بكالوريوس خداج !؟ 


حدثني احد اصدقائي الاطباء ان الخداج هم أولئك الأطفال الذين يولدون قبل الموعد المتوقّع للولادة بثلاثة أسابيع على الأقلّ، بمعنى ولادتهم قبل بداية الأسبوع 37 للحمل، وبالعادة يعاني هؤلاء الأطفال من مشاكل صحيّة وطبيّة معقّدة تستلزم عناية خاصّة، ولكن تزداد خطورة تلك المشاكل وتتطوّر المضاعفات كلما كانت الولادة مبكّرة بشكل أكبر. 

وقرأتُ يوما نشرة مختصرة عن أطفال الخداج على انهم الأطفال الذين يولدون قبل أن تنتهي مدة حملهم الكاملة، أي يولدون قبل إتمام الأسبوع السابع والثلاثين من الحمل، ويكون الأطفال الخدج بوزن أقل من الوزن الطبيعي، وتتراوح أوزانهم في معظم الأحيان ما بين 1.5 كيلو غراماً إلى 2.5 كيلو غراماً، ويتم وضعهم في حاضنات خاصة مدة زمنية معينة كي تقوى أجسامهم، علماً أن بعض هؤلاء الأطفال قد يتعرضون لمضاعفات تؤثر عليهم بقية حياتهم مثل نقص الأكسجين. 

في هذا السياق, أقر وزير التعليم العالي والبحث العلمي معالي الدكتور وليد المعاني بحصول طلبة على البكالوريوس بـ(8) أشهر فقط, وهذا يعني على الاقل ان هناك جامعة ما, وأساتذة اكاديميين, وموظفين اداريين, وطلبة ضحايا, في مكان ما, عملوا متناغمين وبلغة مشتركة على اختصار الاربعة سنوات الى ثمانية اشهر, من اجل منح درجة البكالوريوس لطلبة ما وبتخصصات مختلفة, ومن يقف على هذه المشهد يجد ان هناك مصلحة ضيقة وراء هذا الفعل المشين,...وقد يخطر على بال بعض البسطاء من الناس ان هذه العمل المشين قد تم تحت عنوان (تسريع التعليم) وهذا خطأ كبير, فتسريع التعليم يا سادة يا كرام قضية مختلفة تماما عن ما جرى لهؤلاء الطلبة, تسريع التعليم يكون غالبا لطلبة متوفقين في احد الصفوف المدرسية, ولا شك هنا ان الذي حصل لهؤلاء الطلبة هو بالضبط اختصار التعليم الجامعي من ثمانية واربعون شهرا الى ثمانية أشهر فقط, اي الى (السدس), سدس المدة الزمنية المقررة, وترتب على ذلك حصولهم على سدس المنهاج المقرر, وعلى سدس الامتحانات والتقييم المقرر, وعلى سدس عمل الابحاث, وعلى سدس(...), من اجل الحصول على بكالوريوس سريع اخذ صفة الخداج, والسؤال هنا ما هي مخرجات بكالوريوس الخداج؟ 

مخرجات بكالوريوس الخداج تكمن في ان هؤلاء الطلبة حاصلين على درجة البكالوريوس وهم في حقيقة الامر حاصلين على مستوى الدبلوم او ربما اقل من ذلك بكثير, ثم انهم سينخرطون في سوق العمل في المؤسسات العامة والخاصة على اعتبار انهم يمتلكون مهارات محددة ومعينة في حين انهم لا يمتلكون الا سدس هذه المهارات, وسينخفض انتاجهم في المراكز التي سيتولونها الى السدس مقارنة بالجودة والمواصفات المطلوبة, والحال هكذا, من يتحمل مسؤولية هؤلاء الخريجين؟ وما هي الطريقة الناجعة لحل هذه القضية؟ اعتقد جازما ضرورة العمل على اعادة هؤلاء الخريجين الى مقاعد الدراسة الجامعية لاستكمال الاربعون شهرا المتبقية عليهم, ثم العمل على محاسبة كل من له طرف او باع في هذه القضية. 

ان هذه المسألة تُنذر بخطورة بالغة ستلقي بظلالها على منظومة التعليم المتكاملة الابعاد لدينا, وستنتشر آثارها السلبية على جميع مخرجات مؤسسات الدولة, ولن تمحوها الاصلاحات المتعاقبة بيسر وبساطة, بل سيحتاج الامر الى اجراءات عديدة وكبيرة وستأخذ وقتا طويلا لإزالة آثارها العميقة, وهنا نتساءل اين الرقابة والمتابعة الدورية الداخلية منها والخارجية لمؤسسات التعليم العالي, وكما يقال: (غفوة راعي فطن لحظة من الزمن يعني فوز ذئب صغير بشاة لبون). 
بقي ان نقول: الدكتور وليد المعاني يملك من الجرأة الكثير لمواجهة الفساد في منظومة التعليم.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات