الوطن البديل هو الفساد الذي ينهش ما تبقى من استقرار وأمن الأردن!


فقر، بطالة، تهميش، جوع، إقصاء،هي جزء بسيط من تركة الفاسدين الثقيلة للشعب الأردني ،مديونية مرتفعة تجاوزت حاجز الـ 41 مليار دولار، يتحمّل أعباءها الآن700.000 من الشباب العاطلين عن العمل أو الذين يعملون بأجورٍ زهيدة جدّاً. يتحمّل أعباءها شعبٌ يرزح ليل نهار تحت ظلم الافقار الممنهج الذي فرضته سياسة الإفساد والفساد التي تغذيها أجندة خارجية لإخضاع هذا الشعب أمام المشاريع التي تستهدف هوية الوطن الأردني. 

وهنا ، لايمكن انكار حقيقة هامة ومفصلية نعيشها في أردن اليوم ،وهي أن قضايا الفساد والإفساد ،قد افرزت ظواهر خطيرة في صفوف فئات عدّة من المجتمع الأردني، وهنا تبرز ظاهرة الإحباط والقبول به لدى الشباب، وهي أخطر ما يمكن أن يواجهه المجتمع، نتيجة إفرازات الواقع المُعاش وتراكم الكبت الذي أصبح مركباً ومعقداً للغاية، فقد انتشرت بين الكثير من الشباب الأردني، حالة الإحباط جرّاء البطالة والفقر وعدم الاستقرار النفسي، فلا يجد البعض وسيلة للخلاص إلا بإلقاء نفسه في النار، ويسهم في ذلك الفراغ الروحي، واليوم نرى حالة غير طبيعية بانتشار أفكار التطرف وانتشار آفة المخدرات بين الشباب، ولنقس على هذه الظاهره باقي الظواهر عنف مجتمعي، عنف جامعي، ازدياد حالات الانتحار، الأزمات الأخلاقية إلخ… وهي مشكلات مستعصية تنخر في جسد المجتمع الأردني، وأخصّ فئة الشباب منه، والفضل في كلّ ذلك يعود إلى سياسة الفاسدين والمُفسدين الذين قتلوا وحطّموا مستقبل الشباب الأردني. 

وهنا وليس بعيدأ عن ما نتحدث عنه أعلاه ،وليس بعيداً كذلك عن الجدل المثار في الشارع الأردني حول ملف ما يسمى بصفقة القرن وتداعياتها على الأردن، يعلم كلّ متابع ومراقب للشأن الأردني الداخلي في هذه الأيام حجم التساؤلات التي يطرحها المجتمع الأردني قلقاً وتوجُّساً من المستقبل قاتم المعالم للدولة الأردنية داخلياً وخارجياً، خصوصاً في ظلّ الحديث عن تفاهمات كبرى تجري اليوم لترتيب ملفات المنطقة من جديد، وأجزم هنا أنّ أردن "اليوم "سيتأثر سلباً وبشكل كبير من مسار هذه التفاهمات، خصوصاً في ظلّ الحديث عن مبادرة تقودها بعض الأنظمة العربية وبالتنسيق مع قوى غربية بهدف تصفية القضية الفلسطينية، ويبدو أنّ ما يجري الحديث عنه اليوم في بعض الأوساط الأردنية والفلسطينية المنخرطة بعمق تفاصيل هذا المشروع من فيدرالية أوكونفدرالية بين الأردن وفلسطين بمجموعه يصبّ في خانة التصفية الكاملة للقضية على حساب الأردن وشعبه المقاوم الرافض لكلّ هذه المشاريع. 

واليوم وأمام الكثير من التحديات التي يعيشها شعبنا في الأردن، تكثر تساؤلات الأردنيّين عن الآتي من الأيام وعن مستقبلهم وهم يستشرفون بألم طبيعة هذا المستقبل، ويتساءلون: هل سيتحسّن الوضع الاقتصادي والمعيشي؟ هل سيجد مئات الآلاف من الشباب الأردني الذين هرموا مبكراً فرص عمل؟.. بعدما نهب الفاسدون ومن يحميهم ومن في صفّهم أموال ومُقدّرات البلاد ،يتساءل الأردنيون بألم عن مصير أبطال مسلسلات الفساد في الأردن، والذين يتنعّمون بأموال الأردنيين في نيويورك ولندن وروما وباريس، وفي منتجعات مضيق البوسفور، ويمارسون طقوس شهواتهم القذرة على حِساب دماء ومستقبل الأردنيين. الأردنيون يتكلمون بألم ويتساءلون عن مصير هؤلاء وحجم ثرواتهم التي تراكمت. يتساءلون عن مستقبل أبنائهم وبناتهم الذين باتوا عالةً عليهم، بعد أن جرّدهم الفاسدون والمفسدون من ثرواتهم، ولم يعد الأردن قادراً على توفير أدنى متطلبات الحياة للشعب الأردني. 

المؤلم هنا هو حال الشباب الأردني اليوم فهو يعيش «فعلياً حالة من الاغتراب في مجتمعه ووطنه، وذلك نتيجةً لارتباطه بمتغيّرات وإفرازات المجتمع الذي ينشأ فيه، وكلّ ذلك بسبب سياسات الإفساد والفساد، ولا تزال أزمة البطالة تلاحقه في كلّ مكان وهو عاجز عن توفير لقمة العيش والمسكن، وهذا على الأقلّ سبب كافٍ لزيادة الشعور بالاغتراب داخل الوطن وفي البيئة المجتمعية الحاضنة لهؤلاء الشباب، في ظلّ عدم حدوث أيّ تغيير حقيقي في ظروفهم الاقتصادية وأحوالهم المعيشية، واتساع المسافة بينهم وبين خطط المسؤولين الفاسدين.

ختاماً، على كل مواطن أردني أن يدرك بشكل كامل، أنّ الدولة الأردنية تعيش اليوم بكلّ مكوناتها وضعاً خطيراً جداً وبظواهر لا يمكن أن يُسكت عنها، لأنّ السكوت عنها في هذه المرحلة خطيئة وجريمة كبرى لا تغتفر بحقّ الأردن وشبابه ومجتمعه وأرضه ومستقبله وهويته ، مع العلم أن الفساد مستمر بنخر جسد الدولة الأردنية بمن فيها ، وهو المهدد الوحيد لأمن واستقرار الأردن ،مع تأكيد أن الوطن المنيع من الداخل ،لايمكن لقوة خارجية مهما بلغت من القوة أن تزعزع كيانه واستقراره الداخلي ... والسؤال هنا بمضمونه الاخلاقي والسياسي والديني والوطني ،متى ستبدأ معركة اجتثاث الفساد في الأردن ؟...وعلى عاتق من يقع قيادة وتحريك هذه المعركة ؟.. مع تأكيد أن سقوط الفساد هو سقوط لكل مشروع يهدد أمن واستقرار الأردن . 

hesham.habeshan@yahoo.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات