبح في حالة انهيار مع قدوم فصل الشتاء وازدياد عدد المصابين بحيث لا تستطيع المستشفيات الإسرائيلية الصمود أمام الأعداد الكبيرة المتوقعة وفوق كل هذا هنالك المشاكل الأمنية التي لا حل لها وخاصة التهديد من الجبهتين الشمالية والجنوبية مع عدم جاهزية إسرائيل وجيشها لحرب قد تمتد لأيام عديدة وفي هذه الحالة سيصبح 2,6 مليون إسرائيلي بدون حماية بسبب عدم توفر الملاجئ الصالحة والقريبة من منازلهم عند التعرض لقصف صاروخي مباشر

ورغم ان النتن ياهو يعتبر أكثر رئيس حكومة استقراراً في مواجهة الطعون ومحاولات حجب الثقة والأكثر عناداً في مواجهة الضغوط الدولية ومحاولات فرض الحلولٍ عليه أو الوصايةٍ على حكومته بعدما هوّدَ مناطق كثيرةً في القدس واستولى على أجزاءٍ من الحرم الشريف لإعادة بناء الهيكل ومكّن المتدينين وأحزابهم ولبى طلباتهم واستجاب إلى شروطهم وكفل حماية مدارسهم ومعاهدهم وفوق كل هذا الذي فعله هاهو يتهم بسوء استخدام السلطة والفساد واستغلال المنصب وتلقى الهدايا والمساعدات وقد حامت الشبهات حول صفقاته العسكرية وغواصاته النووية وتعييناته الإعلامية وتكسبه غير المشروع

وقد كثر المتربصون به والكارهون لسياساته والغاضبون من أفعاله والراغبون في تنحيته والمطالبون بالتحقيق معه ومسائلته بعدما أصبح يضر بشعب إسرائيل ويدمر مستقبلهم ويستخف بعلاقاتهم ويقامر بحلفائهم وأصدقائهم ( كانتهازي وكذاب ومخادعً ) عقب إماطة اللثام عن ملفات استغلاله لمنصبه وتجاوزاته التنفيذية والإدارية والقانونية والعسكرية والامنية

وأن وجوده على رأس الحكومة الإسرائيلية وفي سدة الحكم وزعامة أكبر الأحزاب الإسرائيلية أصبح عقبةً أمام مفاوضات السياسية بكثرة تعطيله للمشاريع وقتله للمبادرات وإفساده للمساعي وتبديده للطاقات ولهذا وغيره الكثير والمثير فقد آن أوان رحيله عن رئاسة الحكومة الإسرائيلية واستبداله بآخرٍ جديد أمر ملح وضرورة وطنيةٌ إسرائيلية لتنفيذ البرامج وتمرير التسويات كما انه في ذات الوقت حاجةٌ شخصية بحتة لنتن ياهو لينجو بنفسه من مصير مجهول ينتظره ولينقذ ما بقي له من سمعة وكرامته ( إن وجدت أصلا ) ومع احتمالات ذھاب الكیان الصھیوني لانتخابات مبكرة باتت مؤكدة في الربیع المقبل فلا بد له وبعجالة أن يعتزل السياسة ويرحل بصمت ودون ضجيج أو ينتظر طرده بخسارة شنيعة ومدوية كما حصل لحليفه المجنون أبو "أيفانكا " آو ان يخرج بفضيحة مخزية ومجلجلة على رؤوس الأشهاد لان مستقبله لم یعد مضموناً كما لو كان ترامب لا زال في السلطة يناصره ضمن تحالف البغيضين
mahdimubarak@gmail.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات