العم فوزي المصري قصة نبل وأصالة كركية


لقد ترددت في كتابة هذا المقال يقينا مني بأنني لن أطال أصحاب هذه القامات الوطنية الخيرة شكرا وتقدير وثناء وهم يطرزون لوحة عز أردنية بأفعالهم الحميدة ويسجلون أروع ملحمة الإخوة والتراحم والتكافل ويعززون اقدس معاني الوئام بين القلوب ونحن نتقيأ ظلالها الوارفة ونتنسمَ عبير شَّذِاها ونتقاسم أطيب صور والمروءة وِالمواطنة والعروبة وقد خشيت أكثر أن لا أوفي هؤلاء الكبار حقهم بالوصف والشرح كبحر هادر من الإنسانية الفريدة وكينبوع لا ينضب من الكرم والعطاء وكمثال يحتذى للفزعة والنخوة ومكارم الأخلاق تلك هي نجدة وشهامة أبناء الكرك الشرفاء الأباة نحو أخ " مصري عربي غريب أهل وديار مقيم بيننا منذ زمن طويل " والتي دلت على أن الإنسان الأردني حيثما كان هو صاحب نخوة وفزعة وتكافل عز نظيره وهي المبادئ الأساسية والسامية التي تربينا عليها كما انها من الصفات الجليلة المتوارثة الموجودة في كل مكان في الأردن .

وفي لفتة كريمه ونخوة عربية أصيله لكرك المملكة والعاصمة القديمة الإمارة الصليبية والمملكة الأيوبية هذه المدينة العريقة التي امتد ويمتد ذكرها عبر العصور والتي وقفت في وجه المد العثماني عندما حاول إذلال أبناءها وإخضاعهم بالقوة فكانت ثورة الكرك ( الهيّه) التي قدمت العديد من الشهداء الإبرار ما يجعلنا ننحني احتراما وتقديرا لأرواحهم الطاهرة ودمائهم الزكية وهنالك قصص عز تناطح جبال الكرك أهل الفزعة والحمية والهمة والنخوة القوية وقبل ايام قليلة سجل الكركون واحدة من المآثر العالة وصورة من النخوة العربية والأردنية لس بحجمها المالي ولكن ببعدها الإنساني الكبير تجسدت في مأساة مقيم مصري يستحق نظرة عطف ورحمة من ذوي القلوب الرحيمة والأيادي البيضاء بعدما تأزمت حالته واصبحت غاية في الصعوبة هو العم فوزي المصري سبعيني وافد مصري يعمل بمهنة كي الملابس معروف في الكرك مقيم بها منذ خمسين عاما يعمل كوّى في المدينة يعرفه أبناؤها وصاروا يعتبرونه واحدا منهم خلال حيث انطلقت حملة تضامن من أبناء الكرك عبر مواقع التواصل الاجتماعي وذلك بعد ان تم توقيفه من قبل وزارة العمل بسبب مخالفته لشروط الإقامة وغرامات تصريح العمل ووضع قيد التسفير .

وبسبب طول العشرة بينه وبين الكركيين ومعرفتهم به منذ سنين تضامن الكركيون معه وكعادة الكركية في مثل هذه المواقف قالو له وهم يرددون ( وصلت وصلت ) لا يهمك ياعم فوزي الي يصيبك يصيبنا عليك أمان الله ومحمد رسول الله .

وقاموا بتنظيم حملة لجمع المبالغ المترتبة عليه والتواصل مع نواب الكرك من أجل دفع ما عليه من التزامات وإخراجه من السجن ليعود الى مدينته الكرك التي لم يعرف غيرها منذ خمسين عاما حيث هبوا لمخاطبة بعض وزراء واعيان وتواب الكرك ومعالي العمل ووزير الداخلية سمير المبيضين كابن للكرك وكرجل طيب وصاحب ايدي بيضاء للإيعاز بوقف تسفيره وإعادته للكرك التي عشقها ويقول العم فوزي بعد دفع كل ما ترتب عليه لوزارة العمل وخروجه من السجن والحزن والبؤس يخيم في عينيه انه شارك أبناء الكرك في أفراحهم وأتراحهم وكل مناسباتهم ولا يوجد له في مصر أي أقارب وأصدقاء وهو يرى في أبناء الكرك هم أقاربه وأصدقائه ويتمنى أن يموت ويدفن في ثراها الطهور .

وان من أجلِّ وأجملِ النعوت التي وصف بها المجتمع العربي والمسلم أن أفراده يتمتعون بالمروءة والشهامة وإجابة صرخة المستغيث وإعانة المحتاج والسعي في قضاء حوائج الناس والمسارعة بالنصرة لمن يحتاج إليها كخلق عربي وإسلامي أصيل تقتضيه الأخوة الصادقة وتدفع إليه المروءة والشجاعة وهو دليل على قوة الإيمان وصدق الإخاء والنجدة والمروءة وهي من صفات الأنبياء وان صنائع المعروف تقي مصارع السوء وان إغاثة الملهوف صدقة طيبة حيث قال رسول الله صل الله عليه وسلم على كل مسلم صدقة قالوا يا نبي الله فمن لم يجد قال يعمل بيده ويتصدق قالوا فإن لم يجد قال يعين ذا الحاجة الملهوف وقد تكفل الله تعالى لمن فرج كربة الملهوف أن يفرج عنه كربة من كربات يوم القيامة ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة وان للاعتكاف فضلاً عظيمًا وأجرًا كبيرًا، كيف لا وقد انقطع المسلم لعبادة ربه لكنَّ الذي يقضي حوائج الناس أعظم من المعتكف .

هذه المبادرة التلقائية تمثل السجايا الإنسانية العظيمة التي حبى الله بها مجتمعنا الأردني الخير وهي أخلاق عربية أصيلة مستمدة من ديننا الإسلامي الحنيف ومآثرنا العربية الأصيلة تجسيد قيم التكافل والتعاون تدل أيضا على روح التلاحم والترابط بين أبناء الأردن وتعاضدهم ووقوفهم صفا واحدا في المحن والشدائد وهذا ليس بجديد على ألأردنيين أصحاب القلوب الرحيمة والأيادي البيضاء فقد عرفوا منذ سنين بعيدة أهل فزعة ونخوة وشهامة وعزوة وسند يرحبون بالضيف ويكرمونه ويحمونه لا يغيرهم الزمن ولا تبدلهم الأحوال وتأبى المروءة أن تفارقهم لان معدنهم أصيل وطباعهم محفوظة وكرمهم تتوارثه الأجيال .

وهذا قدر بلدنا آن يكون الحضن الدافئ لكل مغبون في امتنا العربية في عصرنا الراهن كما كان في الماضي البعيد ميدانا من ميادين التاريخ ومسرح عمليات العزة والكبرياء يفتح أبوابه دون تكبر او منة لكل عربي مستجير ضاقت أرضه بحمله وانعدم الأمن لأهله وذبحت الكرامة وعز الصديق والنصير فكان الأردن العزة والشموخ موئل ذلك الإنسان ينشد الأمن والكرامة وحماية الروح والعرض رغم شح الموارد و ضيق ذات اليد يجد الامن والحياة الكريمة في المدن الأردنية يشاركون أهلها الذين هم في الأصل بأمس الحاجة إلى عون إخوانهم العرب الأغنياء الماء رغم شحته والمدارس رغم ضيقها والمستشفيات رغم ازدحامها .

نحن امة تكافل وتضامن والله يبارك لكل من ينفقون من اجل الخير ويجعلها في ميزان إعمالهم يوم لا ينفع مال ولا بنون الا من اتى الله بقلب سليم وان فزعة وشهامة اهل الكرك ليست الوحيدة في الأردن لكنها المتفردة اتجاه " وافد عربي " ضاقت به السبل وكسرته الحاجة وقسوة الفقر فهنالك مئات وربما ألاف من المبادرات الإنسانية الأردنية الكريمة المتفرقة في كل محافظة ومدينة وقرية وبادية ومخيم يطول الحديث حولها نخوة وبطولة فعلى سبيل المثال قبل سنوات سجل أهالي بلدة الكتة في محافظة جرش سابقة ليست غريبة على المجتمع الأردني الأصيل بقيامهم بحملة عاجلة لعلاج فتاة من بلدتهم في مقتبل العمر تعاني من مرض في الكلى حيث جمع المواطنين في غضون ايام قليلة مبلغ وصل لواحد وثلاثين الف وخمسمائة دينار وليس غريب على الأردنيين بكرمهم و جودهم و سمعتهم الطيبة حيث سط أحد المواطنين القاطنين في محافظة عجلون وتحديداً في مدينة كفرنجة حيث يقوم كل اسبوع بتوزيع ما تجود به نفسه على الفقراء والمساكين بطلبه من احد مطاعم الطهي المختصة بالمناسف بطبخ ما بين 30 - 35 منسفاً وإعدادها في كل جمعة لتوزيعها على الفقراء وغير القادرين على أكلها او شراء اللحوم و الدجاج .

هذا الرجل الذي يعمل موزعاً كبيراً لمواد اللوز الجوز والفستق عمد على هذا الأمر منذ زمن طويل ويسير على قول الرسول ( أيها الناس أطعموا الطعام وأفشوا السلام وصِلوا الأرحام ) وغيرها الكثير من حكايات الفزعات والنخوات هنا وهناك .

خالص الشكر وعظيم الثناء لكل النفوس الطيبة في كل مكان وفي داخل الكرك وخارجها التي انتصرت للعم فوزي وساهموا بفزعتهم الشريفة في تفريج كربته وعودته إلى بيته في المدينة التي عاش فيها وعشقها بين أصدقائه وجيرانه ومحبيه متمنيا للجميع دوام الصحة والعافية والنجاح والتوفيق وأن يديم الله تعالى علينا نعمة الأخوة في الدين والعروبة والإنسانية .

mahdimubarak@gmail.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات