في ذكرى مجزرة بحر البقر الكيان الصهيوني عدونا الأول


أكاد اجزم يقينا إن معظم أبناء امتنا العربية الشباب لا يعرفون شيا عن مجزرة بحر البقر ولا أين ومتى وقعت ولا من ارتكبها ويحضروني في هذه الذكرى الأليمة ما كان يردده دائما وزير الدفاع الإسرائيلي المجرم موشي ديان بأن " العرب أمة لا تقرأ وإن قرأت لا تفهم وإن فهمت لا تفعل " ومقولة الإرهابي الأب بن غوريون الشهيرة " الصغار ستنسى والكبار سيموتون " ونحن نقول حقا كم هي ذاكرتنا العربية والإسلامية قصيرة كذاكرة السمك والفيل فسرعان ما ننسى لنقع من جديد في نفس الشرك والحفرة لكننا سنبقى كالصبار في حلوقهم مهما طال الاحتلال واشتد القيد وعظمت المؤامرات .

قبل 49 عام في صباح يوم الأربعاء الثامن من نيسان1970 الساعة 9,20 شنت الطائرات الصهيونية هجومًا خسيسًا على مدرسة بحر البقر الابتدائية المشتركة بمركز الحسينية بمحافظة الشرقية في جمهورية مصر العربية حيث شارك في العدوان 5 طائرات حربية صهيونية من طراز فانتوم امريكية تحمل 5 قنابل تزن الواحدة منها 1000 رطل من المتفجرات إضافة إلى صاروخين جو ارض أصابا بشكل مباشر المدرسة المكونة من طابق واحد يتكون من 17 غرفة كان يوجد فيها 86 طالب وفي ثوان معدودة كانت كفيلة بأن تسوي المدرسة بالأرض ممَّا أدى إلى مقتل 30 طفلً وإصابة 50 آخرين في عمل وحشي متعمد وجبان يتنافى تمامًا مع كل الأعراف والقوانين الإنسانية وهجوم غير إنساني اعتبر من أبشع جرائم القرن المنصرم احترقت وتمزقت الأجساد الغضة الطرية فوق مقاعدهم المدرسية وسقط الأطفال بين سن السادسة والثانية عشرة تحت جحيم من النيران بالإضافة إلى 11 مواطن من العاملين في المدرسة ولم يتبق منهم سوى كراساتهم وأحذيتهم وحقائبهم وبعض أشلائهم وقد كان الهدف من العدوان الاثم محاولة إخضاع مصر وإجبارها على وقف الهجمات التي تشنها خلال حرب الاستنزاف والموافقة على مشروع روجرز وقد بررت إسرائيل مجزرتها آنذاك كعادتها دائما بأنها كانت تهاحم أهدافًا عسكرية محددة وأن المدرسة كانت منشأة عسكرية مخفية .

وقد تكرّرت مجزرة بحر البقر المصرية في فلسطين المحتلة مرات عديدة آخرها ما جرى في مدرسة حي الفاخورة بمخيم جباليا في غزة عام 2009 راح ضحية هذه المجزرة 43 شهيد كانوا لاجئين في المدرسة مما يؤكد تكريس النهج الإجرامي الصهيوني المستمر الذي يقوم على مهاجمة الأطفال الأبرياء كأهداف سهلة للقتل والانتقام فإسرائيل دولة إرهاب وزعمائها قادة عصابات وتاريخها ملطخ بالدماء والمجازر التي تكشف كل يوم عنصريتهم الفاشية ومنهجهم الدموي في ارتكاب أبشع الجرائم الإنسانية وقد أثار الهجوم في حينه حالة من الغضب والاستنكار على مستوى الرأي العام العربي والإسلامي والعالمي استطاع إجبار امريكا ورئيسها نيكسون على تأجيل صفقة إمداد إسرائيل بطائرات حديثة وتخفيف الغارات الإسرائيلية علي المواقع المصرية والذي أعقبه الانتهاء من تدشين حائط الصواريخ المصري والذي مكن الدفاعات الجوية المصرية من إسقاط الكثير من الطائرات الإسرائيلية وقد انتهت العمليات العسكرية بين الطرفين بعد قبول مبادرة روجرز ووقف حرب الاستنزاف .

وفي حرب أكتوبر 1973أسقطت قوات الدفاع الجوي المصرية طائرة فانتوم إسرائيلية فوق بور سعيد وكان من بين الأسرى الإسرائيليين سيدة كابتن طيار تدعى " آمي حاييم " اعترفت أنها شاركت في قصف المدرسة وأقرت بأنهم قصفوها عن عمد وأنهم كانوا يعرفون أنهم يستهدفون بقنابلهم وصواريخهم مجرد مدرسة أطفال ابتدائية وعقب الحادث صرح موشي ديان وزير الدفاع الإسرائيلي وقتها في حديث لراديو إسرائيل أن المدرسة التي ضربتها طائراتنا كانت قاعدة عسكرية وأن المصريين وضعوا الأطفال فيها للتمويه .

وقد وجه يوسف تكواه مندوب إسرائيل في ذلك الوقت في الأمم المتحدة رسالة لأمين المنظمة الدولية كتب فيها ان تلاميذ المدرسة الابتدائية كانوا يرتدون الزي الكاكي اللون وكانوا يتلقون التدريب العسكري وقبلها صرح راديو إسرائيل عن الضحايا " أنهم كانوا أعضاء في منظمة تخريبية عسكرية " وبعد مرور 43 عاماً على الحادث وتحديدا في شهر أكتوبر 2013 قام العديد من أقارب ضحايا الحادث برفع دعوى قضائية لمطالبة إسرائيل بتعويض أسر شهداء ومصابي المجزرة مادياً ومعنوياً وأكدت حيثيات الدعوى أن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وضد السلام تخضع لقوانين ثابتة تم بموجبها إنشاء محكمة جرائم الحرب الدولية وأن حق الضحايا لا يسقط بالتقادم طبقاً للأصول والتعويضات التي استقر عليها المجتمع الدولي حيث أن إسرائيل حصلت على مليارات الدولارات من ألمانيا مقابل ما أصابها مما تسميه بالجرائم ضد الإنسانية والمعروفة باسم تعويضات الهولوكوست وان ضحايا حادثة مدرسة بحر البقر لهم الحق في الحصول على تعويضات تعادل التعويضات نفسها .

وقد تناولت السينما المصرية أفلاماً خالدة عن هذه الحادثة الدموية منها فيلم العمر لحظة عام 1978 الذي قامت ببطولته الفنانة ماجدة واحمد زكي والتي أذيعت فيه أغنية "بحبك يا بلادي" والتي تحدث عن ضحايا الحادث وغنت المطربة المصرية شادية قصيدة الشاعر صلاح جاهين لتجسد حالة الحزن والأسى التي عايشتها البلاد في تلك المرحلة الصعبة والتي تقول ( حتى لا ننسى الدرس انتهي لموا الكراريس بالدم اللي على ورقهم ... الخ ) .

وعلى أنقاض ما تبقى من المدرسة المدمرة خصصت حجرة كمتحف تاريخي ليكون شاهد على الجريمة ضمت بعض أجزاء من القنابل التي قصفت المدرسة كتب على بوابته بخط اليد متحف شهداء بحر البقر وفى عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك تمت إزالة المكان الحقيقي للمدرسة والاكتفاء بنصب تذكارى بدل من تحويله إلى مزار ومتحف وتم بناء مدرسة أخرى بنفس الاسم على أطراف القرية فيما تم تحويل مكان المدرسة الحقيقي إلى مبان ومنازل تم بيعها للمواطنين وبعد ذلك أغلقت قاعة كانت فى متحف الزعيم أحمد عرابى بالمنطقة الشرقية تحتوى على ملابس الأطفال الشهداء وكراساتهم ومقتنياتهم الخاصة وعليها آثار الدماء وكان كل ما تم إرضاءا لإسرائيل واتفاقيات الاستسلام والذل والعار ومحاولة طمس المعالم والأدلة المادية والتاريخية التى يجسدها هذا المتحف والتي تدين المعتدي الصهيوني حيث تم التخلص منها بما فيها إحدى القنابل الثقيلة التي تم إلقاؤها على المدرسة ولم تنفجر .

ولم يتم بالمطلق الاستفادة امنيا من شهادة الجاسوس الإسرائيلي سيد العطري المتهم بمساعدة إسرائيل في تفجير مدرسة بحر البقر والذى تم الإفراج عنه بعد قرابة 40 عاما بعد أن تم القبض عليه مع شبكة الجاسوسية التي كانت بزعامة محمد إبراهيم كامل الجاسوس الإسرائيلي المعروف بشهرته ( ماريو ) والذي عمل لحساب الموساد الإسرائيلي لمدة خمس سنوات في ستينيات القرن الماضي .

وفي كل جريمة أفلتت تل أبيب فى الماضي والحاضر من العقاب بسبب التهاون المطلق فى حياة وحقوق ودماء العرب دون مجرد محاولة لمقاضاة إسرائيل أمام المحاكم الدولية على ما اقترفته من جرائم ضد الإنسانية فى حق أي مواطن عربي وفي أي مكان وقد استخدمت أمريكا حق النقض الفيتو أكثر من 83 مرة في مجلس الأمن من بينها 44 مرة لحماية إسرائيل من قرارات إدانة دولية رغم بشاعة جرائمها التي شهد بها العالم كله .

ومن اجل ذلك وغيره الكثير وحتى لا يبقى أبنائنا يجهلون تاريخهم ولا يعرفون عدوهم وينشغلون بملهيات المفاوضات والتطبيع والسلام المجاني الذي يستهدف تصفية القضية الفلسطينية وضياع القدس وتثبيت دولة الظلم والعدوان بما يشاع ان إسرائيل اصبحت أمر واقع لن تزول وقد اقتربت أن تصبح قطر صديق وربما كيان شقيق وان العدو الحقيقي لامتنا العربية هي إيران في مخطط صهيو- أمريكي استعماري خبيث يسعى إلى تزوير وتضليل وتحريف الحقائق وحرف بوصلة الصراع .

علموا شبابنا إن الكيان الصهيوني الإرهابي والمحتل والغاصب طارئ على وطننا وسارق لحقوقنا يخيف العالم بفزاعة معاداة السامية الكاذبة ويتسلح بالأباطيل والخرافات التوراتية الزائفة لا يفهم إلا لغة القوة والدم والرصاص ولا يرتدع إلا بالمقاومة وتوازن القوى ( القصف بالقصف والأسر بالأسر والدم بالدم ) .

وانتزاع الحقوق بالمواجهة المسلحة لا استجداها في مؤتمرات التنازلات والمؤامرات وسيظل الكيان الصهيوني مهما تعاقبت الأجيال واستمر الصراع هو ( عدونا الأول ) ومعركتنا الحقيقية معه فوق ستكون ارض فلسطين الطهورة وفي ذكري المجزرة الرهيبة التي لن ننساها مهما طال الزمن .

علموا صغاركم أيضا أنه ذات يوم تم قصف مدرسة ابتدائية بالطائرات الحربية الصهيونية ومات فيها أطفال في عمرهم علموهم أن الكيان الصهيوني عصابة تخطط لاحتلال بلادنا من النيل الى الفرات وأنها ليست دولة سلام كما يروجون لها الإرهابيون قتلة الأطفال في مصر ولبنان وفلسطين وسوريا والعراق وتونس وليبيا وغيرها من بلاد المسلمين والعالم أجمع .

الدعاء بالرحمة على أرواح الشهداء والفاتحة وبعض قصار السور على ضمير الأمة وقيادتها المهزومة وإمكاناتها المفقودة وشعوبها المغيبة وجيوشها التي لم تعد تعرف من العسكرية سوى المراسم والمناورات والاستعراضات .

mahdimubarak@gmail.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات