أين داعش عما يجري في فلسطين أليس أهل غزة مسلمين؟!


لقد ظل السؤال المدهش يتردد فى الشارع العربي والإسلامي طوال الوقت والذي لم يجد إجابة قاطعة حتى اليوم لماذا لم تنفذ داعش ولو عملية واحدة مؤثرة ضد إسرائيل رغم وجودها المتاخم لحدود الدولة العبرية على مسرح الأحداث في شمال سيناء وبالتحديد في الشريط الساحلي الموازي لقطاع غزة والممتد من رفح حتى العريش وقبلها في سورية ولطالما أثار سلوك الدواعش الإرهابيين المتحفظ تجاه إسرائيل الانتقاد والاتهام بوجود خيط ما يربط بين تنظيم الدولة الإسلامية فى العراق والشام والموساد الإسرائيلي او أي حلقات أخرى صناعة القرار السياسي داخل إسرائيل رغم ان معظم التحليلات السياسية ومقالات الرأي المختلفة لم تقدم الدليل الكافي على هذا التورط.

وقد ظلت إسرائيل طول فترة الصراع تحاول أن تبقى جانبا وأن لا تشارك في المعركة الحاسمة ضد " داعش " في الشرق الأوسط وهي تدعي إن إيران أخطر من داعش على إسرائيل فيما أكد بعض الخبراء الإسرائيليين في غير مرة أن الخطر على اسرائيل لا يكمن في احتمال الهجوم من جانب الإرهابيين من الأراضي السورية المجاورة مما يثبت على ارض الواقع ان تهديدات ابو بكر البغدادي المتوالية كانت غير جدية خاصة وإن الجماعة كانت ولا زالت تقاتل عمليا ضد الجميع باستثناء إسرائيل وهذا السبب بالذات كان يدفع زعماء " داعش " بين الحين والأخر لإطلاق الوعيد والتهديد الإعلامي بحق الصهاينة وإصدار بيانات دعم للشعب الفلسطيني والحلفان المستمر بتحرير المسجد الأقصى بهدف الاستهلاك الداخلي والخداع.

ورغم توعد البغدادي زعيم تنظيم "داعش" إسرائيل بتنفيذ عمليات إرهابية وفق ما قال في شريط مسجل له نهاية عام 2016 فإنه لم تحدث أي عمليات إرهابية تجاه إسرائيل فلماذا تنأى ( الدولة الإسلامية ) عما يجري في فلسطين أليس أهل غزة مسلمين ثم ألا يعزز ذلك الشائعة التي تقول بوجود علاقة ورابط خفي بين الصهيونية والسلفية الجهادي حيث يرى معظم أتباع المنهج السلفي الجهادي أن ( الرافضة أشد خطورة من اليهود ) أم الجغرافيا وحدها السبب كما يروجون له وان ( الدولة الاسلامية لا تزال بعيدة عن إسرائيل ).

الحقيقة المؤكدة التي لا يختلف عليها اثنان إن استهداف إسرائيل لم يكن يوما من أولويات التنظيمات الإرهابية كافة وقد أعلن في وقت سابق المدعو " نضال النصيري " أحد قيادات التنظيم في كلمة مسجلة قال فيها ( أن تحرير فلسطين ليس من أولويات الجهاد المقدس ) ولكي تتهرب العناصر الإرهابية من الإجابة عن عدم استهداف إسرائيل سارعوا شرعيا الى تفعيل نظرية (العدو القريب والعدو البعيد ) ولا يوجد كتاب تكفيري واحد تقريبا خال من هذه النظرية التي تؤصل للعنف ضد الدول العربية أولا قبل الدول الغربية ويعني مصطلح العدو القريب استهداف الدول العربية لأنها هي التي تطيع الغرب في أفكاره والتخلص منها يسهل تحقيق حلم هذه التنظيمات أما العدو البعيد فيعني الغرب وقد سببت هذه النظرية خلافا بين أسامة بن لادن وأبو مصعب الزرقاوي عندما كان مسؤولا عن تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين والذي ادى الى انشقاقه حيث كان رأى الزرقاوي ضرورة استهداف الدول العربية وحكامها ومواطنيها وجيشها وشرطتها ومؤسساتها أولا ثم استهداف الغرب في حين رأى بن لادن ضرورة توجيه العمليات نحو الغرب لكسب تأييد شعبي عربي يوفر لهم بيئة حاضنة تساعد في عمليات التجنيد المستقبلي لمزيد من العناصر.

ولا زلنا نذكر عندما خرج علينا موشيه يعالون وزير الجيش الإسرائيلي السابق من خلال القناة العاشرة العبرية قبل سنوات قليلة ليؤكد أن تنظيم داعش قدم اعتذارا لإسرائيل على إطلاقه 3 قذائف صاروخية سقطت فى أراض غير مأهولة بالسكان انطلقت من سوريا وسقطت على شمال إسرائيل بشكل خاطئ عقب قصف المدفعية الإسرائيلية للمناطق التى أطلقت منها مما يدلل على وجود رابط حقيقي بين التنظيم الإرهابي ودولة إسرائيل فى حده الأدنى مادية و مخابراتيا.

وقبل ذلك بشهور قلل " إيتان بن دافيد " مدير مكتب مكافحة الإرهاب التابع لمكتب لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين النتن ياهو من احتمالية تنفيذ تنظيم داعش هجمات ضد إسرائيل وقد كشف في حينه النقاب خلال حواره مع مجلة " ديفتس إسرائيل " على أن أجهزة المخابرات الإسرائيلية تقود مفاوضات سرية مع التنظيم لاستعادة 100 من المواطنين من عرب إسرائيل انضموا للتنظيم.

وقد أصبحت " داعش " اليوم في غنى أكثر عن أية مواجهة مع إسرائيل وهي تبحث عن سبل الصمود والبقاء في ظل تقلص الأراضي التي تسيطر عليها ونقص مصادر تمويلها بسبب القصف الجوي المتواصل وتراجع عدد مسلحيها وأنصارها وقد كرر بعض قادة داعش في ولاية الرقة قبل سنوات إن المراحل الأولية للصراع ( تقضي تحرير بغداد ثم التوجه إلى دمشق وتحرير كل بلاد الشام قبل تحرير فلسطين ) وفق قاعدة ( قتال المرتد القريب أولى من قتال الكافر البعيد ) وبهذا الواقع تعتبر إسرائيل من أكثر دول العالم أمان من هجمات داعش او أي تنظيم إرهابي آخر.

وهنالك من يقول ان تنظيم داعش يخشى أي مواجهة مع إسرائيل لان أي هجوم قد يشنه التنظيم عليها أو داخلها يمكن أن يأتي على التنظيم بخسائر أكبر من النتائج التي قد يحققها الهجوم فإسرائيل لن تكتفي برد يشبه رد أمريكا أو غيرها من الدول المشاركة في التحالف ضده بل سيكون رداً قاسيا ومؤلماً للتنظيم وهي من خلال هذه السياسة الترهيبية رسمت لنفسها خطاً أحمر لا يقوى التنظيم على تجاوزه حتى إن دعوة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما بأن يكون التنظيم أولوية للجيش الإسرائيلي لم تكن خياراً مفضلاً لدى تل ابيب بحجة ان ذلك سيولد مزيداً من الإرهابيين ويفتح الباب أكثر لمهاجمة إسرائيل سواء من قبل التنظيم أو من قبل الجماعات المتشددة الأخرى وأنها تفضل الإبقاء على خيار الردع قائم وغير مستخدم هو كخيار افضل على الأقل في المرحلة الراهنة.

إذا كانت داعش كما تدعي زورا وبهتان أنها تدافع عن المسلمين وتطالب بحقوقهم فلماذا لا تطالب العدو الصهيوني المحتل في فلسطين الابتعاد عن القدس الشريف و لماذا لا تدافع عن الشعب الفلسطيني الذي يتعرض كل يوم لاعتداءات إجرامية بشعة من قبل إسرائيل و لماذا لا تساهم في إطعام المساكين الذين يموتون جوعا ولماذا تستهدف بعض الدول الداعمة لمشروع المقاومة ضد إسرائيل كل هذه الأسئلة وغيرها ربما توضح أهداف داعش و من يدعمها وينقلها و يمدها بالسلاح و المال و يجلب لها المقاتلين من جميع أنحاء العالم.

يذكر إن إسرائيل قدمت الدعم العسكرى والاستخبارات المباشر لعدد من التنظيمات وعلى رأسها " جبهة النصرة " المدرجة على لائحة الإرهاب الدولية وقدعالجت مصابيه فى سورية بمستشفياتها واعتبرته لا يمثل خطرا عليها ولا يهدد أمنها وقد توسع النشاط الإسرائيلي في محافظتي القنيطرة ودرعا عبر دعم هذه الجماعات الإرهابية وقد كان النتن ياهو دائما يرفض الإجابة عن حقيقة شراء إسرائيل من تنظيم داعش النفط المسروق من بلاد الرافدين وسورية وقد بينت النائبة في الكنيست الإسرائيلي " عيدا توما سليمان " فى تصريحات نقلتها عنها الصحف الإسرائيلية بأنه ( يوجد لدى الأمم المتحدة وثائق تشير إلى وجود تعاون وثيق بين الحكومة الإسرائيلية والدواعش ).

والسؤال المطروح لماذا يتواجد التنظيم في قطاع غزة ويهدد المقاومين لإسرائيل ولا يتواجد في الضفة الغربية مع العلم أن ساحة الضفة الغربية أكثر اتساعاً وتأثيراً على إسرائيل من غزة ولماذا هدد تنظيم الدولة الإسلامية في منشوراته المسيحيين في القدس العربية وطالبهم بالرحيل عنها ولم يهدد اليهود الصهاينة الذين يغتصبون كل القدس المقدسات ولماذا كانت عناصر التظيم تقطع كافة المساعدات الإنسانية القادمة إلى قطاع غزة وتقوم بإتلافها وكذلك لماذا تحاصر قطاع غزة من الجنوب بينما تحاصر إسرائيل فلسطين من باقى الجهات.

ومن اجل ان يخفف التنظيم من حجم الاتهامات الموجهة ضده ولغايات ذر الرماد في العيون أعلن وللمرة الأولى في حزيران عام 2017 مسئوليته عن تنفيذ عملية طعن في القدس استهدفت شرطية إسرائيلية توفيت على الفور" جنود الخلافة هاجموا تجمعا يهوديا في القدس " وقد طالب جماعته بتكرار هذا الأمر والذي لم يحدث مطلقا كما أعلن التنظيم أيضا أن بعض الجماعات التابعة أطلقت صواريخ من شبه جزيرة سيناء المصرية على إسرائيل.

لم تكن تلك العمليات الضعيفة على إسرائيل لتنفي عن التنظيم وجود أي تبعية له بإسرائيل وسط اتهامات تتزايد كل يوم وتؤكد وجود هذه العلاقة خاصة بعدما تردد عن علاج عناصر التنظيم الذين جرحوا بنيران الجيش المصري في أكثر من مواجهة داخل المستشفيات الإسرائيلية ومن ثم عودتهم إلى المناطق الصحراوية التي يختبئون فيها بمنطقة سيناء.

بنا على كل ما تقدم هل يمكن الاقتناع بان تنظيم داعش صنيعة امريكا وإسرائيل وهو جيش من المرتزقة تابع لإسرائيل ويقاتل بالنيابة عنها من أجل القضاء على حركات المقاومة المعادية لها في المنطقة وإشاعة الفوضى في الدول العربية والإسلامية خاصة وان معظم المذابح التي نفذتها داعش كانت مشابهة للمذابح التي ارتكبتها إسرائيل ضد الفلسطينيين ومعظم الخبراء والمراقبين يؤكدون وجود علاقة وطيدة بين إسرائيل وداعش تتجسد في تقديم الدعم الوجستي غير المباشر وغير المعلن من قبل إسرائيل كي تنفذ أجنداتها في المنطقة وعلى رأسها تقسيم الشرق الأوسط وتنفيذ مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي تحلم به أمريكا وإسرائيل.

مما سبق نستنج أن العلاقة بين إسرائيل وداعش لا يمكن نفيها وربما تكشف الأيام القادمة عن مزيد من الحقائق خصوصا مع توالى الخسائر على التنظيم الإرهابي الذي فقد 98% من الأراضي الذى كان يسيطر عليها فى كل من سوريا والعراق فانتظروا.

mahdimubarak@gmail.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات