ظاهرة الإختباس الحراري


المعلومات العلمية الكاملة في هذه المقالة هي جزء من مقالة لي باللغة الإنجليزية كنت قد كتبتها و نشرتها في مجلة اقليمية انجليزية في عام 2008 نظرا لخطورة ظاهرة الإحتباس الحراري، فأصبحت هذه الظاهرة من الظواهر الواقعية التي وجد عالمنا نفسه مجبورا على أخذها بعين الإعتبار نظرا لتأثرها الكبير على حياتنا و المتغيرات التي تجلبها معها بسرعة لا يمكن غض الابصار عنها أطلاقا...فقررت ترجمتها الى اللغة العربية و اعادت كتابتها منذ سنتين حينما اثر على المملكة منخفض قطبي في كانون الأول في الخريف قبل مربعينية الشتاء لأذكر الرأي العام في الاردن بأن هذه الظاهرة أصبحت واقع مُلِحْ قد تُجْبَرْ مملكتنا لإتحاذ كافة التدابير اللازمة للتعامل معها في المستقبل القريب، فهنالك تفسير علمي لكل شيئ...

المقال الأصلي باللغة العربية : هذه الموجة القارصة مرحب بها في مملكتنا و لكن الجواب لهذا السؤال هو لا مع كل أسف، فللذي يتابع التقارير العلمية التي تصدر من حين لآخر من أمريكا و المؤسسات البيئية التابعة للأمم المتحدة و العالمية منها سيفهم ان مناخ الكرة الارضية منذ بداية قرن العشرين يتغير، و السبب بكل بساطة يكمن بغاز ثاني اكسيد الكاربون الذي ينتج عن حرق الفحم و مشتقات النفط في محركات المركبات البحرية و البرية و الجوية، و لعل الثورة الصناعية التي ولدت المحرك البخاري في منتصف قرن الثامن عشر هي أول من أطلق هذا الغاز السام بكميات هائلة نحو الغلاف الجوية للكرة الأرضية ليرتفع تركيزه فوق المستويات الطبيعية بالجو، و تلت بعد المحركات البخارية محركات مشتقات النفط التي انتشرت باعداد ضخمة حول العالم منذ بداية القرن العشرين ليستمر تلويث الأجواء بصورة كبيرة الى يومنا هذا، و المشكلة ليست فقط بإنشار المحرك النفطي بل ايضا بتشعب استخدامه في السيارات و قطاعات النقل البرية و البواخر و الطائرات و المصانع لتصل بغضون عشرة عقود زمنية تركيزات ثاني اكسيد الكربون لدرجات كبيرة جدا...و مما دمر سلام الكرة الارضية و طبيعتها بصورة ملموسة.

مع تزايد نسب هذا الغاز السام بالجو ارتكب الإنسان غلطة فاضحة ثانية بحق الغلاف الجوي للكرة الأرضية، فمادة الأوزون تتألف من الأوكسجين بصورة اساسية و لكن تركيبها الذري يختلف عن الأوكسيجين الموجود بطبقات الجو السفلية التي نستنشقها كبشر، و مادة الأوزون تنتج عن عملية الرعد و البرق التي تنتج عن الغيوم في حركة المنخفضات الجوية حول الكرة الارضية فلذللك هي بتجدد على الدوام و تركيزها ضروري في الغلاف الجوي العلوي للأرض حيث تعمل بطبيعتها كفلتر قوي يمنع دخول الأشعة الشمسية الضارة الى الارض و سكانها، و لكن في منتصف القرن الماضي تم تطوير مادة ظن العلماء انها ستكون فعالة في الصناعات التجارية اسمها
chlorofluorocarbon (كلوروفلوروكاربون)،
و انتشرت هذه المادة في العمليات الصناعية حول بقاع الأرض لتدخل في التبريد بشتى انواعه و عبوات البخاخات (علب البخ) و طفايات الحريق و ضمن منتجات صناعية متنوعة ثانية، و هذه المادة لا تسبب الصدأ في العبوات المعدنية التي تستخدم بها فانتشر استعمالها بصورة كبيرة في وقت لم يكن لدى الإنسان تكنولوجية ليرصد الدمار الضخم التي كانت تنشرها و هي ترتفع من حولنا الى طبقات الجو العليا، فبالصدفة في اواخر السبعينيات التقطت مركبة فضائية صُوَر علمية للغلاف الجوي و لمادة الأوزون ليكتشف العلماء قلة تركيزها بالأجواء فوق القطب الجنوبي المتجمد، مما دفعهم للبحث عن هذا الضعف لتواجد مادة الأوزون في تلك المنطقة، و عند هذه النقطة و بعد تجارب و بحوث تم اكتشاف ان مادة الكلوروفلوروكاربون تُكَسِرْ التركيب الذري للأوزون و بهذا تتيح للأشعة الشمسية الضارة ان تدخل الكرة الارضية، و مع كل اسف ثَبُتَ بالبراهين العلمية القاطعة ان تركيز هذه المادة الصناعية سيبقا فعال لِيَطْحَنْ بمادة الأوزون لعدة عقود قادمة نظرا لأستخدامها بصورة مفرطة في منتصف القرن الماضي الى فترة الثمانينيات حيث تم منع الدول من استخدامها...و مع الأسف بقية بعض من الدول رغم هذا الحظر تستخدم هذه المادة في صناعة المبردات للمكيفات الهوائية.

فالنتوقف عند هذه النقطة و التي لخصنا من خلالها كيف تنوجد مادة ثاني اكسيد الكاربون بنسب تفوق النسب الطبيعية بالغلاف الجوي للكرة الارضية و ايضا كيف ان مادة الكلوروفلوروكاربون تفتك بِنِسَبْ الأوزون بالغلاف الجوي العلوي للكرة الأرضية، و للذي يسأل هنا عن لماذا لا يكفي ارتفاع مادة الأكسيجين الى الأعلى بطبقات الجو لتعويض الضرر الحاصل للأوزون الجواب ان التركيب الذري الفريد لمادة الأوزون يجعل الصورة الموجود بها الأوكسيجين بطبقات الجو السفلية لا تصلح لأوي تعويض ممكن و سبحان الله، فما حقيقة الموقف هنا، في حقيقة الأمر نتج عن ثنائي الدمار هذا ظاهرتين لا يمكن الإستخفاف بهم إطلاقا قد تهدد البشرية و قد تغير معالم عالمنا الحالي و تخلق مناخ بيئيا لا يصلح لحياة بني الإنسان، فدمار الأوزون يسمح لأشعة شمس اضافية للدخول الى الكرة الأرضية و هذا يسبب للذين تجبرهم وظائفهم الوقوف تحت اشعة الشمس ضرر لبشرتهم و ازديات نسب الحروق الجلدية و سرطانات الجلد و ايضا قد يجعل عملية التَشَمُسْ على الشاطئ مستحيلة، و هذا العامل لهو يساهم بإرتفاع درجات الحرارة في الكرة الارضية، و مع كل أسف عامل تركيز نسب ثاني اوكسيد الكاربون في الجو نتيجة احتراق النفط بالمركبات يدمر البيئة بصورة مباشرة، فمن المعروف ان اشعة الشمس التي تدخل الى الارض تتسرب من خلال الغلاف الجوي للكرة الأرضية و تتلامس مع سطح الأرض، و عند هذه النقطة يعكس سطح الأرض جزء لا بئس منها الى الأعلى مرة ثانية، و لكن عند هذه النقطة تركيز مادة ثاني اكسيد الكاروبن في الغلاف الجوي يعكس اشعة الشمس مرة ثانية نحو سطح الأرض مما يجعل المناخ حارا جدا، مادة ثاني اوكسيد الكاروبن ليست الوحيدة التي تعكس اشعة الشمس مرة ثانية الى الكرة الارضية بل البخار الصاعد الى طبقات الجو العليا من سطح البحار يساهم بهذه العملية فمع ازدياد اشعة الشمس الضارة من العيوب الموجودة في بيئتنا سَتُسَرِعْ هذه الظاهرة ايضا.

مع كل أسف يُقِرْ العلماء ان بحلول سنة ألفين و خمس و ثلاثين ستختفي الثلوج من منطقة القطب الجنوبي المتجمد و ستظهر القشرة الأرضية كاملة لهذه القارة للعَيْن المجردة تماما، و سيخف تركيز الثلوج بصورة كبيرة في القطب الشمالي المتجمد، و هذا قد يتسبب بزلازل ببعض بقاع الارض من حين لآخر حيث أن هذه القارات في اقصى شمال و جنوب الكرة الارضية ترزح تحت الوزن الهائل لهذه الثلوج الضخمة، فمع تبخر الثلوج قد تهتز و تصعد القشرة الارضية الى الأعلى مما سيسبب احتكاكها مع القِشَرْ الارضية الملتصقة بها و هذا سيسبب زلازل لا من حين لآخر لا يستهان بها، كما ان كمية المياه التي ستدخل الى المحيطات من الذوبان ستؤثر على حركة تيارات المياه و على الرياح الجارية بأنظمة المرتفعات الجوية و المنخفضات الجوية، وهنا ينقسم العلماء الى قسمين، و بإختصار حيث لا مجال لنا هنا للخوض بتفاصيل أكثر يقول فريق ان مع ازدياد درجات الحرارة نتيجة ظاهرة الإحتباس الحراري ستصبح بيئة الارض جافة و ستتغير كثافة هطول الأمطار و سيصبح مناخ الأرض جافا أكثر يتسم بالحر مما قد يسبب نقصا بالمحاصيل الزراعية العالمية و الثروات الحيوانية و بالتالي مجاعات في عدة بلدان عالمية، و لكن فريق آخر ينادي على النقيض الآخر ان قُوَةْ التبخر من ازدياد اشعة الشمس في بيئة الارض سَيُعَمِقْ المنخفضات الجوية المنحدرة من الأقطاب المتجمدة، و حيث انه بيئياً و تاريخيا يرى العلماء اساساً ان الكرة الأرضية حاليا بوسط عصر جليدي ابتدأ منذ آلآف السنين تخللته فترة اعتدال بالأجواء مؤقتة...قد تزيد كميات التخبر الاضافية التي تنتج عن ظارهة الإحتباس الحراري من حدة المنخفضات العميقة لتكون أشرس ببرودتها...و عاجلا أم آجلا قد تقربنا مع مرور العقود القادمة من عصر جليدي جديد...فهل المنخفض الجوي الحالي الذي تشهده المملكة و نحن ما نزال بالخريف مقدمات و لو بسيطة لهذه التغيرات المناخية؟ الله أعلم مننا جميعا و عفا الله عنا من شر ما صنعناه بإسم التقدم.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات