التحرش الجنسي أسير لمؤامرة الصمت .. إكتشفي الإعتداء الجنسي على طفلك


جراسا -

 إن قضية التحرش الجنسي بالأطفال ما زالت أسيرة لمؤامرة الصمت المتفق عليها ضمنًا من كل الأطراف، الطفل صامت لا يفصح غالبًا عن مشكلته بسهولة، نظرًا لخوفه، أو وقوعه تحت تهديد الجاني، أو جهله بحقيقة ما يتعرض له، والأسرة صامتة خوفًا على سمعة العائلة ودرءًا للفضيحة والعار ولعدم رغبتها في التعرض لمشاكل قانونية قد لا تحسم لصالحها. كما يبقى المجتمع في بوتقة الصمت ذاتها حفاظًا على وجه ملائكي زائف، فأصبحنا نشم رائحة الانتهاك دون أن نتعب أنفسنا في تعقب مصدرها، تاركين الطفل وحده يدفع ثمن جريمة أخلاقية تتحمل مسؤوليتها الأسرة بل المجتمع كله بشكل أو بآخر.

تؤكد Carol A. Plummer  أن الأسرة، وبخاصة الأم، تؤدي دورًا مهمًا في عدم تعرض أطفالها للإساءة الجنسية، بل وفي شفائهم وقدرتهم على تجاوز الصدمة إذا ما تعرضوا للاعتداء بالفعل. لكن الكثير من الأمهات لا يشكلن عنصر أمان نفسي واجتماعي لأطفالهن، وغير قادرات على اكتشاف الاعتداء الجنسي، خاصة أن حوالى 20 إلى 50% من الأطفال المستغَلين جنسيًا لا تظهر عليهم علامات واضحة، وقد يمر الأمر ولا يكتشف، ونفاجأ كمعالجين نفسيين بمشاكل عميقة يعاني منها الطفل، أو المراهق دون معرفة السبب الحقيقي إلا من خلال الجلسات العلاجية. من هذا المنطلق هناك أسئلة كثيرة تفرض نفسها بحثًا عن إجابة، أهمها كيف تعرف الأم أن طفلها تعرض للاعتداء الجنسي؟ وكيف تتصرف معه بطريقة إيجابية لا تؤدي إلى نتائج عكسية تكرس الأزمة بدلاً من أن تحلها؟.
علامات التحرش
بداية هناك مجموعة من المؤشرات والتغيرات النفسية والجسدية والسلوكية إذا انتبهت إليها الأم مبكراً فإنها تساعد طفلها/ طفلتها على تجاوز تلك المحنة بأقل الخسائر، أهم تلك العلامات:
•وجود كدمات أو علامات متكررة على جسده.
•احمرار في مناطق حساسة من الجسم، أو نزيف من فتحة الشرج (أو المنطقة التناسلية للبنت).
•سلوكيات جنسية غريبة كالتلصص أو الفضول لكل ما يخص الحياة الجنسية، أو العبث بالمناطق التناسلية.
•ترديد ألفاظ بذيئة لم يعتدها من قبل.
•تحرشه الجنسي بغيره من أطفال الأقارب أو الجيران.
•السلوكيات النفسية المفاجئة مثل: التبول اللاإرادي، الخوف الشديد، الانطواء، الخجل، اضطراب الكلام، الكوابيس الشديدة، فقدان الشهية، العصبية الزائدة.
•حرص أحد الأقارب أو الأصدقاء أو الجيران (رجال ونساء) بشكل ملفت على الانفراد بالطفل، أو الحضور للمنزل في غياب الأسرة، أو ضم الطفل وتقبيله وملامسته بطريقة غير صحيحة.

تصرفي بحكمة
إن علاقتك الحميمة مع طفلك وحنانك عليه، يشجعانه على الكلام والإفصاح عما يسبب له الضيق والأذى. فإذا أنصتِّ إلى أسئلته باهتمام واستمعتِ لأحلامه ومخاوفه أن تستشفي ما بين السطور وتكتشفي إذا كان قد تعرض للاعتداء أم لا. فالإحصاءات تشير إلى أن حوالى 49% من الأمهات لديهن حدس قوي يؤهلهن للإحساس بالمشاكل الجنسية التي يعاني منها أطفالهن.

وفي حال ارتيابك أو ظهور علامة معينة غير معتادة فعليك أن تتحققي من الأمر دون فزع أو تخويف مبالغ فيه للطفل، كذلك لا تبني استنتاجاتك على علامة واحدة فقط، وإنما لابد من توافر علامات أخرى تؤكد الشك. ويمكنك مناقشة هواجسك مع الأب وإذا ما كان من الأفضل مراجعة طبيب أطفال أو معالج نفسي لأن نسبة كبيرة من الأطفال تُقدر بحوالي 57% ينكرون تعرضهم للإساءة حتى مع وضوح الأعراض عليهم خوفاً من الجاني، أو خوفاً من العقاب الأسري، أو وقوعهم تحت سيطرة المعتدي وإغوائهم بمميزات معينة إذا التزموا الصمت، كشراء الهدايا أو إعطائهم نقوداً أو سجائر والذهاب معهم لأماكن ترفيهية، أو غيرها من المغريات.
بعض الأطفال المعتدى عليهم جنسياً (16% من الأولاد، 27% من البنات) تراودهم أفكار انتحارية، ويشعرون بالذنب لأنهم يتصورون أنهم شركاء في الجريمة ولم يستطيعوا حماية أنفسهم، لذلك فاحتواء الطفل وإشعاره بالأمان، وعدم نبذه أو معايرته أو السخرية منه أو تأنيبه، يساعد بشكل كبير على استعادة ثقته في نفسه وتقديره لذاته تدريجياً.   
 
ولا شك أن الحصول على المعلومات من مصادرها العلمية الصحيحة يحمي الإنسان بدرجة كبيرة من الوقوع في الخطأ.. فحضور الأبوان لندوات أو دورات إرشادية تركز على الثقافة الجنسية، يساعدهما في معرفة علامات التحرش الجنسي، وآثاره، والفرق بينه وبين التلامس الصحي. وعملا بمبدأ "الوقاية خير من العلاج" فإن فهم خريطة الطفل نفسياً وعاطفياً وجسدياً يقلل من مخاطر وقوعه فريسة في يد معدومي الشرف والضمير.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات