رغم أنف كوشنر الفلسطينيون أفشلوا ورشة البحرين 


في حديث له مع صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية خلال مقابلة عبر الهاتف أجراها مع صحفيين عرب وإسرائيليين في إطار جهوده الإعلامية المتعبة لتسويق "صفقة القرن" عند القراء العرب وبلغة الخاسر المهزوم وخيبة المتآمر المهموم أعترف رسميا ( جاريد كوشنر ) الطفل المتطفل والصهيوني المتهور فتى ترامب المدلل ومستشاره وصهره وحفيد تيودور هرتزل الذي يريد أن يبنى هيكل أل صهيون المتعفن والمليء بالكذب وروايات سحرة فرعون قبل إيمانهم على ارض فلسطين المحتلة وأقر بفشل "ورشة البحرين" الشق الاقتصادي مما بات يعرف ب" صفقة القرن" الأمريكية لتسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بعدما رفض الفلسطينيون الحضور ومنعوا رجال الأعمال من المشاركة ودعوا الدول وممثلي الشركات العالمية للمقاطعة ورفعوا شعارهم بكل قوة وتحدي بان ( أي نجاح أو توافق أو تقريب لوجهات النظر لن يتم من دون وجود القيادة الفلسطينية الشرعية كشريك رئيسي على الطاولة وعلى قاعدة الندية والمساواة ) ولن تنجح امريكا مطلقا في فرض هيمنتها عليهم وسيلتفون حول القدس والأقصى لمواجهة كل مشاريع التنازلات والتصفيات والصفقات المشبوهة .

كوشنر صاحب الكواليس الظلامية والتصريحات الخادعة والتلاعب بالكلمات والألفاظ على حساب الحقوق التاريخية الثابتة للشعب الفلسطيني والذي عولت الإدارة الأمريكية كثيرا على قدراته الخارقة في تحريك الأمور وتنشيط العملية السلمية الساكنة منذ العقد الماضي لم يحسن تقدير الموقف لردة الفعل الفلسطينية الرسمية والشعبية بعدما طفح بهم الكيل وبلغ السيل الزبى وبقي يتصرف معهم كمندوب سامي جديد يأمر ليطاع دون اعتراض او نقاش وتناسى عن قصد وعلى مدى عقدين من المفاوضات تلك السلسلة الطويلة والمتتالية من خيبات الأمل التي تعرض لها المفاوض الفلسطيني وانسداد مسار التسوية وعدم وجود شريك إسرائيلي حقيقي وغياب المرجعية الدولية الامينة والحاجة إلى تحقيق أي نجاحات ملموسة ولو معنوياً وبالرغم من كل التنازلات التي قدمها وفي المقابل استمرت إسرائيل وبتعنت شديد ودعم أمريكي دائم في تثبيت الحقائق على الأرض وإقامة مشاريع التهويد والاستيطان في الضفة الغربية عموماً والقدس خصوصاً ومنذ أسلو حتى اليوم لم تسفر الوساطة الأمريكية عن جديد وانحسرت الآمال الضعيفة أساسا في نجاح الخطة الأميركية للسلام في الشرق الأوسط بعد بتبنيها ودعمها لجميع مواقف اليمين الإسرائيلي المتطرف مما دفع بالفلسطينيين إلى وقف اتصالاتهم السياسية مع الإدارة الأمريكية منذ اعترافها في كانون أول 2017 بالقدس عاصمة لإسرائيل ومطالبتهم منذ ذلك الوقت بآلية دولية متعددة الأطراف لرعاية مفاوضات السلام مع إسرائيل لكون امريكا لم تعد وسيطا منفردا محايدا ولا نزيها يركن إليه .

بجراءة وإقدام رفض القادة الفلسطينيون الخطة وقاطعوا الورشة وأصر رئيسهم محمود عباس على ضرورة وجود اتفاق سياسي مع إسرائيل قبل أي شيء آخر وشدد على ضرورة أن تعترف إدارة ترامب بحل الدولتين وبالقدس الشرقية أرض محتلة وبالشرعية الدولية أرضية للحوار وبغير ذلك لن يقبلوا وإذا لم تلتزم إسرائيل بالاتفاقيات الموقعة سيلغون العمل بها جميعا وكرر أنه لن يقبل الاستمرار بزعامة ( سلطة بدون سلطة ) وأن القرارات المزاجية والفردية وأحادية الطرف الصهيو- أمريكية لن تطبق على الفلسطينيين بعد اليوم ولا يمكن الأخذ بها وهي تحمي الظلم والاستبداد والإجرام .

أدرك الفلسطينيون مبكرا ان ورشة البحرين مؤامرة خبيثة وانها ليست قدرا محتوما لا مفر منه وإنهم قادرون إذا ما توحدوا على إفشالها وتمريغ وجوه كل الداعمين والمنظمين والمؤيدين والخانعين في تراب أرض فلسطين كما افشلوا من قبل العديد من المؤامرات والصفقات والمخططات المشابهة وما كان عقد هذه الورشة المهزلة إلا مدخل تجريبي لتمرير مشروع صفقة القرن واختبار مدى إمكانية تطبيقها على أرض الواقع وإعادة تركيب مصفوفات ما يسمى بالأعداء على قاعدة دمج الاحتلال في المنطقة العربية وإعطاء الضوء الأخضر للعدو الصهيوني ليبسط احتلاله وسيطرته على كامل الضفة الغربية من اجل إقامة إسرائيل الكبرى والاستمرار في حرف حقيقة الصراع من سياسي وجودي في المقام الأول إلى قضية إنسانية يجتمع من أجلها بعض المحسنين من اجل بناء مشاريع اقتصادية واستثمارية تهدف إلى الارتماء في أحضان الصهاينة والمتاجرة بالقضية الفلسطينية .

وعلى الرغم من الضغوط السياسية الهائلة والشعارات الإعلامية البراقة والإغراءات المالية الكبيرة نجح الفلسطينيين بتوحدهم المرحلي بإفشال " ورطة البحرين " قبل انطلاقتها بازدرائهم المشاركة فيها وعدم التواصل مع القائمين عليها وإهمال التعاطي السياسي معها وعدم تفويض أحد للتحدث باسمهم فيها وقد أثبتوا للولايات المتحدة بعنادهم وإصرارهم ان ورشة الخيانة هذه لن تمر وسوف تسقط وتتحطم على صخور الإرادة القوية والحرة للقيادة والشعب الفلسطيني حيث لا قيمة لها ولا غطاء دولي ولا قانوني يساندها والدول الرئيسة المشاركة فيها معنية فقط بقبول شرعنة اغتصاب إسرائيل لأرض فلسطينية بموافقة عربية وتبعية عمياء لترامب والصهاينة لهذا اعتبرت هذه الورشة جريمة خيانة عظمى مكتملة الأركان ووصمة عار أبدية في تاريخ الأمة والأجيال المقبلة .

وإذا كان اعتراف كوشنر الأخير بان الفلسطينيين افشلوا ورشة البحرين يأتي في إطار التراجع الأمريكي البراغماتي والتكتيكي لإبراز تأثير الهجوم الفلسطيني غير المسبوق على الإدارة الأمريكية واثبات أن أبواب البيت الأبيض ما زالت مفتوحة أمام الفلسطينيين والقيادة الفلسطينية فعليه قبل كل شئ أن يوقف سعيه المحموم في تثبيت مبادئ لها علاقة بالاستيطان والاستيلاء على الأراضي الفلسطينية والعمل على منع قيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس وان يدرك أن فلسطين ليست للبيع وأن الذي يقدم روحه رخيصة لله لا تغريه كنوز العالم إضافة إلى مطالبته بوقف التعامل مع حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني بلغة السمسرة والبورصات وتحويل المسألة الفلسطينية إلى سوق عقارات يجري التساوم عليها بالغلبة والتحايل ( كما كان في ورشة البحرين ) ويجب ان يعلن تأييد ل" حل الدولتين" وهو المعادلة الدولية القائمة منذ فترة طويلة والتي تستند إلى وجود دولة فلسطينية مستقلة في الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة تعيش جنبا إلى جنب مع إسرائيل وإن يغلق باب محاولات التطبيع مع الدول العربية قبل إنهاء الاحتلال الإسرائيلي والاعتراف بحق العودة وضمان حقوق اللاجئين .

الشعب الفلسطيني يقف اليوم إمام منعطف تاريخي خطير وكلما توحد على قضيته أسقط المؤامرات من حوله بتمتين جبهته الداخلية ومحافظته على تماسكها خاصة وأن كافة الفصائل الفلسطينية أبدت موقفا موحدا ازاء ورشة البحرين وصفقة القرن يصلح لأن يشكل رافعة لإعادة طرح موضوع المصالحة كمصلحة وطنية عليا ومن ثم العمل على وضع إستراتيجية شاملة لمواجهة أية تداعيات محتملة قد تعود بالضرر على القضية الفلسطينية تقوم على أولوية التمسك بالثوابت الرئيسية وفي مقدمتها القدس وحق العودة وإقامة الدولة المستقلة والكاملة السيادة على كامل التراب الوطني وعاصمتها القدس الشرقية وفقا لقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة .

ومن الضروري جدا في هذه المرحلة الدقيقة استغلال وحدة الصف الفلسطيني التي لمسناها أخيرا في توحد القيادة السياسية مع أبناء الشعب في وجه ورشة البحرين والعمل على تجسيدها واقعا ملموسا في الشارع الوطني والتأكيد على إن أرض فلسطين ليست مزاد للبيع ولا هي فريسة لعقد الصفقات وتنظيم المؤتمرات وورش العمل التي تبحث تكريس الاحتلال على أراضيها وفوق كل ذلك لا بد من استثمار تصاعد حالة الرفض الشعبي والجماهيري العربي العارمة اتجاه ورشة المنامة وصفقة القرن لتكون بمثابة شعلة المقدمة للصحوة العربية المنتظرة التي تعيد الصراع إلى أسسه وقواعده الأصلية وتوجه بوصلته نحو فلسطين والقدس .

وختاما فان تعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية وتنفيذ بنود اتفاق المصالحة للانطلاق نحو ترتيب البيت الداخلي الفلسطيني كأساس للصمود وتقوية الموقف الفلسطيني في الساحة الدولية لزيادة العزلة الإسرائيلية إضافة إلى المطالبة برفع الحصار عن قطاع غزة وعدم الاكتفاء بالخيار التفاوضي كخيار وحيد وتفعيل كافة الخيارات المتاحة الأخرى التي تمكن الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه في تقرير مصيره بما في ذلك خيار " المقاومة المسلحة " وبهذا فقط كما أفشلتم ورشة المنامة ستفشلون وتسقطون إن شاء الله صفقة القرن وسيقف كوشنر يوما ما مطأطأ الرأس بذات الذلة يعلن انكسارها وهزيمتها أمام إرادة الشعب الفلسطيني وأحرار الأمة والعالم .

mahdimubarak@gmail.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات