جون بولتون .. رمز الغطرسة والعنصرية الأمريكية المعاصرة


ملامح وجهه حادة وقاسية كأنه صنم حجري صلد شرير وعبوس قمطرير ذو سحنة متعجرفة ومتغطرسة وفكر ذا نزعة متطرفة عدواني المشاعر والسلوك ونظرته للمستقبل محبطة ومظلمة جذرها الشك والريبة وساقها الغدر والمؤامرة تلك الصفات هي بعض من المكملات العنصرية والعنجهية التي تضاف الى شخصية جون بولتون مستشار الأمن القومي للرئيس الأمريكي الخامس والأربعين دونالد ترامب حين نفض كنانته فوجد اصلب عيدانها بولتون الدموي المتوحش فرمى به أمريكيا والمجتمع الدولي لينقل للناس علله وإمراضه وعقده ودمويته وصلفه وغروره رجل ما وطئت قدماه أرضا الا ترك فيها اثر من شر وعدوان وكراهية وانزعاج وترقب يبقى السؤال المحير لماذا اختار الرئيس هذه الشخصية الخلافية ليحتل منصباً مهماً في الإدارة الحالية الإجابة السريعة لأن هناك توافق كبير في المزاج والرؤى والأفكار والسياسات بين الاثنين فالرئيس يتصف بالتسرع في اتخاذ القرارات والفوقية كما أنهما لا يثقان بالقوانين أو الأعراف أو المواثيق للمؤسسات الدولية ويعتقدان أن إظهار القوة الأميركية على الساحة الدولية تكسبها هيبة واحترام الكثير ولا سيما في مواجهة الدول المارقة وقد يكون هناك سبب آخر يتعلق بالرئيس والذي يطلق على نفسه رجل الصفقات حيث يرى أن ضم كل من بولتون كمستشار للأمن القومي ومايك بومبيو كوزير للخارجية سيخيف بهما العالم وبالتالي سيحقق صفقات أفضل لنفسه في مواجهة دول العالم ولعل هذا هو السبب الكامن في قول وزير الدفاع جيمس ماتيس عند استقبال جون بولتون في احدى زيارته للبنتاغون بصوت مسموع التقطتها محطات التلفزة ( لقد سمعت أنك تتقمص الشيطان فأحببت أن أقابلك ) أي تعبير دقيق هذا ؟ .

ولد بولتون في 20 تشرين الثاني/نوفمبر 1948 لعائلة متواضعة في ضاحية بلتيمور في مريلاند وهو خريج جامعة يال العريقة وعرف خلال دراسته بمواقفه المعادية للشيوعية ولا سيما خلال حرب فيتنام وجون بولتون هو احد غلاة المحافظين الجدد المتشددين جاء من التلفاز إلى البيت الأبيض حيث عمل محللاً للسياسة الخارجية الأمريكية في قناة فوكس نيوز الشهيرة وقد اختاره الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ليكون مستشاراً للأمن القومي، وكان ترامب من متابعي هذه القناة بشكل مستمر كما يقال وقد وصفه الموقع الالكتروني لمجلة اشبيغل الألمانية بالكلب المفترس من المحافظين الجدد .

وقبل تعيينه في الامم المتحدة شغل عدة مناصب حكومية في عهد رونالد ريغان وجورج بوش الأب وفي وزارة الخارجية كلف العلاقات مع المنظمات الدولية (1989 – 1993). وقبلها عمل في وزارة العدل الأميركية (1985-1989) وفي وكالة التنمية الأميركية (يو اس ايد) (1981-1983) .

سياسي ودبلوماسي ومحام أميركي يعتبر من صقور اليمين المحافظ في أمريكيا وأحد رموز السياسة المتشددة حيال عدد من الملفات الخارجية، ناضل من اجل غزو العراق ويعتبر احد مهندسيه ولا يزال الوحيد الذي يرى أن غزو العراق كان قراراً صائباً وأن الغزو نجح في اهدافه رغم أن كثير ممن ساندوا غزو العراق تراجعوا عن آرائهم .

دعا إلى ضرب ايران وتقويض الأمم المتحدة وصفته إحدى الصحف البريطانية بأنه متشدد ومستفز ووقح ومنفلت عينه ترمب في مارس/آذار 2018 مستشارا للأمن القومي بدأ حياته السياسية في عهد الرئيس الأسبق رونالد ريغان وكان له دور في إلغاء قرارالأمم المتحدة الذي ساوى بين الصهيونية والعنصرية تبنى إستراتيجية الحروب الوقائية لحماية الأمن القومي الأمريكي ودعى لاستخدام القوة العسكرية ضد كوريا الشمالية وإيران صاحب مقولة القصف هو السبيل الوحيد لإيقاف النووي الإيراني يتبنى مواقف متشددة ضد روسيا يعارض انضمام أمريكا للمحكمة الجنائية الدولية وأن ما يفتقده بولتون من كفاءة ومهنية يعوّضه بتطرفه الأيديولوجي حارب تصدير القيم الأميركية للعالم مثل الديمقراطية وحقوق الإنسان .

هذا المحامي البالغ من العمر 70 عاماً المعروف بنظارتيه السميكتين وشاربيه الأبيضين الكثين لا يعرف المجاملة ولا الكياسة فخلال تعيينه سفيراً للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة في 2005 و2006 في عهد جورج بوش الابن كان حضوره طاغياً دون أن يأبه للياقة الدبلوماسية وكان يمثل أسوأ أوجه المغامرة في السياسة الخارجية الأميركية وزاد في تطرّفًه عن أشّد اليمينيين بحكومة نتنياهو وقد ناشد بولتون مرارًا القيادة الأمريكيّة مساعدة إسرائيل على قصف إيران أوْ على الأقّل السماح لها بأنْ تفعل ذلك بمفردها وانتقد الرئيس السابق أوباما لموافقته على الاتفاق النووي الدوليّ مع إيران عام 2015 وفي الفترة الأخيرة، وبعد اتهام بريطانيا لموسكو بالوقوف وراء الهجوم بغازٍ سامٍّ على الجاسوس الروسيّ السابق سيرغي سكريبال على الأراضي البريطانية، قال بولتون إنّه ينبغي على الغرب أنْ يرد على روسيا بقوة قال ذات مرة لو كُلفت بإعادة اصلاح الامم المتحدة وهيكلة مجلس الامن الدولي لخفضت عدد الدول دائمة العضوية إلى واحدة فقط وهي أميركا لأن ذلك هو التعبير الحقيقي عن ميزان القوة في العالم .

وعن إيران قال إنه أسوأ عمل للترضية في تاريخ أميركا هو الاتفاق النووي وإن الشيء الوحيد الذي سيوقف إيران من الحصول على سلاح نووي هو تغيير النظام في ايران أما بشأن روسيا ورئيسها فلاديمير بوتين، فيؤيد بولتون تشديد العقوبات أبعد بكثير من تلك التي يراها رمزية والتي فرضتها الإدارة الأميركية بل إن بولتون يصر على غزو أو تغيير بعض من الأنظمة مثل كوريا الشمالية. وحين زاد التصعيد بين واشنطن وبيونغيانغ بسبب الصواريخ الكورية والأسلحة النووية نشر بولتون مقالة شجع فيها الرئيس بالقيام بضربة وقائية والتي قال إنها مبررة قانونياً .

ويرى ضرورة قلب نظام الحكم في دمشق ومع دخول بولتون إلى البيت الأبيض انضم متطرف آخر إلى فريق المتطرفين المحاطين بترامب وبخصوص الاعتراف الأمريكي بالقدس ونقل السفارة إليها كان بولتون من اكبر الداعمين والمؤيدين لهذا القرار الذي اعتبره نصر لإسرائيل وهولا يؤمن بحل الدولتين ولديه حلول اكثر عنصرية ضد الفلسطينيين ولديه تاريخ عريق في معاداة فلسطين منذ أن كان في الأمم المتحدة وسيؤدي في منصبه الجديد إلى زيادة التشدد في الموقفين الأمريكي والإسرائيلي تجاه القضية الفلسطينية وقد كان الترحيب الإسرائيلي بتعيين بولتون واضحا، فقد طغت الفرحة والبهجة على الاوساط كافة، فقالت أيليت شاكيد، اليمينية المتشددة من حزب “البيت اليهودي في بيان لها يواصل الرئيس الأمريكي ترامب تعيين أصدقاء حقيقيين لإسرائيل في مناصب عليا، جون بولتون أحد البارزين منهم، ويتمتع بخبرة واسعة ولديه تفكير أصيل استثنائي وهذا تعيين ممتاز لقد اتضح أن إدارة ترامب هي الأكثر ودية لإسرائيل على الإطلاق .

وهو من صقور المحافظين الجدد وينزع إلى الحلول العسكرية في كل النزاعات ولا يكترث لا بالقانون الدولي ولا بالمؤسسات الدولية ومن الخطير في عمل بولتون انه سيحظى بالقرب من الرئيس في البيت الأبيض حيث يستطيع أن يهمس في أذنه أفكاراً كتلك التي دفعت الولايات المتحدة إلى اجتياح العراق والتي ما زال الإقليم يعاني من تداعياته والمسألة مقلقة بسبب أن الرئيس في الشأن الدولي يمكن التأثير عليه بسهولة .

بولتون هذا ليس رجلا سياسيا عنصريا عاديا وليس مواطنا أمريكيا عنصريا كبعض الأمريكيين البيض العنصريين الآخرين الذي غالبا ما يعبرون عن عقدهم وعنصريتهم تجاه فرد او امة ما لسبب ما يكون قد أساء لهم وترك أثره في نفسيتهم أو في النفسية الأمريكية عامة اما بولتون فهو معاديا لأمم العالم بعد ان نشر في موقع ميدل إيست عام 1994 حقده وافكاره قائلا ( لا توجد أمم متحدة هناك مجتمع دولي يمكن قيادته من وقت لآخر بالقوة الوحيدة الحقيقية المتبقية في العالموهي الولايات المتحدة الامريكية وهو يجاهر ليلا ونهارا بعدائه لامم الارض ككوريا وايران والعرب اجمعين وخاصة الفلسطينيين وان تعيين جون بولتون مستشارا للأمن القومي الأمريكي بعد نجاح ترامب رئيسا ما هو الا تاكيدا لمرحلة تاريخية جديدة في الحياة والتطور الامريكي ربما تفوق ما بعد وما فوق مرحلة التطور الراسمالي الامبريالي والتي ستهدد بافكارها ومعتقدات بولتون ومن قبله ترامب مصير ومستقبلا الكون كله وستؤدي إلى خلق واقع مدمر عالميا .

هذا هو بولتون المعروف بدفاعه القوي عن المصالح الصهيونية والنفوذ الأمريكي وتأييده المطلق لإرساء هذا النفوذ والهيمنة في الخارج وبقوة وعبر الضربات الاستباقية المباشرة وهو الذي لم يتراجع يوما عن مواقفه فما الذي ينتظر الفلسطينيين والعرب في الايام القادمة مع ثبوت رؤية هلال صفقة القرن بشكل واضح في عز الظهيرة وفي قلب ارض العرب .

mahdimubarak@gmail.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات