لو كان لي .. صلاح أبو لاوي


جراسا -

 
مستاءةٌ مني الطريقُ
ولمْ أزلْ أمشي
طريّ العودِ
لم أبلغْ حروف الرشدِ
مستندا ً إلى قلبي
وبي
قمرٌ أحاولُ نورَه ُ
 
الأرضُ عطشى ، والخطى مجنونة تحتي
ولا إلاّ الأمام ُ
تقودُه عيني وتثقبُ سورَه ُ
 
أمشي
ويمشي الماءُ
آياتي ثلاثٌ :
نجمةٌ منها يسيل الضوءُ في لغتي
وطين منه أقتبس المجاز َ
ورحلةٌ لا تنتهي  مني إليّ
وما تناثر من أنايَ
وما فقدتُ
وما سأفقدُ
إنْ بلغتُ أخيرَه ُ
 
أمشي
بغابات الغبار ِ
فلا أعودُ إلى عصافير ٍ على غصن البكاءِ
ولا أرى أفـُقا ً أرومُ عبورَه ُ
 
لو كان لي
أنْ أستعيرَ من السماءِ صفاءها
لاخترتُ داليةً
وأطلقتُ الصباحَ فراشةً سكرى
تعيدُ إلى النهار حبورَه ُ
 
لو كان لي
أنْ أستعيرَ من الغيوم رضابها
لسكبتهُ قُبَلا ً
ونهرا ً يشرب العشاقُ منهُ
قصائدي وخمورَه ُ
 
لو كان لي
أن أستعيدَ الحربَ
أعتقتُ السبايا من ذكورتنا
وحررتُ المصيرَ لكلِّ حيٍّ
لا يقودُ مصيرَه ُ
 
لو كان لي
أنْ أكسر الماضي
أعدتُ دم الشهيدِ إلى شراييني
وللكرْم ِ البعيدِ طيورَه ُ
 
لو كان لي
بحرٌ أموت بموجهِ حُرّا ً
لحاربتُ الشواطئَ
واعتليت ُ هديرَه ُ
 
لو كان لي ....
أسَفي على " لو كانَ"
لمْ أزرعْ نشيدَ التوتِ في شَفَة ِ الهوى
إلاّ جَنَتْ كفُّ الظلام حريرَه ُ
 
أمشي
وتمشي الأرضُ بي
ما بين أقواس الدخان ِ
وبين ذاكرتي
أحاول ُ
والمحاولُ نصفُ مَنْ يصل النهاية َ
أنْ أفتّتَ طينَ صحرائي
وأخلعَ منهُ سَرجَ الخيل ِ
أو قدَمَي
فلستُ أسيرَه ُ
 
يا أميَ الصحراءَ
إني طفلك الشّرعيُّ
ليس أبي فتى سَوءٍ
وأحلامي حليبك ِ
والملامحُ
شهوةُ الواحات ِ
طفلٌ  قدْ سباهُ الذئبُ لون حليبهِ
ورماه مكبولاً ليُطعمَ بيرَه ُ
 
ما زال يحملُ في الجوانح ِ
قمحك الذهبيَّ
يشربُ من نداك ِ ،
ومنْ رُباكِ يُعِدُّ
إنْ تَعِبَ النهارُ سريرَه ُ
 
يا أمنا الصحراءَ
كم سنة ً ستحتاج الورود ُ
لكي تعودَ إلى نضارتها ؟
وكم سنة ً
سيحتاجُ المسافرُ كي يردَّ لك الصواع َ
إذا أضاع َ
بغفلة الأقمار عندك عِيرَه ُ
 
يا أمنا الصحراءَ
جئتك راجلا ً
عَطِشَ الرؤى
ومعي قميص أخي
وخلفي يلهث الزمنُ المخاتلُ
ـ الزّمانُ خرافةٌ مكتوبةٌ بالنار ِ ـ
فانتبهي
إذا لفظ الزمانُ سعيرَه ُ
 
أمشي
وتمشي الحادثاتُ معي
فتختزلُ الجهاتُ براءة المنفى
وتتبعني
أنا عبد الرصاصة ِ
لم أكن عبداً
ولكنَّ الجراح تقودني
وأنا ربيبُ الحبّ قبل تبدّل الأسماءِ
قبل تكلّس المعنى
أهشّ الذئبَ عن غنمي
وأضرب بالعصا صمتَ المكان إذا شكا وصخورَه ُ
 
عَطِشٌ أنا
أمشي على عطشي .
كعربيدٍ يلفّ الوقتُ خاصرتي
أغافلُ غفلتي
أستلُّ أحلامي
أحاربُ ضديَ المهزوم َ في وجعي
وأزرعُ بؤبؤي نجما ً
إذا عَبَر المساءُ
ولم أجدْ قنديلَ ذاكرةٍ
لأقبس نارهُ ، أو أستعيرَ سيوفهُ وزفيرَه ُ
 
أمشي
ألملمُ ما تبقّى من فتاتِ الذاهبينَ،
سفينتي مشطورةٌ
والماءُ أعلى من شراع ٍ مزّقتهُ الرّيحُ
أجْمَعُ حفنةً مني .... وأتركنا
لعلّ إلهَ رعدٍ بعدنا
يأتي وينفخ صورَه ُ
 
أمشي إلى نصفي
أخمّنُ : أيّنا المقتول ُ
مَنْ قرأ الرصاصة َ ثمّ أطلقها
لتسكن عينه ُ ؟
أمْ مَنْ أدار حروفها الأولى ؟
وقد سقطتْ حجارته عليه
فلم يرَ القتلى وقد حملوا جنازتهُ
فصاروا ذلّهُ وقبوره ُ
 
نصفي الذي أشْبعتُ روحي
ـ وهي بعدُ طرية ٌـ
من زقزقات ِ لحونه ِ
وعبير ِ نسمته ِ إذا هبّتْ
وأشْبَعَتْ الحياة َ قصائدي ؛
إني ابن غايته ِ وبدر حضوره ِ
فأدار عني لحنهُ وحضورَه ُ
 
نصفي الذي كانت سمائي ملكهُ
فاغتالني من ظهر أمنيتي
وخان عبيرَه ُ
 
أمشي
ويمشي الماءُ مبتعدا
فكيف أضمُّ قافيتي إلى صدري
ولمْ أبلغْ رصيفَ هدى !
وقدْ بلَعَتْ خطايَ رمالُ متكئي
وهاج الموتُ زوبعة ً
فهدّمَ دُورَه ُ

عن القدس العربي
 
 http://alquds.co.uk/index.asp?fname=today%5C15m15.htm&arc=data%5C2010%5C11%5C11-15%5C15m15.htm



تعليقات القراء

فلسطيني
كبير يا استاذ صلاح
ونفخر بك على منابر كل الدنيا
20-11-2010 03:43 PM
جفرا*
مستاءةٌ مني الطريقُ
ولمْ أزلْ أمشي
طريّ العودِ
لم أبلغْ حروف الرشدِ
مستندا ً إلى قلبي
وبي
قمرٌ أحاولُ نورَه ُ
الأرضُ عطشى ، والخطى مجنونة تحتي
ولا إلاّ الأمام ُ
تقودُه عيني وتثقبُ سورَه ُ
جميل جدا ..اعدت القراءة اكثر من مره ,, الارض عطشى والخطوات مجنونه بنا ..
لا امام ولا عوده للخلف ...من يستند للقلب هل سيصل .؟
عَطِشٌ أنا
أمشي على عطشي .
كعربيدٍ يلفّ الوقتُ خاصرتي
أغافلُ غفلتي
أستلُّ أحلامي
أحاربُ ضديَ المهزوم َ في وجعي
وأزرعُ بؤبؤي نجما ً
إذا عَبَر المساءُ
ولم أجدْ قنديلَ ذاكرةٍ
لأقبس نارهُ ، أو أستعيرَ سيوفهُ وزفيرَه ..
معبره هذه الكلمات ..اكثر من رائعه .. احارب ضدي ..كلنا نحارب انفسنا قبل الاخرين ..
أمشي
ويمشي الماءُ مبتعدا
فكيف أضمُّ قافيتي إلى صدري
ولمْ أبلغْ رصيفَ هدى !
وقدْ بلَعَتْ خطايَ رمالُ متكئي
وهاج الموتُ زوبعة ً
فهدّمَ دُورَه ُ

تصوير فني .وتلاعب بالكلمات ... لا يمشي الماء بعيدا عنا ..نحن من نهرب منه .
اضم حروفي الى صدري لعلها تبوح لي بما اختزنه القلب من ذكريات واحلام
ومنافى بعيدة ...
المنافى التي قضينا اغلب سنين عمرنا بها ولا نزل ,,,,
وسنموت في المنفى بعد حين ....

لو كان لي ..يا ليت كان لي ..
فرحت جدا بقراءة ماكتبت ايها الشاعر صلاح ابو لاوي ..
ساعود لقراءتها مجددا ..ساحتفظ بنسخة منها ,,,
يا أمنا الصحراءَ
كم سنة ً ستحتاج الورود ُ
لكي تعودَ إلى نضارتها ؟
وكم سنة ً
سيحتاجُ المسافرُ كي يردَّ لك الصواع َ
إذا أضاع َ
بغفلة الأقمار عندك عِيرَه ,,

من العبارات التي توقف عندها كثيرا ,مفردات بسيطة .عميقه .. تحتاج الى تأمل
لانها بالمختصر تعبر عن حالتنا وحياتنا ...

شكرا جراسا ع الوقت الممتع الذي قضيته بقراءة لو كان لي ,,؟


20-11-2010 04:51 PM
البقعاوي
رائعة جدا جدا ومبارك هذا الجهد المتميز لشاعرنا الكبير ابو لاوي على القدس العربي وعلى منبرنا الحبيب جراسا نيوز
21-11-2010 01:02 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات