"العمل الإسلامي": نؤيد الدولة المدنية


جراسا -

أكد النائب الثاني للأمين العام في حزب جبهة العمل الإسلامي نعيم الخصاونة، تأييد الحزب رسميا لمفهوم الدولة المدنية بمرجعية إسلامية.

وقال إن الحزب "يحتكم" في ذلك إلى ما تقرره الأغلبية في البرلمان من تشريعات ضمن القنوات الدستورية في البلاد وإن "خالفت مرجعيته الإسلامية"، مع الاحتفاظ بحقه بـ"النضال" من أجل تغيير القوانين أو استبدالها.

وفيما شدد الخصاونة في حديث مع "الغد" على أن الخلاف هو مع مفهوم "الدولة العلمانية" التي تقصي "الأديان" وليس مع الدولة المدنية، عرض مطولا لموقف الحزب رسميا ومؤسسيا من أطروحات الدولة المدنية، بشقيها السياسي والشرعي، وذلك في أعقاب تصريحات سابقة صدرت عن رئيس مجلس شورى الحزب عبدالمحسن العزام خلال ندوة داخلية عقدت مؤخرا شاركت بها قيادات مركزية، أشار فيها إلى "تحفظ" داخل الحزب حيال الدولة المدنية.

وعن ذلك قال الخصاونة، إن "الأطروحات التي قدمت خلال الندوة تناولت الرؤية السياسية للدولة المدنية، وهو ما قدمه القيادي زكي بني ارشيد الذي عرض للأركان الرئيسية للدولة المدنية، فيما تناولت ورقتا همام سعيد وعلي الصوا، "التأصيل الشرعي للدولة المدنية والتناقضات مع الدولة العلمانية".

وبين الخصاونة، أن ما شهدته الندوة من طروحات لم "يظهر تناقضا أو رفضا لمفهوم الدولة المدنية"، وأن الخلاف دار حول مفهوم الدولة العلمانية التي "يتستر" بها البعض تحت عنوان "الدولة المدنية"، بحسبه.

وأوضح أن الحزب، "ملتزم بالقانون وبدولة المؤسسات، وبما تقره المجالس النيابية المنتخبة عبر القنوات الدستورية، حتى لو كانت بعض القوانين لا تتوافق مع المرجعية الإسلامية" باعتبارها المرجعية الأساسية للحزب، لكن ذلك، وفقا له "لا يعني أيضا أن لا يواصل الحزب النضال من أجل تعديل تلك القوانين والتشريعات أو استبدالها بما يتناسب مع المرجعية الإسلامية".

وعن تعميم مفاهيم الدولة المدنية وتطبيقاتها على أدبيات الحزب، وتعليقا على عدم توجه الحزب لطرح ذلك على مجلس الشورى وفقا للعزام في وقت سابق، قال الخصاونة، "الحزب أعلن في مؤتمره العام السابق وهو أعلى تنظيميا من مجلس شورى الحزب، أنه حزب سياسي وطني مدني"، موضحا أن "الدولة المدنية مقرة في السياسات العامة للحزب وهي ملزمة لكل الحلقات القيادية فيه".

وأشار الخصاونة إلى أن الحركة الإسلامية، ناقشت في وقت سابق مفهوم الدولة المدنية، وقدمت أطروحات داخلية في الأعوام 2005 و2007 و2011، وتجدد النقاش في 2016، مشيرا الى أن "الندوة الأخيرة لم يكن مطلوبا منها الخروج بموقف سياسي أو قرارات".

ويشرح الخصاونة بالقول، إن الحزب يرى أن الدولة المدنية بمفهومها الأساسي سياسيا، "أنها دولة المؤسسات والقانون والديمقراطية واختيار ممثلي الشعب وفق الدستور ومبدأ فصل السلطات واحترام الحريات"، وبما يعني تحقيق متلازمتين أساسيتين هما، أن "مصدر السلطة هو الشعب ومصدر التشريع هو الشريعة الإسلامية"، وهو ما "يمثل رؤيتنا للحكم ضمن الدولة المدنية".

وأشار إلى أن جلسة العصف الذهني، تخللها الاستماع إلى آراء مختلفة وعديدة، كان للبعض خلالها اجتهادات حول عدم التوافق مع الدولة المدنية، لكن الموقف من الدولة المدنية بالنسبة للحزب، "منتهٍ وتم البت فيه"، على حد تعبيره.
وأضاف، "نحن كموقف مع الدولة المدنية بمرجعيتها الإسلامية، وندرس سويا أين أوجه التناقض وأين القاعدة الشرعية التي لم تتوافق مع أي ركن من أركان الدولة المدنية سواء في اختيار الحاكم أو في فصل السلطات او في احترام المواطن".

وأكد أن القاعدة السياسية لدينا أن "الأسلام لا يقهر الآخرين على دينه، ومصدر السلطة هو الشعب لكن مصدر التشريع هو الشريعة الإسلامية وهذه رؤيتنا للحكم ضمن الدولة المدنية".

ويؤكد الخصاونة التزام الحزب احتكامه إلى صناديق الاقتراع التي تفرز المجالس النيابية وصولا إلى إقرار التشريعات والقوانين داخل البرلمان، قائلا "نريد أن نحكم الناس بدولة القانون والمؤسسات والمواطنة بمرجعيتها الاسلامية، وأقول إن القوانين التي أريد أن أحكم الناس فيها، سأعتمد الإسلام والشريعة الإسلامية مرجعية لها، استنادا إلى الفهم الصحيح للإسلام لا الفهم المتطرف الفردي، أي الفهم الذي يصوغه العقل الجماعي".

وأردف بالقول "داخل المجتمع المسلم وكغيره من المجتمعات، قد يكون هناك آراء لمفكرين وباحثين وأصحاب توجهات تخالف هذا"، موضحا ان "المذاهب نشأت لمراعاة الاختلاف في الأفهام. لكن الذي سيسود هو ما تحدثت عنه وهذا فهمنا للدولة المدنية"، وبهذا المعنى "نحن لسنا دولة كهنوتية لكن لا نريد أيضا أن ننخلع عن المرجعية الاسلامية".

وبشأن التسريبات التي تحدثت عن معارضة المراقب العام السابق لجماعة الإخوان المسلمين لمفهوم الدولة المدنية في ورقته، قال الخصاونة، "الدكتور سعيد بحث في ورقته بعض الأمور التي تجيزها الدولة العلمانية باسم الدولة المدنية، الدولة المدنية ليست ضد الدين لكن بعض العلمانيين يحاولون أن يتستروا بالدولة المدنية ويفسرونها أنها هي الدولة العلمانية التي تقصي الأديان وهذه النقطة هي التي كانت مثار جدل، حيث يطرح البعض الدولة المدنية ويطالبون بإقصاء الدين".

وردا على توصيف اتجاهات الندوة النقاشية بالتحفظ حيال الدولة المدنية، بين أنه "كانت آراء، لكن بالمجمل لم يكن هناك تناقضات داخل الحوارية، هناك آراء ضد الطروحات الخارجية خاصة مع أصحاب الرأي العلماني الذين يعتقدون أن الدولة المدنية هي الدولة العلمانية".

واستحضر الخصاونة مفهوم الدولة المدنية الذي حسمته الورقة النقاشية الملكية السادسة، والتي أكدت أن الدولة المدنية "ليست مرادفا للدولة العلمانية" وإنما هي التي تستند إلى حكم الدستور وأحكام القوانين في ظل الثوابت الدينية والشرعية، وترتكز على المواطنة الفاعلة، وتقبل بالتعددية"، مؤكدا توافق رؤية الحزب مع ذلك.

وفي المقابل لم يتردد الخصاونة بالقول، إن من حق أي تيار سياسي في البلاد تقديم طروحاته، وكذلك الدولة من حقها طرح المفاهيم التي تؤمن بها، "ومن حق الحزب أيضا تقديم طرحه وإن كان مخالفا لهم في مفهوم الدولة المدنية من منظوره للرأي العام وللشعب وللأمة".

ولفت الخصاونة إلى أن الحزب "يعارض أيضا وبكل وضوح كل من يعادي الدين ويطالب بإقصائه"، مشيرا الى ان "وثيقة المدينة المنورة كانت تأصيلا لمبدأ الشورى والمشاركة والمواطنة، وهذا جزء لا يتجزأ من الدولة الإسلامية وهو اليوم لا يتجزأ من الدولة المدنية".

واكد أننا "نعارض بكل وضوح كل من يقصي الدين ويعاديه، الدين ليس للعبادة فقط بل هو منهاج حياة. كيف يمكن أن يتحقق ذلك؟ يتحقق من خلال مواد مقوننة وتعليمات وأنظمة وقوانين تمر عبر المؤسسات الدستورية".

واستدراكا لتحفظات العزام حيال الدولة المدنية قال الخصاونة، إن "التحفظ تعلّق بالموقف الرسمي من تطبيق مفهوم ومبادئ الدولة المدنية"، مؤكدا أن الحزب "لا يرى جدية وتكريسا للدولة المدنية في مؤسسات الدولة".

وأضاف، "جلالة الملك قال بوضوح عن الدولة المدنية والقضاء على المحسوبة وكان ينتقد الحلقات التنفيذية في الدولة أنها لا تطبق القانون، نحن لا نرى خطوات جدية ملموسة من النظام الرسمي التنفيذي لتكريس وتجذير حكم ودولة القانون، نتمنى أن نرى الخطوات الجريئة".

وقال، "كان الأحرى بمن يملك القرار أن يلزم حلقات الحكم التنفيذية بتجذير المؤسسات المدنية التي تقوم على إدارة الدولة بالقانون". (الغد)



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات