إلى من يهمه الأمر


كما تعودنا هنا في مكان ما على هذه البقعة الصغيرة من كوكب الأرض، الكبيرة في قلوبنا نحن الأردنيون، في زاوية من أركان هذا البلد، أقبع جالسة أفكر فيه، أحلامي في طياته وبين ثناياه، هو كان آخر ما آبه له، ولكنه للأسف بات حقيقة مرة وشر لابد منه.

أضاع مفاهيم وقيم جميلة، أضاع الحقوق، سرق الأحلام من البعض، نفخر به من المفروض، ولكنه أصبح رمزاً للظلم والعنجهية والقهر، بات كل من لا يملكه يكرهه، ويصل في نهاية المطاف إلى الاحتساب والتضرع إلى الخالق لأخذ الحقوق وإرجاعها لمستحقيها، فلا حول له ولا قوة غير ذلك.

يقلب موازين الإنسان، يشككنا بكل ما حولنا، يجعلنا نشك في أمور كنا على يقين أنها تحصيل حاصل ولا مجال للشك أو النقاش فيها..

أصبح لعنة على من لا يمتلكه، بسيط لكن مفعوله كالسحر، إن امتلكته امتلكت أحلامك وباتت حقيقة، وإن فقدته اصبحت في طي النسيان وعلى قارعة طريق لا تعرف اين انت ومن أنت، تتقاذفك الأمواج من شط إلى آخر، إلى أن ترتطم بصخرة القهر والظلم، لا تميز بين الصواب والخطأ، قد تشك في شيء لم تكن ابداً تتوقع أن تشك فيه أو حتى تسول لك نفسك التطرق إليه، لأنه شيء لا مجال لنقاشه ولا للتشكيك فيه، شيء كما اللغة العربية وعدد حروفها التي لا يختلف عليها اثنان.

لن نستطيع القضاء عليه لأنه ركن من أركان لغتنا الأم (العربية) ولكننا نستطيع القضاء على الكلمة التي تبدأ به (واسطة)، إنه حرف الواو أيها السادة والسيدات..... نعم حرف الواو.... قد تكون بداية مقالي هذا بحر طلاسم للبعض، ولكن لابد من أن يكون هناك من فهم ما بين السطور، وأدرك ما المقصود من كلامي وماذا أعني قبل التصريح والبوح باسمه، ربما لماح وقادر على الاستنباط والتفكير العميق، وربما يعاني من حقوقه التي تاهت وانحرفت عن مسارها قبل الوصول إليه فعرفه دون جهد.

واسطة... كلمة تبدأ بهذا الحرف (الواو)، كلمة أصبح للأسف حرف الواو اختصار لها، بتنا نسمعها عند السعي لأي شيء، هناك من يقول (معك واو بتمشي أمورك)
بالواو...أصبح تحقيق الحلم محرم على البعض.
بالواو...باتت الحقوق ملقاة في أدراج من لا ضمير له وهم كثر هذه الايام للأسف.
بالواو...يصل كل متملق طفيلي ليتغذى على حقوق الغير.
بالواو...قد تتفاجأ بانقلاب الموازين وتغيير الثوابت،لتفصيل الشيء لغير مستحقه.
بالواو...تدفن طموحات وتتكسر مبادىء وتتناثر الحقائق والحقوق كحبات رمل في صحراء قاحلة هبت عليها رياح عاتية بعثرتها وغيرت ملامحها.
بالواو...تموت بسمة أمل في نفس نقية،وتترعرع زرعة خبيثة في نفس شقية.

دعونا نعيد لهذا الحرف رونقه وبريقه، هيبته وكرامته، نقاءه وصفاءه، هو حرف لا ذنب له لنشوهه بهكذا صورة وهكذا تعبير.

أنا البحر في أحشائه الدر كامن، فهل سألوا الغواص عن صدفاتي، رحمك الله ايها الاديب الرائع حافظ ابراهيم، أين أنت اليوم منا، لقد طَفَت الدرر فوق سطح المياه وقام الطفيليون بتشويهها، لقد أضاعوا رونقها وبريقها، وتعدوا على حرماتها وقدسيتها، لغة الضاد ولغة الكتاب الكريم قبل كل شيء، تاهت حروفها وتمزقت أشلاؤها على ألسنة البعض تبعثرت كما تتبعثر حبات المِسبحة.

وكما تتبعثر الحروف على ألسنة البعض، ويتم استخدامها الاستخدام الذي أدى إلى تشويهها، بعثرت كلماتي هذه، علّها تصل إلى من يهمه الأمر، قد يرأف باللغة قبل أن يرأف بصاحب الحق الذي ضاعت حقوقه على يده، وبُعثرت آماله، وكسروا مجاذيفه وسط البحر وتركوه يجابه الأمواج بمجذاف مكسور، وحلم مبتور، وتناسوا أن دعوة مظلوم قد تجعلهم كعصف مأكول، عصتني نفسي ولكن قلمي أبى إلا أن يقول....

دعوا الواو في شأنها،اتركوها تأخذ موقعها من جديد، أعيدوا لها بريقها ولمعانها، وإلى من يقول (إزا معك واو بتمشي أمورك، أقول له نعم صاحب الحق معه الواو، واو الوضوح، واو وعد الله حق ولو بعد حين، واو ويل لكل ظالم جبار، تركنا واو الواسطة على شفاهكم، وعدنا أدراجنا لسفينتنا وسط البحر ومجاذيفنا لن تخوننا، معكم الواو ومعنا الله، وهو خير المعية، وعنده لا تضيع الحقوق، وإن ضاعت هنا على هذه البقعة الصغيرة من الأرض لن تضيع في أعلى السماوات).

أما أنت يا من يهمه الأمر، ليت ضميرك يستيقظ وتصحو من غفوتك ولا تأخذك الواو هذه إلى طريق الظلم الذي نهايته -تعلمها جيداً- وخيمة، لن تهرب من رب السماء، ولن تسقط دعوة مظلوم ليس بينها وبين عدالة السماء حجاب.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات