أنصفوا المعلمين أمل الوطن ولا تبخسوا حقوقهم


بداية تحية شكر وعرفان واعتزاز إلى كل معلم ومعلمة بناة الأجيال ومؤسسي عقول الوطن الذين يحترقون من اجل أن ينيروا دروب الآخرين وكل التقدير للجهود التي يبذلونها في بناء الإنسان الذي ينهض بالأوطان في كل مكان وزمان كواجب وأساس للارتقاء والتقدم وتحقيق المزيد من التطور والازدهار في ظل الأعباء والتحديات الاقتصادية التي يواجهها الوطن عاما بعد عام وحكومة اثر حكومة.

منذ فترة طويلة والمعلمين يطالبون بحقوقهم المشروعة بصراحة وهدوء وعقلانية وهم يعملون بكل إخلاص وتفاني وولاء وانتماء في خدمة الوطن الغالي والحكومة تقف عاجز عن حل أزمتهم بالتلكؤ المستمر وعدم إنصافهم أو الجدية في تأمين حقوقهم وصون كرامتهم و وحمايتهم من مسلسل الاعتداءات المهينة بإقرار قانون " أمن المعلم " وإعادة مكانتهم وهيبتهم ودورهم في المجتمع وتأهيلهم العلمي والمهني ليكونوا على مستوى المهمة التربوية الجليلة التي يحملون رسالتها النبيلة بعدما أيدهم ووقف إلى جانبهم كل الخيرين والمنصفين والشرفاء من ابنا الوطن الذين طالبوا بضرورة توفير كل السبل المعيشية والوظيفية الكريمة لحياتهم.

وبعد طول صمت وانتظار وقهر وظلم وعدم اهتمام وانغلاق الأفق خرج المعلمين والمعلمات بعدما طفح الكيل وبلغ السيل الزبى يوم الخميس الموافق 5 أيلول 2019 في وقفة احتجاجية سلمية وحضارية منظمة ومعلنة من قبل للمطالبة بعلاوة 50% على رواتبهم التي طال انتظارها بدون أمل أو رجاء في تحقيقها والوصول إليها بالتوافق والتفاهم على طاولة الحوار المشتركة بعد جولات عديدة من اجل إصلاح الواقع التربوي المتردي وانتزاع حقوق المعلمين المشروعة.

ولا نعلم حقيقة لماذا لم تعمل الحكومة بجدية من قبل وتحاور لمنع الوصول إلى هذا الواقع المؤلم وتوسع صدرها وتعطي معلميها حقوقهم الذين تحول كثير منهم إلى موظفين فقراء نتيجة سوء الأوضاع الاقتصادية والمعيشية وتفشي الفساد الإداري وتردي الخدمات التعليمية مما دفعهم مكرهين وفي موقف وطني شجاع وصادق إلى التظاهرات الاحتجاجية والوقفات الاستنكارية لتفريغ شحنات الظلم والغضب من نفوسهم والإعراب عن العديد من الاسقاطات السلبية التي تواجه مسيرة عملهم وحياتهم بعدما قتلت السياسات الارتجالية الخاطئة للحكومات المتعاقبة التعليم مع المعلم مع الطالب على مدار سنوات طويلة عجاف ومظلمة.

والحقيقة المرة والمؤكدة انه لم تبق شريحة في المجتمع الأردني إلا وقد أعربت عن تذمرها واحتجاجها من المعاناة التي تعيشها سواءً تلك المنضوية في تشكيلات نقابية واتحادية او كإفراد وجماعات من العاملين والمهنيين أما أن يصل مستوى الاحتجاج الى المطالبة بالإضراب عن العمل والدوام الرسمي لشريحة مهمة للمجتمع وللدولة على حد سواء مثل شريحة المعلمين وبدعوة من نقابة المعلمين نفسها وفي سابقة تصعيديه خطيرة في العمل النقابي بل وفي الممارسة الديمقراطية كلها بعد عدم الاتفاق بين الطرفين ( الحكومة ومجلس النقابة ) مما يؤكد إننا إمام معضلة كبيرة وخطيرة بحاجة إلى مراجعة عاجلة ودقيقة لإعلان ثورة تشريعية وتنظيمية وادارية شاملة في مجال التعليم تحدد فيها الحكومة أولوياتها بشكل صحيح وتعمل على إيجاد الحلول وتلبية المطالب بشكل تدريجي لاسيما فيما يتعلق بحقوق المعلمين المادية والمعنوية بحيث لا يجبرون في المستقبل على الاحتجاج أو الإضراب بهدف الضغط على الحكومة من أجل الحصول على علاوات لائقة أو حقوق مهنية مشروعة لتحسين مستوى معيشتهم ومما يستدعي أيضا ضرورة أخذ مطالبهم على محمل الجد وبحثها ومناقشتها وإيجاد الآليات المناسبة لتحقيقها لان حصول المعلمين على كافة حقوقهم من شانه ان يحسن نوعية وجودة التعليم ما ينعكس ايجابيا على مصلحة الطلية في توفير البيئة التعليمية الجيدة ولا يخفى على احد أهمية دور وتأثير المعلمين والمعلمات وهم يشكلون العمود الفقري للمنظومة التعليمية التي تعد الأساس في بناء الأجيال ونهضة الأمم وتسهم في تعزيز التماسك الاجتماعي والسلم والأمن المجتمعي.

سنقف مع المعلمين ليس لشيء بل لأننا على إيمان مطلق بان المعلم صاحب رسالة وكلمته مقدسة فهو الذي علمنا ان الوطن يحتاج الى ضمائر حية صادقة وليس الى سماسرة بنوك وتجار بورصات وموظفي فرص وأننا نؤيد حقوق المعلمين ونقابتهم ونتضامن معهم بشكل كامل في حقهم الطبيعي في التعبير عن مطالبهم العادلة لكونهم شريحة ذاقت الأمرين من ضغط الدولة واستهتار بعض أولياء أمور الطلبة وسوء الأوضاع المادية ولكننا في نفس الوقت نرفض اللجوء الى الإضراب عن العمل كحل نهائي يقود الى الإضرار بالمصلحة العامة والتأثير على المستوى التربوي خاصة وأننا نرى في المعلمين القدوة الأقدر والأكفأ على تقييم المصلحة الوطنية العليا ومصلحة الطلبة وان لا يسمحوا لأحد بالمزاودة عليهم في هذا الجانب لذا ندعو الحكومة ومجلس النقابة إلى الالتقاء في منتصف الظريق والاستفادة من أخطاء الماضي ووقف سياسات الاتهام والتحريض والتأزيم والاستقواء واعتماد الحكومة على الحل الأمني العنيف لما له من انعكاسات سلبية كبيرة على الأمن والسلم الأهلي والذي لن يجدي نفعا في هذه المرحلة الصعبة والدقيقة وسندفع نتائجه بألم جميعنا إضافة إلى ضرورة فتح أبواب الحوار واللقاءات والاجتماعات الجادة والمسؤولة للوصول إلى حل يرضى كافة الأطراف ويعيد الطلبة إلى مدارسهم بأمن وسلام حتى نبقى كلنا نتكاتف في خندق الدفاع عن الوطن والحفاظ على مقدراته وصون منجزات أبنائه يدا واحدة قوية ومتماسكة وبما يحقق رفعته ورخاء أبنائه وحفظ أمنه واستقراره.

ولم تكن مبررة ولا مفهومة أو مقبولة لدى كثير من الأردنيين جملة الإجراءات الأمنية غير المسبوقة التي وصفت بالخشنة والمشددة التي مارستها الحكومة بحق المعلمين المحتجين للتعبير السلمي عن مطالبهم المشروعة بما كفلته القوانين والدستور وذلك بمنعهم من الوصول إلى مكان الاعتصام المحدد مسبقا واستخدام الغاز المسيّل للدموع والهراوات من أجل تفريق تجمعاتهم واعتقال العديد منهم ومنع الحافلات والسيارات الخاصة من الوصول إلى العاصمة عمان وإغلاق مختلف الشوارع والمداخل العامة ما تسبب في أزمة خانقة وإرباك لحركة السير وتعطيل لحياة المواطنين وان مثل هذه الإجراءات بتناقلها عبر وسائل الإعلام المختلفة تسئ لسمعة الأردن في الخارج كما أنها لن توقف سعي المعلمين نحو الاستمرار بالمطالبة بحقوقهم بل ستزيدهم إصرارا عليها.

ومن المؤسف جدا في هذا الموقف ان بعض الكتاب والمواقع الإخبارية ورواد صفحات التواصل الاجتماعي مع الاحترام لكل الآراء والأطروحات سارعوا بلغة مشككة ومريبة إلى شيطنة حراك ووقفة المعلمين واتهامهم بالبعد عن المنطق والحق وتسييس مطالبهم والزج بالمعلمين والطلبة في معركة وهمية خاسرة هدفها تصفية الحسابات والدعوة للخروج على القانون وتهديد السلم المجتمعي ومحاولة لي ذراع الحكومة والدولة والبعض وصفهم بغلو وتطرف وصل حدود الشطط بأنهم دعاة فتنة وفوضى وتحدي وإنهم مرتهنون لسياسات حزبية ضيقة وتوجيهات مبيتة وان بوصلتهم الوطنية انحرفت عن أهدافها وغاياتها الحقيقية.

وأننا نقول بلغة العقل والحق والمنطق ودون مهاترات ومزودات والتفاف على حساب فئة من أبناء الوطن شريفة ووطنية ومخلصة وأمينة ذات تاريخ وضاء في بناء الوطن وصناعة الأجيال.

خرجت الملايين من المتعلمين والدارسين في مختلف التخصصات لا ينكر حقوقهم ومكانتهم ودورهم إلا جاحد أو حاقد أو جاهل أو متحامل أو كاره موجه بالرموت كنترول.

وان حل قضية المعلمين دون لف ودوران باعتبارها مظلمة في رقبة الحكومة ستسأل عنها ولا يحق لها أن تتذرع في عدم تلبية حقوق وطلبات المعلمين بحجة عدم توفر المال اللازم لذلك وبسبب الظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد فهذا قول حق يراد به باطل وذرا للرماد في العيون أمام ما نرى من إنفاق متوالي وهدر متواصل وسوء استعمال واستثمار للأموال العامة وصرف الرواتب الفلكية لفئة محددة من الوزراء والأعيان والنواب وبعض المسؤولين والامتيازات الخيالية والمكافئات والمياومات الخاصة لذوي الشأن والمقربين وبدل جلسات لأعضاء مجالس الإدارات في الشركات التي تملكها الحكومة فليس كثير على المعلم المجتهد والمجاهد البائس ان يأخذ حقه المشروع الذي يريدون سرقته ويعيش بكرامة بعيدا عن السؤال والديون والقروض ( أيها العقلاء في وطني ) أنصفوا المعلمين ولا تذلوهم أكثر مما هم فيه في لقمة عيشهم وكرامتهم فتخسروهم واعلموا إن ( المعلم المهزوم لا ينتج إلا جيلا مهزوما ) وانه إذا سقط المعلم في حفرة التيه والحرمان فقد سقط الوطن وابناه في متاهات الضياع والدمار وانه من حق المعلمين التاريخي والوطني والديمقراطي والنقابي النضال والكفاح السلميين وعلى كافة الصعد من اجل تحسين شروط عملهم ونيل حقوقهم.

وأخيرا نقول لكل الدين ناصبوا الوقفة الاحتجاجية للمعلمين العداء والكراهية والاستهداف هل ( المعلم أصبح مجرما وارهابيا لأنه يطالب بحقه وكرامته ) اتقوا الله في أنفسكم والناس وأجيبوا إن استطعتم بضمير حي كامل الدسم وخالي من أي قناعات مسبقة و منزوع من التوجيه المبرمج والاصطفاف والانحياز الأعمى البعيد عن كل قيم الحق والعدل والإنصاف.

mahdimubarak@gmail.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات