أشْيَاء تَحْدثُ صباحاً .. ممدوح صدقي


جراسا -

خاص لـ "جراسا نيوز"

حين خرجتُ من الحمّام ، كان الصّابونُ لا يزالُ على
رُكبتيّ ، والبانيو لا يزالُ بحوذةِ البجعات !

أنا لم أجد ثيابي ، كانت الذاكرة غافلة ، ورأسي يبحثُ عن القهوةِ
في غيابك ..
بعضُ القطراتِ تحدّت إرادة المنشفة ، بقيت عالقة في محيط
التعرّض ِ للهواء !
ولأني أبله فقد نسيتُ أن أغلق الشُّبَاك !

ترسبّات الوقت ، كم أنا بحاجةٍ إلى لحنٍ فرنسيّ ( Les Bras De Mer ) ،
في إحدى حانات الانزواء المتمدّد ، المتشعّب في الفراغ منّي، سمعتهُ ، ينخُزني ، يوبّخني
يأتيني في النهاية ويسألني : هل تريد سيجارة ؟!!!

ولا أدري كيف انتابتني رغبةٌ جامحة حين كان يتسرب إلى مسامعِ الجوامدِ
التي تأبى عنادي ، بأن أحملكِ وأرفعكِ إلى المصباحِ المشتعل فتنزعيه
وتقذفي به لعنةَ المسافات البعيدة !

فُسْتانُكِ كما هو في رُكنِ الفوضى الصباحيّة ، جهازُ الاستشوار ِ لم أبعه إلى الآن !
وعليّ أن أزيلَ الزّبدَ من على المرآةِ حتى يُمكنني رؤية وجهي ..
لا غُبار يعكّرُ صَفو برواز تموز ، زجاجهُ ناصعُ الشفافية ، حرفُ الشين يازياد الرحباني ؟
بحرف الشين .. بحرف الشين ؟ ماذا بعد ، هل تحرزُ أن تستغل هذه المساحة القصيرة
من خلايا تفكيري ؟!! ما سر ُّ شغفي بالأعشاش ، سأسألك ؟!!
ارتداءٌ سريع ، حانق ٌ عليك لأنكِ سلبتِ زجاجة العطر خاصّتي ، كنت تصرّينَ
على أنني حين أضعُ قطرةَ (hugo) أسفلَ أذنيّ ، فإني أُغوي الفراشات
المنفيّة إلى أعمدة الكهرباء !

زوربا قال أن الأوطان هي سبب كل مآسي هذا الكوكب ، أنا أعتقد أنه على حق
وأرجو أنك ِ تعتقدين ذلك ، وأرجو أن تقتنعي بالشاي ، وبنجيب محفوظ !

أذكر مرةً أني قرأت في إحدى قصائد ( أنيسة درويش ) هذه الكلمة ( شانيل )
سألت ُ زوجةَ خالي عنها ، لا أدري لمَ في كل مرةٍ أسألها !

لن أقول لك ماهو ال ( شانيل ) ، حسبي أنه سيكون رائعاً عليك ،
أحتاجُ لموسيقى ، حتى بدا يتثنّى ، يُعْجبني أسلوب شربل روحانا فيها ، همزةُ وصلٍ
بين الماضي والحاضر ، بقعةُ تضامن .. مُتنفّس ،
من الجيد أن أتعلمَ أن لا أندم ! و أفكّرُ ماذا سأفقدُ أيضا ً ؟!
وهل من الضرورة ِ أن نشطبَ سطراً ونكتبُ آخراً عوضاً عنه !
أكرهُ شرودي جداً في المطبخ ، أشطحُ بعيداً ، أفكّر في معنى الأبنوس !
وهل يرضى فولتير دعوتي على هذه الطاولة !!
من القائل ( وأخفيتُ دجلة في نخلةٍ لا تبوح بسري ) !!!
أخرجُ بالفنجان الصغير ، أهُشُّ ذُبابةً سكيرة ، وأتركُ
للشعاعِ الدّافئِ حرّيةَ مغازلةِ الشَّعْرِ الأشقر النّابتِ
من ذراعي ..
ومع أول رشفةٍ يتضحُ لي أنَّ ما جنتهُ يداي ليس قهوةً بل سُكّراً بطعم القهوة !!!
وإلى الآن لا أفهمُ كيف جعلتيني أعشقُ الجواربَ القصيرة .. وكيف أنكِ لم تستوعبي
فكرةَ الأساور المصنوعة من الصوف المُلَوّن ؟!!
تانغو .. نافذة مُشْرعة ، خطوة .. خطوتان ، ثلاث ،
سجّادة رماديّة ، ألتصقُ بشَبَحِكْ !
ورُبّما أصيرُ أصلعاً ذات عُمْر !
أتحسّسُ رأسي بقلق !! أخشى أنكِ لن توافقين على الرقص !!
سأستعيضُ عنكِ إن رفضتِّ بالأعمال الكاملة لمكسيم غوركي !
أتأكّدُ من أن أنبوبة الغاز مُحْكمة القفل ، وأطمئنُّ أن أحجار السّاعةِ لا تزالُ صالحة ،
الأقحواناتُ في أطراف الشّرقِ بحاجةٍ إلى رعاية ..
وأخرجُ حافياً ....

الشاعر صدقي ممدوح / من شعراء الداخل الفلسطيني / خان يونس



تعليقات القراء

ماذا أبقيت للفراشات حين يغزوها الليل دونك ؟؟
ماذا يخبئ شاعرنا صدقي بعد هذه اللوحة الفسيفسائية اللامتناهية ؟؟
استخدام مذهل لأدواته الشعرية .. وصور جدا مذهلة .. حد الفرح الموجع !
طوبى لك صديقي .. وسلام لـ روحك .

رائده
17-10-2010 02:22 PM
ALAA
Amazing!
18-10-2010 09:00 AM
مانديلا الاردن
قصة جيدة وممتعه
لكن الا يتفق معي الكاتب انها طويلة جدا
نحن في عصر السرعة ونحتاج الى ايقاع سريع حتى في الادب
وشكرا لسعة صدوركم
18-10-2010 12:27 PM
ببشعه و شايفه حالي
اكثر من رائع لابل شفاف
19-10-2010 03:10 PM
منية الروح
فنتازيا شاعرية رائعة في زمن اختفت فية المشاعر واصبحت فية الكلمات مجرد ة من كل خيال وتشبية
22-10-2010 08:05 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات