مبدأ القصور الذاتي الأردني في تجربة اللامركزية


عقد المجلس الاقتصادي الاجتماعي لقاء حواریا حول اللامركزیة أمس ویمكن افتراضھ بدایة لمشروع الحكومة لفتح حوارات حول القانون قالت ان أجندتھا للاصلاح السیاسي تتضمنھ كأولویة بین قوانین الاصلاح السیاسي. طبعا الأردنیون لم یعودوا یحبون كثیرا الحوار حول الاصلاحات لكثرة ما استخدمت الحكومات الحوار كمھرب لكسب الوقت والالتفاف على القرار، القرار الذي یصنع التغییر. وھذا كان شأن اللامركزیة التي قتلناھا حوارا ثم عندما حزمت الحكومة أمورھا وعزمت تمخض الجبل فولد فأرا. حاولت التدخل في مناسبتین رئیسیتین لضمان قانون مناسب للواقع الأردني لتطبیق الفكرة النبیلة والصحیحة اداریا ودیمقراطیا. قبل ان تقدم الحكومة القانون لمجلس النواب تقدمت بفكرة رئیسیة تقول ان انتخابا مباشرا لعضویة مجالس المحافظات قد یضع عبئا اداریا ویخلق تمثیلا موازیا (للتمثیل البلدي والنیابي) یبحث عن دور لم نعرف بعد كیفیة القیام بھ. ولذلك من الأفضل في ھذه المرحلة ان یكون التمثیل مضمونا من اناس ھم اصلا في مواقع التمثیل المنتخب من المجتمع للمواقع التي یشغلونھا ولدیھم خبرة ومنغمسون في ھموم المجتمع المحلي التنمویة. مثل رؤوساء بلدیات ومجالس محلیة في المحافظة ورؤساء غرف التجارة والصناعة والنقابات المھنیة والعمالیة وجمعیات الحرف والمؤسسات الأكادیمیة والھیئات النسائیة والشبابیة ..الخ. ھؤلاء القادة المحلیون المنتخبون یمكن ان یكونوا اعضاء برلمان المحافظة فنذھب الى مجلس محافظة عضویتھ مضمونة من اناس في موقع عمل ویتلقون اصلا رواتب ومكافآت ولدیھم مكاتبھم التي یعملون ویستقبلون الناس فیھا ویتعاملون یومیا مع الجھات الحكومیة ویعرفون اشكالات العلاقات الداخلیة مع كل الجھات.

الفكرة لقیت قبولا وتقدیرا من خبراء واصحاب شأن أحدھم كان موجودا في الأردن تحدیدا من اجل ھذا الموضوع كمستشار للأمم المتحدة. وأعتقد ان وزیر البلدیات الحالي م. ولید المصري كان یطرح نفس الفكرة كما قال لي، لكن الحكومة كانت حزمت امرھا لغایات سیاسیة اخرى بالمضي في انتخابات مباشرة لتحقیق ھدفین؛ توسعة كبیرة استرضائیة لقائمة المناصب والمقاعد المتوفرة للجمھور من جھة وتخفیف عبء الواسطة على نواب المركز والحكومة من جھة أخرى.

استثناء فكرة التمثیل بالطریقة آنفة الذكر كان یلقي عبئا أشد لإنجاز قانون مدروس بعمق وبالتفصیل لخلق عمل حقیقي ومفید مع التدرج الملزم بالمواقیت لنقل وتفویض الصلاحیات، لكن الحكومة قدمت قانونا مثل ھیكل فارغ من اي مضمون، وھذه كانت المرة الثانیة التي تدخلت فیھا بما استطیع باقتراح سلسلة من التعدیلات على القانون تشمل دور المجلس ودور الأعضاء وآلیة العمل وقد حصلت على موافقة اغلب الاعضاء في لقاءات جانبیة غیر رسمیة ثم حصل أن ذھبت لیومین الى تونس للقاء اوروبي متوسطي حول تجارب الدول في اللامركزیة وعدت متحمسا بكثیر من الأفكار لأجد ان اللجنة اقرت القانون في جلسة دون اي من التعدیلات المقترحة.

لم یحدث حرفیا ما توقعتھ فحسب من حیث الفراغ واللاجدوى والفوضى الذي وجدت فیھ المجالس نفسھا ولكن أسوأ من ذلك ان الحكومة لم تطرق مسمارا واحدا في موضوع نقل وتفویض الصلاحیات.

بالنسبة لي الأمور واضحة وجاھزة والمقترحات البدیلة موجودة وتنتظر فقط عزیمة الحكومة وقرارھا، والحقیقة ان ھكذا كانت دائما في الف مجال. الأفكار والمقترحات والخطط الاصلاحیة الحقیقیة كانت موجودة لكنھا غالبا ما تطرح جانبا لصالح خیارات قاصرة.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات