جاءت المكرمة الملكية السامية لابناء المعلمين في اصعب الظروف التي نعيشها , فأضاءت مسيرة 11 عاما من العطاء والبناء, رسم المعلمون تحت قيادة جلالة الملك خلالها لانفسهم صورة يباهون بها الامم , فاختطوا لانفسهم نهجا تنمويا سيرقى بالوطن الى قمة التألق , ليعاهدوا جلالته على السمع والطاعة في اليسر والعسر, وعلى بذل انفسهم في سبيل ان يكون الاردن اولا.
فعندما اضربنا بلغنا مكتوبك يا سيد البلاد, وفهمنا قصدك ولم يفاجئنا سخاءك وطيبتك , وكان لمكرمتك علينا الاثر الكبير الذي سيحّفزنا للسير الى الامام ليبقى الاردن ساكن الروح, فجاءت عطاياك للمعلمين الصابرين عزاء لهم في شدة , وبسمة وضيئة في كربه , وومضة رجاء في ظلمه, لانها جاءت ممن يُنتظر منه الوفاء في زمن عّز في الناس به الوفاء, فأجزلت لنا العطاء , وأعليت من شأننا ذلك الإعلاء , فاشتد بهمتك الساعد وقوي العود, فكنت لنا بحق رمز للوفاء وعنوان للولاء وقلعة مجد وحمية يا اغلى ملك, ليمضي خلفك كل اهل الفكر والقلم مقتدين ومهتدين.
فالمعلمون الذين استيقظوا بدورهم سيلتم شملهم معك بعد حين, فغّن يا صاحب الجلالة لكي تهدي بصوتك هذه الخطوات التي جاءتك في عتمة الفجر, حاملة اشعاعات صباح الوطن الجديد , ليبقى جهدك المبارك في سهولنا وربوعنا الذي بذرت فيهن ما سيحمله النسيم الى رجال المستقبل ابنائنا الطلبة.
شكرا يا صاحب الجلالة فقد منحتنا قوة الحرية والكرامة, قوة الانسان إذ يعتصم بإنسانيته ولا يفرط بها , لانها القوة الفضلى التي منها عجَنت عجينك , وصنعت خبزك , ثم دعوتنا الى اشهى موائدك فلم يتخلف مّنا إلا من عَميت بصائرهم, ولئن كنت قد اشبعتنا بعطاياك فقد فتحت شهيتنا الى المزيد من العطاء للاردن واهله , فأكرم بك خبازاً وأعظم بك في الاخلاص والفكر استاذاً, مستديمين مودتك يا صاحب الجلالة التي كنت بها لابنائك المعلمين مبادئا, فأعجبنا ذلك المنهج الذي سرتم عليه وما زلتم سائرين عليه في حب الوطن وحمايته من المغالاة ولو باغلى الاثمان , لهذا وطّنا انفسنا ونحن نراقب نظراتك قبل خطواتك منشدين:
هموم المعلمين وهن همي نراها اليوم كالدرر الغوالي
سُعدنـــا بكل هذا يا مليكنا بفضلك ايها الآسي المثالي
فتقبل كل عرفاننا وشكرنا ففضلك لا يقاس بأي مال
فسلام عليك من المعلمين الذين يعيشون في زوايا الوطن يناضلون بصمت في بصماته , للكشف عن الكنوز المخبأة ونفض الغبار عنها , فالى المغروس في القلوب وحدقات العيون سلام المعلمين الصادق الصافي .
نعلم صعوبة الحال الذي تمر به بلادنا هذه الايام يا صاحب الجلالة, ورغم ذلك انصفت وقدّرت اولئك الذين اذابوا اجسادهم ليضيئوا درب الوطن, فشكرا لك على ما اوليتنا إياه من حسن ظنك , واقصى حدودنا بعهدك اليوم ان نكون من التابعين لك بإحسان.
فلك ايها المنتج المبدع شكر المعلمين بقدر ما أغنيت ميراثهم ,وبقدر ما جلوت صورتهم المشرقة , وبقدر ما قويت ثقتهم بأنفسهم , وبقدر ما أذكيت طموحهم لأداء دورهم الحضاري في صناعة اجيال الوطن , فشديتهم الى منهلكم الروحي عن طريق الحدس قائلين:
عبد الله عزف الخلود نشيده ** وتربــــــع في سدرة الازمان
هذا ابن الحسين الابر زعيمنا ** زاكي الاصول مطهر الافنان
فيا قمح الاردن المتخضر, تحية اجلال واحترام من جموع معلمي المملكة على جهدك المضني الذي جلا عنهم ظلمة السنين , ونفض عن حياتهم غبار النسيان ,فأظهرتهم للناس كواكبا من كواكب المعرفة الهادية الى سواء السبيل.
Quraan1964@yahoo.com
*عضو اتحاد الكتاب والادباء الاردنيين