السلاح بيد الدولة فقط


كنت أجلس في المقهى مع مجموعة من الأصدقاء، وفتح نقاش حول مسودة “قانون الأسلحة والذخائر المعدل” الذي أرسلته الحكومة إلى مجلس النواب، وبادرت بسؤال الحاضرين عمن يملك سلاحا في منزله، وتفاجأت أن غالبيتهم لديه أكثر من قطعة سلاح، وبعضهم يحتفظ بـ “كلاشنكوف” في بيته، وجل هذه الأسلحة غير مرخصة.

يرفض الكثيرون توجه الدولة لسحب السلاح من بين أيدي الناس، أو حتى تنظيم استخدامه وترخيصه، ويسوّق بعضهم الحجج السياسية أبرزها أن “السلاح ضرورة لحماية الوطن” ويستشهدون ويسردون قصصا لم تقنعني بمبررات الاحتفاظ بالأسلحة.

المؤلم حقا أن هناك من يرى أن تعديل القانون وسحب الأسلحة مرتبط باستحقاقات صفقة القرن؛ مشككين بنوايا الدولة وصدقيتها.

أتفهم أن يكون لديك مسدس تضعه في منزلك لمواجهة المخاطر شريطة أن يكون “مرخصا”، ويقتصر الأمر على الاقتناء وليس حمله والتجول به، ولكنني لا أجد مبررا وأتخوف من أشخاص – وكثير منهم من النخب المثقفة والمسيسة- تحتفظ بأسلحة أتوماتيكية في بيوتها وغير مرخصة، وتعتبر هذا حقا لها، ولا يجوز للدولة أن تفكر بسحبه، أو حتى تنظيم استخدامه، ولا يرون أن ترك الأمر بهذه الفوضى يشكل تهديدا للسلم الأهلي، وخطرا غير مضمون النتائج.

السلاح يجب أن يبقى فقط بيد الدولة، وأقصد الجيش والمؤسسات الأمنية، وهي التي يقع على عاتقها مسؤولية حماية الوطن والمجتمع والناس.

سألني أصدقائي خلال النقاش، وإذا تعرض الأردن لاعتداء أو حرب أو حتى إرهاب، فمن سيتولى حماية الناس إذا كانوا مجردين من الأسلحة؟ فأجبت هذه مسؤولية الجيش والأجهزة الأمنية، وليس دور الناس، وإن كانت هناك حاجة تعلن الدولة النفير، وتفتح المجال للتطوع، وتشكل جيشا شعبيا، وتحدد مراكز لاستلام الأسلحة في حال الخطر، على أن يعاد تسليمها بعد زوال التهديد عن الوطن.

أتذكر في العام 1990 قبيل تحرير الكويت، كانت هناك مخاوف من تحرك إسرائيلي إذا ما قرر الرئيس الأسبق صدام حسين ضرب إسرائيل بالصواريخ؛ ولهذا فتحت مراكز تدريب للجيش الشعبي بإشراف القوات المسلحة، وحددت مراكز لاستلام السلاح إذا وقعت اشتباكات لا سمح الله.

بغض النظر عن عدد الأسلحة غير المرخصة والمنتشرة بين يدي الناس في الأردن، فإن من الضرورة التمعن في تجارب الدول البائسة التي سكتت أو غضت النظر عن انتشار السلاح، والنتائج والثمن الذي دفعته بسبب هذا التساهل والتسيب على حساب سيادة الدولة والقانون.

اطلعت على مسودة القانون المقترح وأعتقد أن مجلس النواب سيجري تعديلات عليه، وبصراحة أؤيد مضمونه، وأعارض استثناء الوزراء وأعضاء مجلس الأمة، والسماح لهم بحمل السلاح وليس اقتناءه فقط، ولا أجد ضرورة لهذا التمييز، لأن بعض تجارب النواب السابقين مسيئة باستخدام الأسلحة.

الملاحظة الثانية من كان يملك ترخيصا لقطعة سلاح واحدة، وأعني بالسلاح مسدسا لا أكثر، لماذا لا ينص القانون المعدل على التجديد التلقائي لرخصته لتشجيع الناس على احترام القانون؟

المهم في القانون المعدل هو الاستمرار في التشدد على كل من يطلق الأعيرة النارية دون مبرر أو داعٍ ولا أعتقد أن عقوبة 6 أشهر وألفي دينار، ويمكن تخفيضها لأربعة أشهر من القاضي كافية لمنع الاستهتار بأرواح الناس حين إطلاق الرصاص في الأفراح والمناسبات المختلفة.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات