حروف متلفزة


أن تقرأ لفترة طويلة لكاتب له نفس طويل وجميل بالغ الحساسية بالسرد الذي يسبر أغوار النفس البشرية حد الوصول لأرضيتها الملوثة بالكثير من الغرائز والحاجات التي يخجل أي آدمي الإعتراف بها أمام ذاته ومرآتها شيء يحمًل القارىء الكثير من الأعباء والأحمال التي تحلق به بجوانب النفس البشرية وتجبرة على التعاطف معها وقبولها كما هي دون تعديل أو تشذيب .

أظن أن القراءة حرفة كما أن الكتابة صنعة ومهمة غاية بالتعقيد تقف أمام كل جملة فيها أمام خيارات أحلاها مر سواء بــ الإستمرار ، التعديل ، الحذف الكامل للفكرة أو طريقة طرحها .

وأجمل وأصدق ما يمكن أن تقرأ هو الحروف المتلفزة التي تصور لك الفكرة بكامل تفاصيلها وبأجمل هيئة بمشهد حاضر وجاهز للإلتقاط دون عناء التركيز أوإجهاد الخاطر بما تقرأ حتى يخيل لك أنك أمام مشهد تمثيلي مباشر تشارك شخوصة كافة كواليس العمل وإنفعالاتة .

يتفق أغلبنا بأن كل تفاصيل حياتنا تقوم على التفاعل والتشارك الآني والسريع و متعدد الأطراف وبقي الكتاب هو الكيان القادر على حبسك و إختطافك لزوايا خاصة و فردية ظاهرياً ومزدحمة بالتجارب والقصص والخبرات فعلياً فيحملك لأن تكون أنت بحيوات آخرى تنفعل وتتخيل وتتصور وتتأمل وتطرح حلول وتفتعل خلافات وتتمنى لو حذف أمر ما من هنا أو أضيف شيء من هناك.
بالقراءة فقط تصبح غني بالتنقل عبر درجات السلم الإنساني شعور وإحساس وجوهر وجود تصبح كنسمة هواء تتجول عبر الزمان والمكان والإنسان بخفة ورشاقة وترحيب .



أجزم أن للحرف هيئة ولحضورة عطر قادر على شد إنتباهك وإشغال حواسك ومن ثم التسلل لإحساسك وحدسك والسيطرة عليك حتى تتعلق به حباً وشغفاً ، نعم هناك حروف تتعاضد وتشكل عصابات هدفها تقريبك من كل من حولك وأنت على مسافة ثابتة منهم كما أنها تشتغل على إعادة صياغتك من الداخل لتصبح تحت تأثير خمر الحرف أكثر زهد وأعمق إنسانية وأقرب للقبول بكل شيء دام أنك تتعامل مع آدمي جبل على النقص وفطر على الأنانية .


شكراً للعراق وشكراً لبرهانها الذي صنع من متاهاتة دليل لقراءة الإنسانية بعين ثالثة .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات