الصهاينة من تحالف الامبراطوريات إلى تحالف الإمارات



افتخر ديفيد بن غوريون أول رئيس وزراء إسرائيلي بأنه شكل حلف الضاحية قبل سبعين سنة، للالتفاف على دول الطوق العربي، كان حلف الضاحية يتكون من دولة تركيا العلمانية ودولة إيران التي انقلبت على حكومة مصدق، ودولة أثيوبيا.
لقد تغير الحال، وانهار حلف الضاحية، ورجعت الدولتان تركيا وإيران إلى سالف عهدهما من قوة وتأثير وحضور وتاريخ يأبي أن يكتب بأطماع دولة قزم بحجم إسرائيل.
دولة الصهاينة لا يمكنها العيش في المنطقة دون تآمر على شعوبها، ودون تشكيل تحالفات، فهذه الدولة لا تقوى على الحياة بمفردها، ولا يمكنها العيش إذا قررت شعوب المنطقة أن تعيش بكرامة، وهذا ما بدا حتى اللحظة من الشعب الإيراني والشعب التركي، لذلك لجأت إسرائيل وبدعم أمريكي إلى تشكيل حلف مع الإمارات، أو رضيت إسرائيل أن تركب الحمار بعد أن استعصى عليها ركوب الخيل.
التحالف الإسرائيلي الإماراتي سيتمدد، وستلتحق به معظم الأنظمة العربية التي تخاف من الديمقراطية، وتعادي حق الشعب في الالتحاق بركب الحضارة، وهذا التحالف الذي سيكبر لا يطعن فلسطين في الظهر كما يقال، لقد سبق وذبحوا فلسطين من الوريد إلى الوريد، ولم يبق لفلسطين ظهر كي يطعن، هذا التحالف الإسرائيلي الإماراتي جاء ليشهر سيفه الحاقد في وجه تركيا في الشمال، وفي وجه إيران في الشرق
انكشاف أمر التحالف الشرير يؤكد أن كل ما تم تدبيره من حروب طائفية وعرقية في المنطقة وعلى مدار سنوات خلت كان الغرض منه تدمير المنطقة، وتفتيت وحدتها، وإشغالها بنفسها، وتوفير البيئة الخصبة لإسرائيل كي تظهر للعرب أولاً وللغرب ثانياً وكأنها الأكثر أمناً وازدهاراً، وأنها واحة الديمقراطية في المنطقة.
انكشاف الحلف الإسرائيلي الإماراتي بهذا الشكل العلني مدعاة للاطمئنان والارتياح، وذلك لأن الذي كان يدبر في الخفاء من عشرات السنين سيظهر للعلن، ولأن التآمر الذي انخدع فيه المواطن العربي قد انكشف، ولأن تمثيل الدور الوطني والرافض للاحتلال الإسرائيلي كان كذبة، وأن مقاطعة إسرائيل العلنية كانت تتستر على مئات الصفقات المشبوهة والعلاقات المحرمة، جاء التحالف العلني ليقدم فرصة للشعوب العربية كي تميز الخبيث من الطيب، جاء ليفضح الأنظمة العربية التي مثلت دور المدافع العلني عن القضية الفلسطينية فإذا بها المتآمر الخفي على الشعوب العربية.
انكشاف التحالف الهش وسع دائرة الاشتباك مع العدو الإسرائيلي، فبعد أن حشروا قضية العرب والمسلمين بنزاع بين الفلسطينيين والإسرائيليين، جاء حلف الإمارات والصهاينة ليقول: القضية ليست فلسطين، والصراع ليس مع الفلسطينيين وحدهم، فالأطماع الإسرائيلية تجاوزت أرض فلسطين من زمن، ولها أذرع تتمدد في كل المنطقة، والحرب ليست على بضعة أمتار من الأرض، الحرب على وجود شرق حر يمتلك قراره، وبين وجود دولة يهودية القومية يدور في فلكها كل الأذلاء والمرتزقة في المنطقة.
انكشاف التحالف الجديد الذي يستهدف إيران وتركيا، يحرض في الوقت نفسه إيران وتركيا لصناعة غد أجمل، وقراءة الواقع بعيون إسلامية وإنسانية، فمصالح إيران تلتقي اليوم مع مصالح تركيا، لمواجهة خطر النفوذ الإرهابي العدواني الذي تشكل الإمارات والصهاينة رأس حربته.
الحلف الإسرائيلي الإماراتي يحرك المنطقة باتجاه تحولات تاريخية واستراتيجية ستترك آثارها على سكان هذه البلاد لمئة سنة قادمة، والحلف التركي الإيراني أمسى ضرورة، فالمنطقة تعيش مرحلة فرز، وتشهد تكتلات وتحالفات تفرض على كل إنسان أن يحدد مكانه من هذه الخارطة، فإما أن تكون مسلماً عربياً كريماً ضمن حلف إيران وتركيا وقطر ومجمل شعوب المنطقة، وإما أن تكون ضمن حلف إسرائيل والإمارات وأثيوبيا والسعودية والبحرين بغطاء أمريكي.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات