الملك الشهيد


قاتل جيش الملك المؤسس على أسوار القدس، وسطر عبد الله التل وحابس المجالي أروع التضحيات في معارك باب الواد، وعلى هضاب اللطرون، وفي سفوح الشيخ جراح، واستطاع حماية الضفة الغربية والقدس الشرقية من الاحتلال عام 1948، دافع الشهيد عن ثرى فلسطين وهو مكبل اليدين بالمعاهدة البريطانية وبالقادة الإنجليز وبالظروف السياسية المعقدة، ومع كل ذلك حافظ على أولى القبلتين.

يقدّس محراب الأقصى، هوى فؤاده نحو قبة الصخرة، حيث راحة النفس، وطمأنينة الضمير، وسكون الوجدان، وخشوع العبادة، ومتعة السجود، تأخذه الذكريات إلى حيث معراج جده سيد الأولين والآخرين، ويدفعه الحنين لترتيل سورة الإسراء في كل صلاة، يتذكر شهداء معركة أحد، ويلامس وجدانه قصة سيدهم حمزة بن عبد المطلب.

صباح 20 تموز 1951، استيقظ الملك مبكراً على صوت المؤذن ينادي (حي على الفلاح)، لا شك في أدائه لصلاة الفجر، وترتيل جزء من كتاب الله، جلس يفكر في ذلك الخطر الداهم، يهدد فلسطين والقدس، يحرّك المياه الراكدة في الأراضي المقدسة، الواجب يدفعه نحو محراب الأقصى، لا يثنيه التهديد، ولا تمنعه المعلومات الاستخبارية، ولا يخاف الموت، بل انه تواق للشهادة في أطهر بقعة من الأرض، ولسان حاله يقول:

لعمرك إني أرى مصرعي

ولكنني أغذ إليه الخطى

أراد أن يسجد حيث ما سجد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وتهدأ روحه في كنف بيت المقدس، ويودع الدنيا عند صخرة المعراج إلى السموات العلى، وينام قرير النفس والضمير والوجدان.

الجرائم مهنة الفاسقين على مر التاريخ، وملاذ الغادرين في كل العصور، والتجارة الخاسرة في أسواق السياسة، وحيلة الفاشلين في دروب الكفاح، فهذا أبو لؤلؤة المجوسي يقتل عمر بن الخطاب في صلاة الفجر، والخليفة عثمان بن عفان يقتله الرعاع وهو يتلو كتاب الله، وكذلك الخليفة علي بن أبي طالب، والحسين بن علي شهيد كربلاء، معظم الملوك المخلصين يصفيهم السفهاء، والعظماء يقعون ضحية للجبناء، والقادة الأفذاذ يتخلص منهم الصغار، ورجال الفكر والسياسة والحكماء لا يعمّرون طويلاً.

القتلة فازوا بجائزة الغدر، ودخلوا قائمة الظالمين، ودنسوا المقدسات، واستباحوا دماء المسلمين، بذروا الفتنة، وزرعوا الحقد، وحصدوا العار.

من عام 1921 – 1951 فترة حكم الملك المؤسس، استطاع تحقيق ما عجز عنه العالم العربي، بكل إمكانياتهم المادية والمعنوية والعسكرية، يرحمك الله أيها الشهيد، دماؤك الزكية لن تغسل عارهم، وظلمهم لك لن يثبت براءتهم، فسيدنا يوسف عليه السلام لم يأكله الذئب كما يدعون.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات