المفتش العام في رئاسة الوزراء


اصبح استحداث دائرة المفتش العام في رئاسة الوزراء ضرورة وطنية ملحة للكشف المبكر عن الانحرافات الوظيفية بعد ان تصاعدت في الآونة الأخيرة وتيرة القناعة بفشل أجهزة الرقابة الداخلية التابعة للمؤسسات الرسمية ،وكذلك المتسوق الخفي في كشف مقدمات الأزمات الوطنية الكبرى رغم وضوحها ، إلى أن أفضت تلك المقدمات إلى مصائب اخذت تداهمنا كل حين.

لقد برهنت دوائر المفتش العام خاصة في المؤسسات الأمنية والعسكرية على انها دوائر مضادة للفساد واثبتت نجاحها وقللت من نسب الانحراف عن الاهداف والواجبات.

ماذا لو استحدث جهاز مماثل في الرئاسة يعمل أولا كموقع رقابي وقائي مستقل بأسلوب المتسوق الخفي، لكن بخصوصية مختلفة ، لفحص الأداء المؤسسي ورصد أوجه الخلل الإداري سواء أكانت الظاهرة المهملة، او الخفية في مؤسسات الدولة وتسلط عليها الأضواء قبل ان تتسبب بأزمة او خسائر او فضائح وطنية ،وبإتباع أسلوب عمل سلس بعيد عن الإثارة والصدام او التوتير . إضافة إلى تعقب حركة الانجاز المؤسسي المرتبطة بالعناوين الوطنية الكبرى والرؤى الملكية ، كالأوراق الملكية النقاشية ،والأجندة الوطنية ، والخطة الوطنية لمكافحة الإرهاب والتطرف ، ومشروع الحكومة للنهوض الوطني ، وأجزاء مهمة من حزمة القرارات التي اتخذها مجلس الوزراء المتعلّقة بالإصلاح الإداري وتطوير أداء القطاع العام، والتي تُعدّ خطوات فوريّة على طريق تنفيذ أولويّات الحكومة للعامين المقبلين..

وتستطيع الدائرة إضافة لطريقة المتسوق الخفي، استخدام الوسائل العلمية كالإحصاء والدراسة الميدانية وقياس الرأي العام لرصد نسب الانجاز والتنفيذ، وتحديد درجة الاهتمام والمتابعة ، وذلك بهدف الإسهام بمكافحة حالة البرود والارتخاء التي تنتاب بعض المؤسسات ذات العلاقة ، وحالة التثاؤب وفتور الهمة المعيقة لتحقيق محاور الرؤى وإفشالها ، ومعالجة هذه الظاهرة بتوجيه المجهود الرسمي ، وتوحيد اهتماماته للتخلص من السطحية والتوقف غير المبرر ، وإعادة برامج التنفيذ لمسار الاستمرارية بعمق وثبات.

وبالتوازي يمكن للدائرة ان تتعقب تصريحات المسئولين التي أزالت ثقة الناس بالحكومة، والتحقق من واقعيتها ، كالخطة الوطنية الصاخبة للتشغيل الداخلي غير الوظيفي في القطاع الخاص ، والتي أشغلت الرأي العام وملأت الإعلام الرسمي لسنوات دون ان تتحقق، وكذلك حديث مستفز متكرر لمسؤولين كبار لوسائل الإعلام عن استثمارات خيالية بالمليارات كانت غير دقيقة، وأصبحت مصدرا للفكاهة، ونكتة مؤسفة انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي أفسدت المصداقية بمجمل أداء الحكومة، يضاف الى هذا إزالة حالة الخلط بين مظاهر النفاق والتملق والرياء التي تتغزل بشخصيات او مؤسسات رسمية، وبين الثناء والجهود النقية للفت نظر المواطن وتوجيهه للتحديق بنصف الكأس الممتلئ من الانجاز الوطني.

وبذات النهج يمكن ان تعمل الدائرة على الإسهام بأردن ثقافة التعبير وإزالة تشوهاتها ، وتكريس مفاهيم الحوار البناء بعيدا عن الخصومة والشغب ، وتنظيف المجال الفضائي من الملوثات الالكترونية بمكافحة كافة صنوف الإساءة الوطنية، وعلى رأسها مؤسسة العرش ، وخطاب الكراهية ، واغتيال الشخصية، سواء أكانت الإساءة الصادرة عن الطارئون على حرية التعبير والمبتدئين في السياسة، أو تلك المنظمة والممنهجة التي تتولاها الجهات المعادية مباشرة أو بالدعم والرعاية والتمويل.

fayez.shbikat@yahoo.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات