القوات المسلحة والانتخابات


بداية وقبل الخوض في غمار هذه السطور فإن ما سيرد هو مجرد رأي قانوي، لا يتعلق بالموضوع من ناحية سياسية او غيرها.
لقد اطلّت علينا بعض وسائل الإعلام بتعميم منسوب للقيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية –التي نجل ونحترم ونقدر- يفيد بمنع منتسبيها من مدنيين وعسكريين من المشاركة في الإنتخابات المزمع عقدها في الخامس عشر من الشهر الجاري، وعلى فرض صحة ما تناقلته وسائل الإعلام فإنني كقانوني أرى ما يلي:
أولاً: تنص المادة(6/1) من الدستور بما يلي: (الأردنيون امام القانون سواء لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات وأن اختلفوا في العرق او اللغة او الدين).
ثانياً:تنص المادة (3/ب) من قانون الأنتخاب لمجلس النواب على ما يلي:(ب- يوقف استعمال حق الانتخاب لمنتسبي القوات المسلحة / الجيش العربي والمخابرات العامة والأمن العام وقوات الدرك والدفاع المدني في أثناء وجودهم في الخدمة الفعلية باستثناء المستخدم المدن).
ثالثاً: تنص المادة (13/أ) من قانون اللامركزية على ما يلي: (لكل اردني أكمل ثماني عشرة سنة شمسية من عمره في التاريخ الذي يحدده مجلس المفوضين الحق في انتخاب أعضاء المجلس اذا كان مسجلاً في احد الجداول الانتخابية النهائية).
رابعاً:تنص المادة (39/أ) من قانون البلديات على ما يلي: ( لكل أردني أكمل ثماني عشرة سنة من عمره في التاريخ الذي يحدده مجلس المفوضين الحق في انتخاب رؤساء واعضاء المجالس وأعضاء المجالس المحلية اذا كان مسجلا في احد الجداول الانتخابية النهائية).

من النصوص المتقدمة نجد أن الدستور الأردني ساوى بين الأردنيين جميعا في الحقوق والواجبات، وانه لم يتطرق بهذا الشأن لتعليق حق مشاركة منتسبي القوات المسلحة والأجهزة الأمنية في أي انتخابات تجري داخل المملكة نيابية او بلدية أو غيرها، وقد ورد النص الذي يوقف ذلك الحق في قانون الأنتخاب لمجلس النواب وهو وارد حصراً بخصوص الأنتخابات النيابية فقط وبمنتسبي القوات المسلحة والأجهزة الأمنية بالصبغة العسكرية فقط وقد استثنى صراحة المستخدمين المدنيين وفقاً لصراحة نص المادة (3/ب) من قانون الانتخاب لمجلس النواب، اما فيما يتعلق بالانتخابات البلدية ومجلس امانة عمان الكبرى وانتخابات مجالس المحافظات (اللامركزية) فلم يرد في قانون أي منها ما يحضر على منتسبي القوات المسلحة والأجهزة الأمنية (عسكريين او مدنيين) المشاركة فيها بصفتهم ناخبين وفقاً لتعريف الناخب الوارد في القوانين الناظمة لتلك الانتخابات وقد أعلنت الهيئة المستقلة للأنتخابات مسبقاً بأنه تم إدراج اسماء منتسبي القوات المسلحة والأجهزة الأمنية في كشوفات الناخبين لهذه الإنتخابات، وفي هذا السياق فإن القاعدة الفقهية تقول (إن المشرع لا يقول لغواً ولا يسكت على باطل) فلو أراد المشرع تعليق حق منتسبي القوات المسلحة والأجهزة الأمنية في المشاركة في الإنتخابات البلدية و مجالس المحافظات (اللامركزية) لنص على ذلك صراحة كما فعل في قانون الانتخاب لمجلس النواب، خاصة وأن الإنتخابات البلدية واللامركزية تتعلق بمجالس خدمية بحته وليس بمجالس سياسية -كما هو الحال في انتخابات مجلس النواب- وان كانت تلك الأنتخابات تشهد مشاركة واسعة من أحزاب وتيارات فكرية وسياسية، اما وقد سكت المشرع في هذا المقام فإن ذلك يُفهم من الناحية القانونية بأن حق المشاركة في تلك الإنتخابات لهذه الفئة قائم ولا مساس به في ظل قاعدة فقهية أخرى تقول إن الاصل في الأمور الإباحة.
وبالتالي فإن التعميم المنسوب للقيادة العامة للقوات المسلحة الجليلة –على فرض صحته- يشكل مخالفة دستورية وقانونية صريحة وله تأثيره المباشر على مخرجات العملية الإنتخابية، كما انه يمكن أن يكون مطعناً قانونياً بنتائجها.
حمى الله أبناء قواتنا المسلحة وأجهزتنا الأمنية الباسلة مع امنيات التوفيق والسداد لهم.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات