إستبشر المواطن الأردني خيرا بمكرمة سيد البلاد بالسكن الكريم للعيش الكريم ، وتفاءل جل المواطنين من ذوي الدخل المحدود بهذه المكرمة السامية ، لإنها بإختصار شديد ستنهي فصلاً كبيرا من معاناة اللاهثين وراء السكن الملائم بعيداً عن إستغلال المؤجرين وسطوة قانون المالكين والمستأجرين الجديد الذي زاد الطين بلة عليهم .

وللأسف الشديد حدث ما لم يكن بالحسبان وتحولت هذه المكرمة التي رغب بها سيدنا حفظه الله إلى شكل أخر من حيث المضمون ، والأسباب مجهولة ؟! فهي تحمل من الخارج هدفا ساميا وإنسانيا ، ولكنها من حيث التطبيق والواقع كانت إجحافاً وإستخفافاً بالمواطن ، والدليل القاطع على ذلك قبل البدء بسرد بعض المثالب التي تكتنف المشروع ، هو الكم الهائل من الزخم الإعلامي الذي تقوم به مؤسسة الإسكان بهدف الخلاص من هذه الشقق التي شاء المولى أن تكون في جعبتهم لا في أحضان القطاع الخاص ، الذي فعل فعلته في هذا المشروع وولى هارباً .

لقد كنت من الذين خاضوا معركة الحصول على شقة في هذا المشروع وقد نلت الشقة بكل سهولة ويسر كما توقعت ، إلا أن هذا التيسير لم يأت من فراغ بل كانت أسبابه واضحة عند العدد الأكبر من المتابعين لأسباب عدة تتعلق بالسلبيات الضخمة التي إمتاز بها هذا المشروع ، ومن باب الحرص على مواطنينا الأكارم سأجمل لكم جزءاً من هذه السلبيات وهي :

أولاً :

مساحة الشقق السكنية غالبيتها العظمى صغيرة وتصميمها لا يتناسب مع متطلبات الأثاث المنزلي الذي تحتاجه الأسرة ( صممت إلى حد ما على نمط الشقق الفندقية ) ومن خلال سعيي للحصول على شقة كنت مستعداً لخوض عراك بيع نصف أثاث منزلي الحالي على أقل تقدير في سبيل الإقامة في شقق هذا السكن .

ثانياً :

الشقق السكنية غير جاهزة من حيث المطبخ وإيصال الماء والكهرباء وتركيب الحماية على شبابيك المنازل وبالذات الطوابق الأرضية ، وبالتالي لو إفترضنا أن مواطناً من ذوي الدخل المحدود شاء القدر له الإقامة في شقة معينة فإنه ملزم أدبياً !! بالسعي وراء الحصول على مبلغ لن يقل عن ألفي 2000 دينار من أجل القدرة على الإقامة في هذه الشقة ، فلو إقترض المبلغ من أحد البنوك وهو الرأي الأغلب لمواطننا فعليه أن يسدد قسط الشقة وقسط القرض مع فوائده ، فأين التحسين في مستوى معيشة الفرد ودعمه بالسكن الكريم ؟؟ .

ثالثاً :

من خلال زيارتي الميدانية لأحد المشاريع وجدت أن بعض العمارات السكنية إن لم تكن الغالبية متلاصقة بشكل مزعج جداً ، وبشكل ينافي شروط السكن الكريم الملائم .

رابعاً :

أسعار الشقق أيها المواطن الغلبان مرتفعة جداً من حيث القسط الشهري ومعدل دخل الغالبية الذي يعادل 300 دينار شهرياً ، وسأبين هذه النقطة من خلال مثال بسيط جداً على إحدى الأقساط المترتبة : فإحدى الشقق ضمن المشروع قسطها الشهري 129 دينار شهرياً أي بمعدل 1548 دينار سنوياً ، وباعتبار أقساط الشقة الشقق مترتبة على 30 عام فإن ثمن الشقة سيصبح 46.440 ألف دينار أردني مقارنة بثمن الشقة نقدا 24.022 ألف دينار ، وهذه المبالغ بالطبع ستدخل البنوك في حساباتها وما أدراكم إن كانت تبتغي إضافة مبلغ على القسط الشهري نفسه ، وهذا في مجمله لا يتناسب وذوي الدخل المحدود ، وهل من المنطق أن يقتطع من الموظف صاحب الدخل المتدني 129 دينار شهرياً إضافة لفواتير الماء والكهرباء .... إلخ فأين الكرامة والتكريم في هذه الشقة .

خامساً :

صدر قرار عن مجلس الوزراء يعطي للمعلمين الأولوية في الحصول على شقة وقد سمعت هذا الحديث من نائب رئيس الوزراء شخصياً ومن معالي وزير التربية أيضاً وقد أكدوا على هذا الأمر ، ولكن المؤسسة وللأسف جيرت هذا القرار بإضافة النقاط فقط دون النظر إليهم بصورة تتناسب وحجم القرار الذي يلبي توصيات صاحب الجلالة حفظه الله .

سادساً :

على المواطن الكريم أن يقوم بزيارة لمبنى شؤون المستفيدين في مؤسسة الإسكان قبل الوقوع في فخ هذه الشقق ، فسيلاحظ ويسمع عن تجارب الآخرين ويرى بأم عينه القادمين بغية الإسكتناف عن إستلام الشقق .

ونحن هنا نسأل مؤسسة الإسكان من الذي صمم الشقق في هذا المشروع أهو من الأردن أم من جزر هاواي ، التي تسمى عند الغالبية ببركسات الدجاج ؟
وفي نهاية القول أود من أصحاب القرار أن يقوموا بعمل مراجعة شاملة تتعلق بمشروع السكن الكريم ، لا لتلبية حق المواطن فحسب بل لخدمة هذا الوطن على أكمل صورة أيضاً لا لمجرد ملء الفراغ وترقيع الفتق فحسب ، وتلبية أيضاً لرغبة جلالة الملك حفظه الله ، والله ولي التوفيق .