السهل الممتنع في العلاقة بين الأردن و الأردنيين من جهة و فلسطين و الفلسطينيين من جهة أخرى !
الحوار و الجَدَل الدائر علناً منذ مدة غير قصيرة عن العلاقة بين أفراد الشعب الأردني الواحد المنتمين لأصول مختلفة ، و عن العلاقة بين الشعبين الأردنيّ و الفلسطينيّ على وجه الخصوص هو من مظاهر الأجواء الديموقراطية التي يعيشها وطننا ، ونتاج إيجابيّ ما دام الممارسين للحوار يتصفون بالمسؤولية و الوعي الكافيين لطرح وجهة نظرهم دون توليد مشاعر الحقد والبغضاء بين أفراد الشعب من كافة منابته و أصوله ، و دون تتفيه الآخر و إهانته أو إنكاره و تخوينه ، وأن يكون هدف الحوار تحقيق المصلحة العليا للوطن و الحفاظ على الجبهة الداخلية متماسكة و قوية كما هي دائماً ، و الأهم أن يكون الحوار تحت سقف الولاء للأردن و قيادته الهاشمية و شعبه الأصيل ، وأن يكون ضمن حدود الشرع و الدين الإسلامي ، من هذا المنطلق أطرح أفكاري بهذا الاتجاه فإذا أصبت فهذا فضل من الله ، و إن أخطأت أطلب المغفرة من الله و السّماح من الناس .
هناك فرق بين الأردن والأردنيين ؛ المقصود ب الأردن : الدولة و الكيان السياسي السيادي و الذي له مواقفه من جميع التحديات و القضايا بما يُعرف برأي و موقف الأردن الرسمي ؛ أي موقف الدولة الأردنية من قضية ما ، أما الأردنيون فهم الشعب الذي يصعب أن يكون لديه إجماع كامل حول قضية ما ، فلكل فرد منـطلـقـاتـه و لكل حزب توجهاته ، ولكن يغلب أحياناً حدوث موقف مشترك حول قضية ما بين جميع عناصر الشعب وهو ما يعرف بموقف الأردن الشعبي أو رأي الشارع الأردني ، و هذا ينطبق على فلسطين و الفلسطينيين ، فهناك موقف فلسطين الرسمي و تمثله السلطة الفلسطينية ( مجازاً الدولة الفلسطينية ) ، وهناك موقف فلسطين الشعبي أو رأي الشارع الفلسطيني حول قضية ما ، ما أريد الوصول إليه هو أنه يحدث كثيراً ألا تتطابق المواقف الشعبية للشارعين الأردني و الفلسطيني مع بعضهما البعض و مع مواقف الأردن الرسمي و فلسطين الرسمي ، كما تختلف أحياناً مواقف الدولة الأردنية الرسمية تجاه بعض القضايا عن مواقف الدولة الفلسطينية ( معتبراً أن السلطة الفلسطينية هي المُعَبِّر الشرعي عن مواقف فلسطين الرسمية ) ، المهم يجب أن ندرك أنه بسبب خصوصية العلاقة بين الدولة الأردنية و الدولة الفلسطينية و بين الشعبين الأردني و الفلسطيني فإن البعض يحاول استغلال نقاط الخلاف و تضخيمها و تقزيم نقاط الاتفاق و غض الطرف عنها وذلك لأمر في نفس يعقوب ! مع أنه من الطبيعي أن يكون هناك اختلاف كما هي جميع الشعوب الحية .
مما سبق يجب ألا يتعاطى الشعبين الأردني و الفلسطيني معاً بناءً على طبيعة العلاقة بين دولتيهما فتتحول العلاقة بينهما مدّاً و جزراً حسب مزاج المسؤولين في الدولتين ، فالعلاقة بين الشعوب هي الأقوى و الأمتن من العلاقة بين الدول و الحكومات ، وخصوصاً أننا ننتمي لشعب واحد هو الشعب العربي الإسلامي ، لذلك يجب أن يتعايش الشعبين الأردني و الفلسطيني معاً و في ضمير كل شعب التاريخ النضالي بينهما و أحكام الشريعة الإسلامية التي تدعو إلى وحدة الصف و إلى التآخي و عادات وتقاليد الجيرة ، و ما يفرضه علينا انتماؤنا لأمتنا العربية ، و أخطر ما يهدد العلاقة بين الشعبين هو إذا تم بناء هذه العلاقة على أسس المصالح و الحسابات السياسية الضيقة ، هذا فيما يخص العلاقة بين الشعب الأردني في دولته الأردن و الشعب الفلسطيني في دولته فلسطين .
أما العلاقة بين أفراد الشعب الأردني الواحد كأردنيين من أصل شرق أردني و أردنيين من أصل فلسطيني – مع بغضي الشديد لهذا التقسيم و لكني مضطر لاستخدامه لتوضيح وجهة نظري – فالأصل أن تكون علاقة أي أردنيّ بأردنيّ آخر هي علاقة صحية طبيعية ليس لها محددات إلا الوطنية الصادقة ، و لا تكون لها محددات أخرى مثل الأصل و المنبت ، فإن كان أحد الأردنيين بطلاً وطنياً فهو بطل أردني مهما كان أصله و يجب أن يُكرّم ، و إذا اكتشف أن أردنياً يعمل كجاسوس فيجب أن يُحتقر و أن يتم إعدامه سواء كان أصله من شرق النهر أو من غربه أو أصله من سوريا أو مصر أو من جزر الواق واق ، فالمعيار الأساسي هو الوطنية الصادقة قولاً و فعلاً ، هذا هو الأصل بموضوع العلاقة بين أفراد الشعب الواحد ولكن ما هو مُعاشٌ على أرض الواقع غير ذلك .
على أرض الواقع في الأردن هناك فئة من الأردنيين تعتبر الأردنيين من أصل فلسطيني مواطنين عليهم نفس الواجبات و لهم نفس الحقوق ، و فئة أخرى من الأردنيين تعتبر الأردنيين من أصل فلسطيني مجـرد ضيـوف و يجب أن يقروا بذلك علناً ، وفئة ثالثة تعتبرهم خطراً على الهوية الأردنية و رأس حربة لتحقيق مؤامرة الوطن البديل ، و فئة قليلة أخيرة من الأردنيين تعتبرهم ناكرين للجميل(!) و يجب ألا يتم التعاطي معهم كمواطنين بل كجالية عربية (!) و ينسى هذا البعض عشرات السنين من البناء و الإعمار التي تكاتف فيها الجميع من أجل بناء الوطن .
و على أرض الواقع في الأردن أيضاً هناك فئة من الأردنيين من أصل فلسطيني يؤمنون أن الأردنيين الآخرين هم إخوتهم والجميع شعبٌ أردني واحد ، و هناك فئة أخرى من الأردنيين من أصل فلسطيني يعتقدون أنهم أصحاب الحقوق المنقوصة و أنه يتم التعامل معهم كأنهم مواطنين من الدرجة الثانية ، و هناك فئة قليلة أخرى من الأردنيين من أصل فلسطيني يعتقدون أنهم متفضّلين على الأردن بتجارتهم و أموالهم و ينسى هذا البعض أنه إن كان يتعاطى مع الأردن كأردني حقاً فلا يجب أن يشعر بأن له فضل على الأردن مهما قدّم للأردن ، فلا فضل لأحد على الأردن إلا الله ، و فضل الأردن على الجميع .
و لتوضيح ما أقصده سأقتبس التالي من مقالة قديمة لي عنوانها ( لا تضيّعوا الأردنّ بين الهجيني الأردني و الزجل الفلسطيني ) :
((أرى بعض الهجيني الأردني يصدح من البعض ضارباً بعرض الحائط الوطنية الحقيقية ، ومستبدلاً مكانها سكاكين غريبة علينا ؛ لتقطيع أوصال الشعب ، معتقداً أن البطولة والوطنية هي أن يقطع ( هبرةً ) كبيرة من اللحم الأردني ويقذف بها لغربي النهر بحجة باطلة ( أن لكم وطنكم ولنا وطننا ولولا العيب لقالوا لكم دينكم ولنا دين! ) ، وكل ذلك الهجيني بمرافقة ربابتنا البريئة من كل سوء إلا سوء بعض الأنامل التي تداعب أوتارها ، أقول البعض مؤكداً على كرهي للتبعيض .
و تكبر مصيبتي و خوفي على الأردن وطني عندما ينبري بعض الزجل الفلسطيني راداً بعنف على الهجيني الأردني ، و داعياً ومدعياً أنه الأردني الذي عمّر البلد وطوّر الأردن ، ويصدح بزجله ضارباً بعرض الحائط الوطنية الحقيقية ، ومستبدلاً مكانها رصاصاً غريباً علينا يقتل فيه قلب الشعب إنتقاماً لعقل الشعب ! معتقداً أن البطولة أن يسمّم بالحقد ( هبرةً ) كبيرة من اللحم الأردني ، و يعلن موتها ، ويقذف بها في غياهب المحاصصة وشبهات التوطين ، بحجة باطلة ( أننا جئنا شرقي الأردن فكان أرضاً فارغة إلا من بعض البدو البدائيين ، فزرعنا ، وتاجرنا ، وبنينا ، وصنعنا الأردن ، وعلمنا بدوه الحضارة ! ولولا العيب لقالوا أنهم كريستوفر كولومبوس وقومه وقد اكتشفوا الأرض الجديدة وسموها الأردن ! ) وكل ذلك الزجل يحدث بمرافقة الدف الفلسطيني البريء من كل سوء إلا سوء بعض الأنامل التي تضرب عليه )) !!
هذه العبارات وجدت من المفيد إعادة طرحها من جديد في هذا المقام بهدف ترك الجدال العقيم و التوجه نحو الحوار الهادف المنطقي و الصحي ، لذلك أطرح على كل أردني و أردني من أصل فلسطيني التالي :
لا يوجد شعب بدون بطولات و أبطال ، و لا يوجد شعب بدون خيانة و خونة ، لذا لنترك الاتهامات جانباً ! و لنختلف كما شئنا على ما حدث في التاريخ الحديث في الأردن وفلسطين ! و لنشكك بنوايا بعضنا بالخفاء ! و لنختلف على كل شيء ! ولكن لنتفق على الهدف و هو تحرير فلسطين كهدف أسمى و إقامة دولة فلسطينية على جزء من التراب الفلسطيني كهدف مرحلي ، لنتفق على هذا الهدف و نعدّ له العِدّة ، و نُصفّي القلوبَ و نجاهد بالسياسة ، وبالسلاح إن فشلت السياسة لتحقيق هذا الهدف ، لنتفق على هذا الهدف و لو اختلفنا على أي شيء آخر ، لأن تحقيق هذا الهدف يحلّ جميع المشاكل العالقة كالتالي :
في إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة سعادة فئة الأردنيين الذين يعشقون الأردنيين من أصل فلسطيني لأنهم يكونوا قد ساهموا بتحرير أرض أشقائهم .
في إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة سعادة فئة الأردنيين الذين يعتبرون أن الأردنيين من أصل فلسطيني ضيوفاً ، و سعادة الفئة التي تعتبرهم خطراً على الهوية الأردنية و متخوفين من الوطن البديل ، و سعادة للفئة التي تعتبرهم ناكرين للجميل ؛ لأن ذلك يقوي حجتهم أنّ لهم دولة مستقلة و ذات سيادة فيجب أن يعودوا إليها ، لذلك المنطق يقول أن على هذه الفئات أن تحاول المستحيل لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة .
في إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة سعادة للأردنيين من أصل فلسطيني الذين يتمنون العودة لوطنهم ، و سعادة للفئة منهم الذين يعتبرون أن حقوقهم منقوصة أو أنهم أصحاب فضل بأموالهم على الأردن ؛ لأنهم عندما يعودوا إلى وطنهم لن يشعروا أن حقوقهم منقوصة و سيشعر القليل منهم أنهم يضعون أموالهم في وطنهم و ليس في وطن آخر (!) .
ما أريد الوصول إليه أنه هناك لدى الجهتين بعض الفئات رائعة و بعضها سيئة والحل أن يختلف الجميع كما يشاؤون ! و لكن ليتوحد الجميع على هدف واحد هو تحقيق الدولة الفلسطينية على أرض الواقع ؛ لأن ذلك يريح جميع الأطراف ، و يبقى الشعب الأردني من كافة الأصول و المنابت شعباً واحداً و خصوصاً – كما أعتقد – أن الأردنيين من أصل فلسطيني 48 لا أحد يدعي أنهم غير أردنيين بالكامل إلا إذا تحررت فلسطين من البحر إلى النهر .
المفارقة هي أنه على أي أردني لا يريد الفلسطينيين في الأردن أن يبذل جهداً مضاعفاً لتحرير فلسطين أو إقـامة دولة فلسطينية ليعود إليها الفلسطيني ، هذا ما يجب أن يسعى إليه ، لا أن يقدح و يذم بشعب كامل دون تحقيق نتائج ملموسة على أرض الواقع ! لأن الفلسطيني لو استطاع وحده أن يحرر فلسطين لفعل ذلك منذ أكثر من ستين عاماً دون تردّد ، أي أن العنصري و غير العنصري يجب أن يكون هدفهم واحد هو تحرير الأرض المغتصبة ولكن تختلف منطلقات وأسباب كلٍ منهما ! و هذا هو السهل الممتنع في العلاقة بين أفراد الشعب الأردني تحت سماء الأردن ؛ فهذا يحدث على الكرة الأرضية فقط تحت سماء الأردن !
الحوار و الجَدَل الدائر علناً منذ مدة غير قصيرة عن العلاقة بين أفراد الشعب الأردني الواحد المنتمين لأصول مختلفة ، و عن العلاقة بين الشعبين الأردنيّ و الفلسطينيّ على وجه الخصوص هو من مظاهر الأجواء الديموقراطية التي يعيشها وطننا ، ونتاج إيجابيّ ما دام الممارسين للحوار يتصفون بالمسؤولية و الوعي الكافيين لطرح وجهة نظرهم دون توليد مشاعر الحقد والبغضاء بين أفراد الشعب من كافة منابته و أصوله ، و دون تتفيه الآخر و إهانته أو إنكاره و تخوينه ، وأن يكون هدف الحوار تحقيق المصلحة العليا للوطن و الحفاظ على الجبهة الداخلية متماسكة و قوية كما هي دائماً ، و الأهم أن يكون الحوار تحت سقف الولاء للأردن و قيادته الهاشمية و شعبه الأصيل ، وأن يكون ضمن حدود الشرع و الدين الإسلامي ، من هذا المنطلق أطرح أفكاري بهذا الاتجاه فإذا أصبت فهذا فضل من الله ، و إن أخطأت أطلب المغفرة من الله و السّماح من الناس .
هناك فرق بين الأردن والأردنيين ؛ المقصود ب الأردن : الدولة و الكيان السياسي السيادي و الذي له مواقفه من جميع التحديات و القضايا بما يُعرف برأي و موقف الأردن الرسمي ؛ أي موقف الدولة الأردنية من قضية ما ، أما الأردنيون فهم الشعب الذي يصعب أن يكون لديه إجماع كامل حول قضية ما ، فلكل فرد منـطلـقـاتـه و لكل حزب توجهاته ، ولكن يغلب أحياناً حدوث موقف مشترك حول قضية ما بين جميع عناصر الشعب وهو ما يعرف بموقف الأردن الشعبي أو رأي الشارع الأردني ، و هذا ينطبق على فلسطين و الفلسطينيين ، فهناك موقف فلسطين الرسمي و تمثله السلطة الفلسطينية ( مجازاً الدولة الفلسطينية ) ، وهناك موقف فلسطين الشعبي أو رأي الشارع الفلسطيني حول قضية ما ، ما أريد الوصول إليه هو أنه يحدث كثيراً ألا تتطابق المواقف الشعبية للشارعين الأردني و الفلسطيني مع بعضهما البعض و مع مواقف الأردن الرسمي و فلسطين الرسمي ، كما تختلف أحياناً مواقف الدولة الأردنية الرسمية تجاه بعض القضايا عن مواقف الدولة الفلسطينية ( معتبراً أن السلطة الفلسطينية هي المُعَبِّر الشرعي عن مواقف فلسطين الرسمية ) ، المهم يجب أن ندرك أنه بسبب خصوصية العلاقة بين الدولة الأردنية و الدولة الفلسطينية و بين الشعبين الأردني و الفلسطيني فإن البعض يحاول استغلال نقاط الخلاف و تضخيمها و تقزيم نقاط الاتفاق و غض الطرف عنها وذلك لأمر في نفس يعقوب ! مع أنه من الطبيعي أن يكون هناك اختلاف كما هي جميع الشعوب الحية .
مما سبق يجب ألا يتعاطى الشعبين الأردني و الفلسطيني معاً بناءً على طبيعة العلاقة بين دولتيهما فتتحول العلاقة بينهما مدّاً و جزراً حسب مزاج المسؤولين في الدولتين ، فالعلاقة بين الشعوب هي الأقوى و الأمتن من العلاقة بين الدول و الحكومات ، وخصوصاً أننا ننتمي لشعب واحد هو الشعب العربي الإسلامي ، لذلك يجب أن يتعايش الشعبين الأردني و الفلسطيني معاً و في ضمير كل شعب التاريخ النضالي بينهما و أحكام الشريعة الإسلامية التي تدعو إلى وحدة الصف و إلى التآخي و عادات وتقاليد الجيرة ، و ما يفرضه علينا انتماؤنا لأمتنا العربية ، و أخطر ما يهدد العلاقة بين الشعبين هو إذا تم بناء هذه العلاقة على أسس المصالح و الحسابات السياسية الضيقة ، هذا فيما يخص العلاقة بين الشعب الأردني في دولته الأردن و الشعب الفلسطيني في دولته فلسطين .
أما العلاقة بين أفراد الشعب الأردني الواحد كأردنيين من أصل شرق أردني و أردنيين من أصل فلسطيني – مع بغضي الشديد لهذا التقسيم و لكني مضطر لاستخدامه لتوضيح وجهة نظري – فالأصل أن تكون علاقة أي أردنيّ بأردنيّ آخر هي علاقة صحية طبيعية ليس لها محددات إلا الوطنية الصادقة ، و لا تكون لها محددات أخرى مثل الأصل و المنبت ، فإن كان أحد الأردنيين بطلاً وطنياً فهو بطل أردني مهما كان أصله و يجب أن يُكرّم ، و إذا اكتشف أن أردنياً يعمل كجاسوس فيجب أن يُحتقر و أن يتم إعدامه سواء كان أصله من شرق النهر أو من غربه أو أصله من سوريا أو مصر أو من جزر الواق واق ، فالمعيار الأساسي هو الوطنية الصادقة قولاً و فعلاً ، هذا هو الأصل بموضوع العلاقة بين أفراد الشعب الواحد ولكن ما هو مُعاشٌ على أرض الواقع غير ذلك .
على أرض الواقع في الأردن هناك فئة من الأردنيين تعتبر الأردنيين من أصل فلسطيني مواطنين عليهم نفس الواجبات و لهم نفس الحقوق ، و فئة أخرى من الأردنيين تعتبر الأردنيين من أصل فلسطيني مجـرد ضيـوف و يجب أن يقروا بذلك علناً ، وفئة ثالثة تعتبرهم خطراً على الهوية الأردنية و رأس حربة لتحقيق مؤامرة الوطن البديل ، و فئة قليلة أخيرة من الأردنيين تعتبرهم ناكرين للجميل(!) و يجب ألا يتم التعاطي معهم كمواطنين بل كجالية عربية (!) و ينسى هذا البعض عشرات السنين من البناء و الإعمار التي تكاتف فيها الجميع من أجل بناء الوطن .
و على أرض الواقع في الأردن أيضاً هناك فئة من الأردنيين من أصل فلسطيني يؤمنون أن الأردنيين الآخرين هم إخوتهم والجميع شعبٌ أردني واحد ، و هناك فئة أخرى من الأردنيين من أصل فلسطيني يعتقدون أنهم أصحاب الحقوق المنقوصة و أنه يتم التعامل معهم كأنهم مواطنين من الدرجة الثانية ، و هناك فئة قليلة أخرى من الأردنيين من أصل فلسطيني يعتقدون أنهم متفضّلين على الأردن بتجارتهم و أموالهم و ينسى هذا البعض أنه إن كان يتعاطى مع الأردن كأردني حقاً فلا يجب أن يشعر بأن له فضل على الأردن مهما قدّم للأردن ، فلا فضل لأحد على الأردن إلا الله ، و فضل الأردن على الجميع .
و لتوضيح ما أقصده سأقتبس التالي من مقالة قديمة لي عنوانها ( لا تضيّعوا الأردنّ بين الهجيني الأردني و الزجل الفلسطيني ) :
((أرى بعض الهجيني الأردني يصدح من البعض ضارباً بعرض الحائط الوطنية الحقيقية ، ومستبدلاً مكانها سكاكين غريبة علينا ؛ لتقطيع أوصال الشعب ، معتقداً أن البطولة والوطنية هي أن يقطع ( هبرةً ) كبيرة من اللحم الأردني ويقذف بها لغربي النهر بحجة باطلة ( أن لكم وطنكم ولنا وطننا ولولا العيب لقالوا لكم دينكم ولنا دين! ) ، وكل ذلك الهجيني بمرافقة ربابتنا البريئة من كل سوء إلا سوء بعض الأنامل التي تداعب أوتارها ، أقول البعض مؤكداً على كرهي للتبعيض .
و تكبر مصيبتي و خوفي على الأردن وطني عندما ينبري بعض الزجل الفلسطيني راداً بعنف على الهجيني الأردني ، و داعياً ومدعياً أنه الأردني الذي عمّر البلد وطوّر الأردن ، ويصدح بزجله ضارباً بعرض الحائط الوطنية الحقيقية ، ومستبدلاً مكانها رصاصاً غريباً علينا يقتل فيه قلب الشعب إنتقاماً لعقل الشعب ! معتقداً أن البطولة أن يسمّم بالحقد ( هبرةً ) كبيرة من اللحم الأردني ، و يعلن موتها ، ويقذف بها في غياهب المحاصصة وشبهات التوطين ، بحجة باطلة ( أننا جئنا شرقي الأردن فكان أرضاً فارغة إلا من بعض البدو البدائيين ، فزرعنا ، وتاجرنا ، وبنينا ، وصنعنا الأردن ، وعلمنا بدوه الحضارة ! ولولا العيب لقالوا أنهم كريستوفر كولومبوس وقومه وقد اكتشفوا الأرض الجديدة وسموها الأردن ! ) وكل ذلك الزجل يحدث بمرافقة الدف الفلسطيني البريء من كل سوء إلا سوء بعض الأنامل التي تضرب عليه )) !!
هذه العبارات وجدت من المفيد إعادة طرحها من جديد في هذا المقام بهدف ترك الجدال العقيم و التوجه نحو الحوار الهادف المنطقي و الصحي ، لذلك أطرح على كل أردني و أردني من أصل فلسطيني التالي :
لا يوجد شعب بدون بطولات و أبطال ، و لا يوجد شعب بدون خيانة و خونة ، لذا لنترك الاتهامات جانباً ! و لنختلف كما شئنا على ما حدث في التاريخ الحديث في الأردن وفلسطين ! و لنشكك بنوايا بعضنا بالخفاء ! و لنختلف على كل شيء ! ولكن لنتفق على الهدف و هو تحرير فلسطين كهدف أسمى و إقامة دولة فلسطينية على جزء من التراب الفلسطيني كهدف مرحلي ، لنتفق على هذا الهدف و نعدّ له العِدّة ، و نُصفّي القلوبَ و نجاهد بالسياسة ، وبالسلاح إن فشلت السياسة لتحقيق هذا الهدف ، لنتفق على هذا الهدف و لو اختلفنا على أي شيء آخر ، لأن تحقيق هذا الهدف يحلّ جميع المشاكل العالقة كالتالي :
في إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة سعادة فئة الأردنيين الذين يعشقون الأردنيين من أصل فلسطيني لأنهم يكونوا قد ساهموا بتحرير أرض أشقائهم .
في إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة سعادة فئة الأردنيين الذين يعتبرون أن الأردنيين من أصل فلسطيني ضيوفاً ، و سعادة الفئة التي تعتبرهم خطراً على الهوية الأردنية و متخوفين من الوطن البديل ، و سعادة للفئة التي تعتبرهم ناكرين للجميل ؛ لأن ذلك يقوي حجتهم أنّ لهم دولة مستقلة و ذات سيادة فيجب أن يعودوا إليها ، لذلك المنطق يقول أن على هذه الفئات أن تحاول المستحيل لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة .
في إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة سعادة للأردنيين من أصل فلسطيني الذين يتمنون العودة لوطنهم ، و سعادة للفئة منهم الذين يعتبرون أن حقوقهم منقوصة أو أنهم أصحاب فضل بأموالهم على الأردن ؛ لأنهم عندما يعودوا إلى وطنهم لن يشعروا أن حقوقهم منقوصة و سيشعر القليل منهم أنهم يضعون أموالهم في وطنهم و ليس في وطن آخر (!) .
ما أريد الوصول إليه أنه هناك لدى الجهتين بعض الفئات رائعة و بعضها سيئة والحل أن يختلف الجميع كما يشاؤون ! و لكن ليتوحد الجميع على هدف واحد هو تحقيق الدولة الفلسطينية على أرض الواقع ؛ لأن ذلك يريح جميع الأطراف ، و يبقى الشعب الأردني من كافة الأصول و المنابت شعباً واحداً و خصوصاً – كما أعتقد – أن الأردنيين من أصل فلسطيني 48 لا أحد يدعي أنهم غير أردنيين بالكامل إلا إذا تحررت فلسطين من البحر إلى النهر .
المفارقة هي أنه على أي أردني لا يريد الفلسطينيين في الأردن أن يبذل جهداً مضاعفاً لتحرير فلسطين أو إقـامة دولة فلسطينية ليعود إليها الفلسطيني ، هذا ما يجب أن يسعى إليه ، لا أن يقدح و يذم بشعب كامل دون تحقيق نتائج ملموسة على أرض الواقع ! لأن الفلسطيني لو استطاع وحده أن يحرر فلسطين لفعل ذلك منذ أكثر من ستين عاماً دون تردّد ، أي أن العنصري و غير العنصري يجب أن يكون هدفهم واحد هو تحرير الأرض المغتصبة ولكن تختلف منطلقات وأسباب كلٍ منهما ! و هذا هو السهل الممتنع في العلاقة بين أفراد الشعب الأردني تحت سماء الأردن ؛ فهذا يحدث على الكرة الأرضية فقط تحت سماء الأردن !
تعليقات القراء
لقد نقلت للقاريء بتناولك لهذا الموضوع بكل الجرأه ما يدور في أذهان البعض ممن يعتبرون أن قضية الاول والمنابت وما يتفرع عنها من اشكاليات هي قضيتهم الاولى وبحلها تحل كل مشاكلنا وقضايانا ....ولكنك بذات الجرأه أجبت عن الكثير من التساؤلات والمخاوف التي يطرحها خفافيش بغض النظر ما هي منابتهم واصولهم ويمارسون بها دسا رخيصا يحاولون منخلاله احداث شقوق في جدار توحد أزلي شكل بناء مجتمعنا وتفنن هؤلاء في ذلك سعيا منهم لترجمة اجندات مريبه ارضاء وخدمة للشيطان.
لا أستطيع أن أقدم أي اضافه عما كتبت من جواهر الكلام الذي يؤمن به كل الأخيار في وطننا الغالي والذين يشكلون العالبية العظمى الواعين لدورهم في نبذ كل ما من شأنه الاساءه لجبهة داخليه طالما تغنينا بصلابتها وهكذا ستبقى رغم كل الطرهات التي تنطلق أحيانا من هنا وهناك..وسيستمر كل الغيارى في بذل كل الجهد من أجل أن يبقى هذا الوطن عزيزا كريم يرتقي في كل مناحي الحياة ويؤدي على الدوام بتأدية رسالته العظيمه ...مذكرا بأن الاردن ورغم كل الظروف التي تخصه اقتصاديا وجيوسياسيا الا أنه تمسك في كثير من المواقف الحساسه بثوابته التي اكسبته على الدوام احترام العدو قبل الصديق.
أحييك أخي سميح على هذه الروح العربيه الاردنيه الاصيله وثق بأن جرأتك ووعيك ووطنيتك الصادقه ستبقى ملها لنا في عشق الاردن والحرص على كل شيء فيه وصفعة للجهلاء الذين لا يتقون الله في وطننا الاغلى وانسانه الطيب.
صح لسانك
فيه مثل استرالي بيقول put your money where your mouth is
يعني اذا ادعيت او طالبت شيئ ما فكن اول السباقين اليه.
يا ليت اللي بيفتحوا ابواقهم يكونوا على قد قولهم ويترجموا حكيهم لفعل بدل ما همه زي الابواق المخزوقه ليس منها اللا الازعاج ورفع ضغط الدم :-)
كلمات تكتب بماء الذهب
لطرح وجهة نظرهم دون توليد مشاعر الحقد والبغضاء بين أفراد الشعب من كافة منابته و أصوله ، و دون تتفيه الآخر و إهانته أو إنكاره و تخوينه
لذلك يجب أن يتعايش الشعبين الأردني و الفلسطيني معاً و في ضمير كل شعب التاريخ النضالي بينهما و أحكام الشريعة الإسلامية
أن العنصري و غير العنصري يجب أن يكون هدفهم واحد هو تحرير الأرض المغتصبة ولكن تختلف منطلقات وأسباب كلٍ منهما ! و هذا هو السهل الممتنع في العلاقة بين أفراد الشعب الأردني تحت سماء الأردن
وتعايش الشعبين يضرب فيه المثل برغم وجود بعض المنغصات لهذا التآلف ، وهو الطريق الأكيد نحو تحرير الأرض المحتلة والمسجد الأقصى الذي هو قبلة كل المسلمين ، ففي فلسطين يوجد مقدسات المسلمين جميعاً وليس لأنها أرض الفلسطينيين وحدهم ، وتحريرها أو السعي إليه واجب على كل مسلم.
نتمنى أن يتذكر الجميع ذلك في وحدة الصف وأهميتها عند المشاركة في المفاوضات الفلسطينية لنفاوض من منطلق قوة وليس بداعي الفرقة والتشرذم .
وللكاتب الكريم خالص احترامي واعتزازي بقلمه الطيب .
وكما قلت فتحرير فلسطين واجب وامل يجب ان يسعى اليه الجميع ليس للخلاص من الفلسطيني او العكس انما لتحرير ارض عربية اسلامية اولا
ونفسي انحطه في جسم المدعوا احمد القرعان لعل وعسى
ان يعود الى اصله فأهله كرام ولكن لكل قاعدة شواذ
وانا على يقين انه شااااااااااذذذذذذذذذذ
لما يجي حد يعمل انقلاب في بلدك وقتها دافع منيح يا ذكي سلام
أكتب تعليقا
تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه. - يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع |
|
الاسم : | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : | |
كلام لا يسعني الا ان اقول لك جزاك الله كل خيرعن كل كلمة تكتبها
وليقرأ الاخرون لعلهم يفقهوا