مرحلة كسر العظم في سوريا .. علي الخشيبان


التوجه الأميركي ومرحلة كسر العظم في سوريا .. 


بعد فجر الجمعة الماضية بدا واضحا للعالم أن تحولا مهما حدث للسياسة الأميركية تجاه القضية السورية وقد بدت مقدمات هذا التحول واضحة من خلال تصريح وزير خارجية الرئيس ترامب أثناء مؤتمر صحفي عقده في 6 أبريل عندما قال: "من الواضح أن دور الأسد في المستقبل غير مؤكد، ومع الأعمال التي أقدم عليها يبدو أنه لن يكون له أي دور في حكم الشعب السوري"، هذا التوجه الأميركي في سوريا ينطوي بالتأكيد ليس فقط على رغبة أميركية في إثبات حضورها في الأزمة السورية، ولكن الأكثر إلحاحا هو إحياء الدور الأميركي الفعال بالدرجة الأولى لأن الدعم العسكري الإيراني والروسي المتنامي خلق ثقة مفرطة لدى الأسد مكنته من استخدام مروع للأسلحة الكيميائية ضد المدنيين.

العودة الأميركية القوية كسرت كل التصورات التي خلفتها إدارة الرئيس السابق (أوباما) الذي مارس خلال رئاسته دورا سياسيا متحيزا كاد أن يسمح بالاختلال في التوازن الدولي والإقليمي في المنطقة عبر تغاضيه عن أفعال إيران وسماحه للنظام السوري بأن ينتهك القوانين الدولية عبر استخدامه المتكرر للأسلحة الكيماوية تحت غطاء من روسيا وإيران التي منحت شهادة عبور إلى المنطقة دون محاسبة، حيث كانت السياسية الأميركية السابقة تستخدم روسيا بشكل استثنائي لإحداث الخلل في التوازن الجيوسياسي في المنطقة وفرض القوة.

الرئيس ترامب ثبت له أن بشار الأسد ونظامه لم يتخلصا من الأسلحة الكيمائية كما انتهت إليه عمليات المراقبة والتفتيش في العام 2013م، وثبت له أيضا أن الحلول السياسية التي كانت روسيا تديرها بعيدا عن مشاركة عربية وأميركية فاعلة لم تكن سوى إطالة عمر الأسد وتمكينه من تدمير سوريا في سبيل بقائه على سدة الحكم كما تريد روسيا وإيران، وهذه النظرية لم تكن لتحدث إلا على حساب فناء الشعب السوري وتهجيره الذي كان يمارس خلال السبع السنوات الماضية بكل مهارة.

نتائج هذه الضربة تشكل الفرصة الأكثر بروزا بالنسبة لأميركا التي يجب عليها أن تمارس دورها الحقيقي في مرحلة كسر العظم القادمة وتغيير الخارطة على الأرض والوقوف بحزم أمام الاتجاه الدموي التخريبي الذي تبناه النظام القاتل وتباركه روسيا وإيران والذي يقدم حلا وحيدا يتمثل في القضاء على كل شعب سوريا من أجل بقاء الأسد في السلطة، أميركا التي يجب عليها أن تعيد تشكيل الموقف لا بد وأن تذكّر الأسد أنه يخدع العالم ويستخدم أسلحة كيماوية يقتل بها الأطفال، وهذا يستوجب ردعه، لذلك عليه أن يلتزم بوقف إطلاق النار، فالمحادثات السياسية تتطلب ذلك، كما على أميركا أن تجبر الأسد بشكل واضح على الالتزام بنتائج إعلان جنيف "لعام 2012 وقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254" والضغط بقوة من أجل إقامة مناطق آمنة في سوريا.

الرد الأميركي على الأسد سوف يعيد التوازن في المنطقة، كما سوف يغير قواعد اللعبة على الأرض، ولم يكن النظام السوري المدعوم من روسيا أو إيران ليغير اتجاهه ما لم يكن هناك قوة أميركية قادرة على إيقاف الاتجاه المعاكس للاتجاه الإقليمي والدولي في حل الأزمة السورية، أميركا اليوم وبعد هذه الضربة تتلقى الدعم الدولي والقانوني من دول العالم التي أصبحت في حالة ملل من تصرفات هذا النظام القاتل في سوريا ومن تدخلات إيران ودعم روسيا.

الدعم السياسي الذي تحققه أميركا بعد هذه الضربة من دول فاعلة في المنطقة العربية لا بد أن يكون محفزا للرئيس ترامب لبحث كل الخيارات الممكنة من أجل تعزيز دور سياسي لدول المنطقة جميعا دون استثناء في كل المسارات السياسية والعسكرية والدبلوماسية، في مقابل كبح إيران وتدخلاتها في المنطقة.

صحيفة الرياض

 



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات