بيبي وبيني وجهان لفكر صهيوني عنصري ومتطرف


للحقيقة أن الغالبية الساحقة من المجتمع الإسرائيلي غارقة حتى اذانها في بحر العنصرية المتشددة وتدعم اليمين المتطرف وأن بيبي نتن ياهو وبيني غانتس هما نتاج هذا المجتمع الإرهابي السيئ وهما وجهان لفكر صهيوني واحد إجرامي ومتطرف بغض النظر عن ما أفرزته نتائج الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة أو سابقاتها فإنّ حقائق الصراع العربي الإسرائيلي على مدار أكثر سبعين عاماً تؤكد أن مشكلة الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية لا ترتبط بشخصٍ محدد أو بحزبٍ معين أو مرحلة دون سواها فالإرهاب والجرائم الإسرائيلية المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني مشهودة وحدثت سابقا ولا زالت تحدث الآن بإشراف وتوجيهات من قبل حكومات وزعامات مختلفة بعضها ينتمي لتكتلات حزبية متطرفة في الكنيست كتجمع ليكود بزعامة نتن ياهو وبعضها الآخر كان يتبع لأحزاب توصف كذبا وتضليلا بالاعتدال كحزب العمل الذي قاد عدة ابشع الحروب الدامية على العرب خلال العقود الماضية.

جميع الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة منذ اتّفاق أوسلو في العام 1993 ترفض وقف الاستيطان والانسحاب من القدس وحقّ العودة للفلسطينيين ولم تنفذ أي من القرارت الدولية بشان القضية الفلسطينية أو الاتّفاقيات الموقعة مع منظمة التحرير الفلسطينية ثم السلطة الفلسطينية او التعهد بضمان حقوق اللاجئين الفلسطينيين كما واصلت جميعها سياسة التهويد والاستيطان في القدس والضفّة الغربية والجولان رغم تعارض ذلك مع القوانين الدولية ولم تقم أي حكومة إسرائيلية حتّى اليوم بإعلان الحدود الدولية الواضحة لدولة إسرائيل والتي كان يرسمها دائما المدفع والصاروخ وتمدد جيش الاحتلال مما يجعل أساس الصراع العربي والفلسطيني مع إسرائيل مستمراً رغم تغيّر الأشخاص والحكومات فيها بقيت الايدولوجيا المتطرفة.

حتى آخر فرز شبه نهائي لأصوات المقترعين تقدم تكتل " ازرق ابيض " بزعامة الجنرال بيني غانتس على الليكود وزعيمه الفاسد نتن ياهو وحصل على 33 مقعدا في الكنيست 22 متقدم بمقعدين فقط ولكن هذا التقدم على أهميته وضرورته في اللحظة السياسية الراهنة لم يمنح التكتل وجنرالاته الأربعة ( اذا ما صنفنا لبيد جنرال ضمنهم ) تفويضا كافيا لقيادة دولة الاحتلال الإسرائيلية وتولي رئاسة الحكومة لأنه يحتاج إلى ترشيح 60 نائبا له أمام رئيس الدولة ريفلين إضافة إلى ان زعيم التكتل غانتس لا يملك الخبرة السياسية والكاريزما القيادية الكافية لإدارة مؤسسات الدولة رغم انه كان قائدا عسكريا محترفا ورئيسا لأركان الجيش الإسرائيلي وعلى عكس ما تروج له وسائل الإعلام فإن التنافس الرئيسي في الانتخابات لم يكن بين فكر يمين ويسار وسط بل بين قائمة يمين عنصري متطرف يرأسها غانتس وتضم ثلاثة من رؤساء أركان الجيش الإسرائيلي السابقين وبين قائمة يمين عنصري أشد تطرفا برئاسة نتن ياهو ولا يوجد مطلقا بين الأحزاب الصهيونية خط يساري ولا يوجد معسكر سلام ولن يتغير المجتمع الإسرائيلي إلا إذا شعر بقوة وقسوة المقاومة الشعبية الفلسطينية المترافقة مع عقوبات ومقاطعة دولية حقيقية مجتمعة وفاعلة.

ومن خلال قرائه متأنية للواقع الذي نعيشه في المنطقة نجد ان كلتا القائمتين المتنافستين وحلفائهما ترفضان حق الفلسطينيين في القدس وتصران على أن تبقى عاصمة موحدة لإسرائيل وكلتاهما ترفضان تفكيك المستوطنات التي يقر العالم كله بعدم شرعيتها و ترفضان أيضا حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني وتؤيدان قانون القومية العنصري وتعارضان حق اللاجئين في العودة وتؤيدان خطة ترامب المسماة "صفقة القرن" لتصفية القضية الفلسطينية و تدعمان استمرار الحصار الخانق على قطاع غزة واستهدافها بالقصف والتدمير وكلتا القائمتين تسعيان الى حشر الفلسطينيين في إطار حكم ذاتي ضيق وهزيل يقوم على تجمعات سكانية مفصولة عن الأرض كبديل لدولة فلسطينية مستقلة و ذات سيادة فيما يمكن تسميته ( جيتوستانات معزولة ضمن نظام أبرتهايد عنصري ) أسوأ مما كان في دولة جنوب إفريقيا وأي حكومة وحدة وطنية إسرائيلية قادمة لن تكون مختلفة بشيء عن الحكومة الليكودية الحالية في سياساتها وممارساتها وتوجهاتها ويخدع نفسه من لا زال يتوهم ويحلم بإمكانية التفاوض مع مثل هذه الحكومات أو العودة إلى مسارات نفق أوسلو المظلم الذي وصل إلى نهايته المحتومة بالفشل.

إذا لا فرق بين نتنياهو الذي يريد ضم الأغوار و62% من الضفة الغربية مما يسمى مناطق (ج) وغانتس الذي يريد استمرار إبقائها تحت السيطرة الإسرائيلية و التوسع الاستيطاني فيها ولا ننسى ان كلا الطرفين ساهما بشراسة في ارتكاب جرائم الحرب ضد الشعب الفلسطيني على مراحل مختلفة ولا فارق بالأيديولوجية الواسعة بين غانتس ونتنياهو أو غيرهما ربما يكون ثمة طرف متشدد وطرف آخر أقل تشددًا وقد يخفي البعض تشدده بقفازات ناعمة لكن فيها يكمن كل الشر والقتل والدمار وان جميع السياسيين الإسرائيليين يتنافسون على من يسلب من حقوق الفلسطينيين أكثر من غيره وهم كلهم يشتركون في السياسة العنصرية والمتطرفة ذاتها.

بيني غانتس خصم ومنافس نتنياهو المتهم بالتسامح زورا هو إرهابي ومجرم قتل أكثر من 2300 فلسطيني في 50 يوم واحد وكان يتباهى بتدمير قطاع غزة وينشر تسجيلات مصورة لعدد القتلى الفلسطينيين والأهداف التي تم تدميرها تحت قيادته في حرب 2014 ضد حركة حماس وفي ظل حمى الصراع الانتخابي الذي جرى بينهما اتهم نتن ياهو غريمه غانتس بأنه ذو توجهات يسارية و متعاطف مع حماس والفلسطينيين و سيقدم تنازلات لهم في حال فوزه في المقابل لا يفوت غانتس اي فرصة إلا ويؤكد فيها أنه لا يقل تطرفًا عن منافسه النتن ياهو وشريك جرائمه في الماضي والذي عمل رئيسا لأركان الجيش تحت إمرته وحتى في برنامجه الانتخابي لم يختلف غانتس كثيرًا عن نتن ياهو حيث تعهد بالحفاظ على المستوطنات وتعزيز الوحدات الاستيطانية الموجودة كما أكد ان القدس بما فيها القدس الشرقية ستبقى إلى الأبد عاصمة لإسرائيل وكرر أننا لن نسمح لملايين الفلسطينيين الذين يعيشون في الجهة الأخرى لجدار الفصل من تهديد أمننا وهويتنا كدولة يهودية ذات سيادة.

الإرهابي القاتل المجرم غانتس واحد من القادة الإسرائيليين المتهمين بارتكاب جرائم حرب إنسانية بحق الفلسطينيين والذي عينه النتن ياهو رئيس لأركان الجيش الإسرائيلي وامتدح أداءه أثناء العدوان على غزة عام 2014 يحاول اليوم ومعسكره إظهاره وكأنه حمامة سلام وهو الذي اختار أن يكون شعار دعايته الانتخابية صورة للدمار الهائل الذي خلفه العدوان الذي قاده على قطاع غزة في سنة 2014 ونشر على حسابه فيس بوك صورة لمنازل مدمرة في قطاع غزة وعلّق عليها قائلاً فقط ( القوى ينتصر ) ثم أضاف 6231 هدفًا دمرت ( غزة رجعت للعصر الحجري ).

ربما يكون في الواقع بيني غانتس في نظر البعض وجها جديدا سيعطي صورة أفضل لإسرائيل في الداخل والخارج لكنه فيما يتعلق بالتعامل مع الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة فإنه لا يختلف أبدا في أي شيء عن رئيس الوزراء الذي يريد أن يحل محله على رأس الحكومة الإسرائيلية وليس لدى أي منهما أجندة لإنهاء الاحتلال ولا يوجد فرق جوهري بين نتن ياهو زعيم حزب " الليكود " وبين رئيس حزب " كاحول لافان " بيني غانتس الذي يتطلع في حال وصوله لسدة الحكم الى تطبيق سياسة عنيفة وأكثر عدوانية تجاه حماس وقادتها ومقاتليها مع الحفاظ على خيار ( مراوحة التسوية الإقليمية في الضفة الغربية ) و العمل على إضعاف حركة حماس في قطاع غزة بالضربات العسكرية المنتخبة والمتوالية.

أخيرا ما ينبغي ويتوجب فهمه فلسطينيا وعربيا ودوليا في المحصلة النهائية ان المجتمع الإسرائيلي والقوى السياسية المختلفة فيه تتفق فيما بينها على هدف استراتيجي واحد هو خدمة كيانهم العنصري لكن الفرق بينهم ربما يكمن في الممارسة والتكتيك وانه ليس هناك اختلاف كبير تجاه مسيرة السلام و إنهاء الاحتلال فمعظم قادة الأحزاب الإسرائيلية يرفضون خيار حل الدولتين ويعارضون حتى منح حكم ذاتي بسيط للفلسطينيين ويرفضون التنازل عن السيادة على القدس وغور الأردن والمستوطنات في القدس والضفة والجولان كما أنهم لا يقبلون حق العودة وقرير المصير وهذا الرفض الإسرائيلي المتزمت كان على الدوام مدعوم بالكامل ومؤيد بالمطلق من قبل الإدارة الأميركية الحالية والإدارات السابقة التي شجعت القتل والغطرسة والعدوان على الشعب الفلسطيني بعيدا عن مفهوم الأمن ومتطلبات السلام.

mahdimubarak@gmail.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات