رائحة البرتقال


عندما يهل موسم البرتقال وغيرها من المواسم كانت تقول لي أمي رحمها الله كلمة تشعرني بالمحبة وصفاء الماضي أولك ع خير تاليك على سلامة والدتي والتي عاشت في عمان في ثلاثينات وأربعينات القرن الماضي كانت تتحدث عن شوالات البرتقال اليافاوي القادمة من فلسطين وتباع بالعدد وبحجمها الكبير ورائحتها التي تفوح بالشوارع لتصل إلى الازقة والشوارع والاحياء خاصة وسط عمان البلد فتعطر بنسيمها الهواء الشتائي وتقول لي يما طعم البرتقال كان مختلفاً وحتى بعد النكبة وإنقطاع البرتقال اليافاوي وبرتقال الساحل الفلسطيني كان يأتينا البرتقال الريحاوي ومن بيارات الغور الشمالي في الشونة الشمالية الشهي برائحة معطرة وأنواع من أبو صرة فهو الذي يقع أولاً يليه البرتقال الفرنساوي ودم الزغلول والشموطي وهو الرائع برائحتة العابقة ، ومن عادات زمان يتم زيارة المرضى بطلة تتكون من 2 كيلو برتقال ومثلها تفاح وكذا الموز أبو نملة والذي كان يعلق بمنظر جميل وعلى عربة خشبية وله موس خاص للتقطيع . وهنا السؤال هل تغير طعم البرتقال ورائحتة ومعه تغير طباع الناس حتى طعم الخبز تغير لم يعد يزرع ويحصد من يد فلاح ولم تحنو عليه الأم بغربلته وعجنه وخبزه وضعفت الروابط الأجتماعية ولم تعد رائحة البرتقال تجذبنا لزمن جميل تكاثرت أعبائنا وهمومنا ونام الجشع في صدورنا لم تعد حبات البرتقال تجمع العائلة والضحكة ولم تعد رائحة قشور البرتقال تفوح في البيوت ومن على الصوبات لم نعد نتكلم مع بعض الموبايل هو الرفيق عندما كنا نشتري حبات البرتقال كنا نحنو عليها فهي سيدة القعدات والسهرات في ليالي الشتاء الباردة ألله كم بعدنا عن كل شيء جميل همنا المناصب والجاهات والبنوك والمولات نعم نسينا حنين البرتقال حتى السماء لم نعد ننظر إليها نعد نجومها نسميهم نغني للقمر ننتظر ديمة مطر قادمة لم نعد نفرح بقوس القزح عيوننا تصحو صباحاً صوب العمل صوب الأسهم والسندات صوب العوائد والفوائد نسعى إلى ربح سريع نزرر البدلات وننسى أن الوردة الجورية الموجودة أمام عملك قد زررت وأنت لم تعطيها أهتمامك فكيف تريد منها أن تعطيك عطراً . نعم رائحة البرتقال لم تعد تفوح مثلها مثل باقي أنواع الفاكهة والخضروات ومثل بسمتنا المصطنعة وتملقنا الزائف .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات