فساد .. واسطة .. حقائق وحقوق تتلاشى


باتت كلمة تتردد على الألسن في كل وقت ومكان،تصريحات نارية من هنا...وهتافات من هناك كلها تنادي بمكافحة هذه الآفة اللعينة التي تفشت وتغلغلت في مجتمعنا. 

في الإذاعة...التلفاز...الصحف اليومية...المواقع الإخبارية ومواقع التواصل الاجتماعي نقرأ الكثير،وما أن ينكشف المستور حتى يأتي من فضحه الله في الدنيا والآخره بنفوذه وسلطته ويخفيها بثقله لتذهب في مهب الريح. 

سيد البلاد ينادي بالقضاء على الفساد ومحاربته بشتى الطرق والوسائل، والحكومات المتعاقبة هي كذلك الأمر،حتى بات من يبلغ عن قضية فساد ما، يشعر نفسه أنه حرر الأقصى ووصل عنان السماء،وأنه خير مثال للمواطن الغيور على المصلحة العامة،ولكنها فرحة لا تكتمل وشعور بالبهجة يتبعه خذلان ما بعده خذلان،وسقوط من عنان السماء حيث يهوى بقوة لأسفل السافلين، وكله بسبب ما يعرف بالواسطة والمحسوبية،هنا تضيع الحقائق وتختفي الأدلة وتتلاشى كوميض البرق. 

منذ أيام كنت أستمع لفضائية ما وأنا منشغلة بأمر آخر ولكن ما أن سمعت المتصل يتحدث عما جرى له،حتى تركت ما بيدي وركزت على الشاشة التي أمامي،كان يشكو لمقدم البرنامج مما حصل معه،فهل يعقل أنه بعدما بلغ الوزير المعني عن مديره الفاسد أن يدخل ليجد مديره مع لجنة التحقيق يتناولون (الهش والنش في المكتب؟)هنا بادر للذهاب لمكافحة الفساد وتم تحويله لقسم حماية المبلغين الذي بدوره طمأنه وأكد له أنه بأمان ولن يتم التعرض له،ليتفاجأ بعد أيام حين تردده على مكتب الحماية،بذات الموظف يطلب منه السكوت وأن ينفذ بجلده فهناك متنفذون يحمون ذاك الفاسد!!!!! وما هي إلا ايام وقرار تقاعده كان بيده!!!!! 

ماذا نفهم من إحالة موظف ما على التقاعد بعد أن قام بكشف قضية فساد في دائرته؟ 
ما الشعور الذي يخلقه فينا هكذا عقاب لموظف نظيف كان همه مكافحة الفساد؟ 
أي فساد تنادون بمكافحته وفضح أمره يا قوم؟ 
أي زمن بتنا فيه نتساءل هل نكشف الحقائق أم نغض الطرف؟ 
وأي عرف هذا الذي ينصف الفاسد ويعاقب المواطن الغيور على مصلحة بلده؟ 

عندما نحارب فاسد ومدير أرعن يصول ويجول بعنجهية ووقاحة متباهياً بحيتان الفساد التي تحميه فنحن نحارب بسيف مكسور،نعم سيف مكسور مما يعني أنها حرب غير متكافئة. 

هكذا الأمور تسير في هذه الأيام، من أراد القضاء على الفساد والفاسدين يقضى عليه هو،ويجرد من أبسط حقوقه،وخاصة الموظف الحكومي،يصبح لعبة بيد مدير فاسد يتلاعب به كيفما شاء، يتفنن في إنزال شتى العقوبات ويضيق الخناق عليه،طرق مسدودة أمامه أينما التفت وولى بوجهه لعنة الفاسد الأرعن وراءه لتخلو الساحة له ولأعوانه وحاشيته الفاسدة والأمثلة كثيرة على ذلك . 

أي أمان وظيفي تتغنون به؟ 
وأي أمن وأمان نريد المحافظة عليهما والحقائق مغيبة؟ 

والسؤال لك يا معالي وزير التربية والتعليم يا من أجل وأحترم،ماذا نعلم أبناءنا في المدارس؟ ماذا نغرز فيهم من قيم؟مكافحة الفساد والتصدي له؟أم التزام الصمت وغض الطرف؟ فلكل حالة نهاية،نهاية الأولى دوامة يقع فيها من يبلغ عن قضية فساد ما،ونهاية الثانية تضارب القيم والمفاهيم التي نشأنا وترعرعنا عليها...وأحلاهما مر. 

إن كانت النوايا جادة في مكافحة الفساد يا سادة فإني أناشد مكافحة الفساد في السعي قدماً وراء الحقائق وكشف المستور،وأن لا تتوانى طواقمها أبداً ولا ترضخ لفاسد متنفذ تدخل لإخفاء قضية فساد فضح أمرها وحماية فاسد ما. 

أناشد كل وزير يتم كشف فساد ما في وزارته بمتابعتها وعدم غض الطرف عنها. 
أناشد كل مدير أن لا يأل جهداً في إحقاق الحق وكشف كل فاسد. 

لقد ضاعت حقوق كثيرة وغابت حقائق أكثر،وطويت ملفات فساد في أدراج علتها الغبار وعفى عليها الزمن،وأصبحت وجبة دسمة لآلات تمزيق الورق لغايات تدويره،لتعود الورقة تلك،جديدة ناصعة البياض ولكنها تحمل في طياتها آهات مظلوم وضحكات ظالم انتصر بالواسطة والمحسوبية في الدنيا،ونسي أن هناك من لا تغفل له عين ولا تنام،هناك من يمهل ولا يهمل،هناك من قال ادعوني أستجب لكم ودعوة المظلوم لايردها خالق الكون،هناك عدالة سمائية لن تقوى عليها حيتان الفساد تلك ولن يجرؤ فاسد على التصدي لها وهو أضعف الإيمان فالارض باتت لهم والسماء بإذن الله تلعنهم.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات