السلسلة الثانية من رواية رغبة الانتقام الجزء 11


جلست مليكة على مقعد في صالة العوامة تفكر بالمعلومات التي حملتها في ذاكرتها من ذاكرة اخيها الملقب بالمعتوه. كانت صدمة عنيفة عليها حينما رأت صورتها هي و اخيها على سرائر غرف العمليات بمختبرات السهم الذهبي. بحثت في ذاكرتها الالكترونية كثيرا عن قاسم مشترك بينها و بين اخيها و لكن لم تجد شيئا الى ان تملكها فجأة شعور مخيف لم تشعر به اطلاقا خلال ايام حياتها الماضية...كان شعور عميق في داخل ما تبقى من انسانيتها التي ملأتها بين ليلة و ضحاها في ماضيها السالف الشرائح الالكترونية يلهمها بأن هنالك جزءا من حياتها مفقود من ذاكرتها و لن تستطيع استرجاعه بسهولة...و كأنه هنالك فترة من حياتها الماضية تشعر بأنها عاشتها و لكن لا تجد لها تفاصيل اطلاقا في ذهنها الالكتروني. اخافها كثيرا هذا الشعور في بادئ الامر و لكن مع ما اكتشفته من ملفات شقيقها المخزنة في ذاكرته استطاعت الوصول الي تفسير منطقي للاحداث...بأن هنالك من لا يريدها تذكرشيئ عن طفولتها و شبابها الحقيقي و ان ماضيها في قرية عين الجاموسة ربما كان مصطنع و من تأليف طرف آخر....و لكن من هو؟ جهاز المخابرات المصرية ام السهم الذهبي؟...و ان كانت كإمرأة آلية خارقة لطبيعة البشر من صنع شركة للبحوث العسكرية و العلمية في امريكا...فقد بحثت عن عنوان الشركة بواسطة الجوجل على الانترنت...كيف وصلت القاهرة؟ و الحنين الانساني الذي شعرت به لشقيقها فور مطالعتها الوثائق التي طبعتهم من ذاكرته...مستجدات لم تشعر بهم من قبل.

شعرت بضيفة كبيرة في نفسها و احست لبرهة بأن العوامة باجهزتها تحولت الى سجن كبير ارادت فجأة التخلص منه. فحياتها التي عرفتها بايامها الماضية توضحت بأنها اكذوبة كبيرة اشبه بروايات الخيال و بأن هنالك خفايا كثيرة وجب عليها معرفتها لتستعيد السلام الذي ابتدأت بفقدانه منذ بضعة ساعات...ام بغير ذلك ستبقى في حيرة كبرى لن تريحها اطلاقا. ولكن هل ليوسف علاقة بهذا الأمر؟ فهو كان مديرها بالمخابرات المصرية...و ما كانت مصلحة المخابرات المصرية باخفاء حياتها السالفة عنها...كانت تعلم مليكة بقرارة نفسها انها بالنسبة للذين يعلمون حقيقتها العلمية مجرد قطعة حديد تعمل وفق برنامج ألي لخدمة امن دولة....او بالأحرى بقايا انسان تم تهجين عناصر الحياة الطبيعية به بذاكرة حاسوب ضخمة تصل الى عشرة آلاف جيجابايت و وحدة معالجة مركزية متقدمة جدا و نشاط ذكي يصل بذروة نشاطه الى طاقة حل مليارين مسألة حسابية معقدة في ثوان معدودة و قدرة ذاتية على اصلاح اية جروح تصيب جسدها بثوان...فانشطار الخلايا و تصنيعها يصل الى ذروة سريعة جدا و تبادل المعلومات بين الخلايا اثناء انشطار الخلايا الجسمية فيها يحدث بسرعة كبيرة عن الانسان الطبيعي و كل هذا ممكن بسبب المكثفات الكهربائية التي تتحكم بعمل جسمها...و حدث بلا حرج عن قدرتها في الاتصال بالاقمر الصناعية بسرعة كبيرة من خلال اجهزة بث لاسلكية مزروعة بجسدها....انها قطعة حديد بالنسبة اليهم و كائن يتم صيانته بمعامل خاصة في المخابرات المصرية....فجأة شعرت بضيق تنفس و باختناق شديد، فمعظم من يتعامل معها قد نسي...او تناسا بأن قلبها مازال ينبض بالحياة بفضل ارادة الرحمن تعالى و بأنهم عدلوا فقط على ما استطاعوا التحكم به و بأن مازالت روحها ملك للرحمن...فلأول مرة بالتاريخ التي تستطيع تذكره شعرت بالمحبة لاخيها و بالألم تجاه مصابه...تحرك شعورها الانساني من جديد...

نهضت من مكانها و سارت بالعواملة بضعة خطوات لتكتشف بأنها متوترة جدا من هذه الأمور كلها. شعرت بنبض قلبها يسرع في صدرها و ابتدأت الاجهزة الذكية تتحكم بنشاطات جسدها الحيوية...شعرت بطاقة كبيرة في جسدها من الغضب و فجأة شعرت بالرغبة لزيارة يوسف بالمخابرات في القاهرة و استجوابه عن شقيقها و عنها...تملكتها ثورة غضب شديدة و ابتدأت الطاقة الخارجة منها بالتشويش على كهرباء العوامة. تراقص الضوء في داخل العوامة و في خارجها بضع مرات قبل ان ينقطع لدقيقة زمنية. صرخت بأعلى صوتها "حرام عليكم انا انسان بنهاية الأمر!!!!" دوت صيحاتها بين اروقة العوامة و وصلت الى ابعد من جدارها و مدخلها...عادت الانارة من جديد و نبحت بعض الكلاب الضالة و سمعت عويل بعض الذئاب على مقربة من مكانها...سارت نحو الجدار الذي يخفي اجهزة الاتصال و وضعت يدها على المكان المناسب على الجدار فاستدار و ظهرت الاجهزة من جديد. اخذت كابل حاسوب و شبكة طرفه في رسخ يدها اليسار و الطرف الأخر في الحاسوب المركزي. فشغل الكابل برنامج الشبح الذي تعمل عليه اجهزة المخابرات المصرية استثنائيا. و لكنها وصلت الى ابعد من ذلك فبحث عقلها الالكتروني عبر برنامج التورنت على برنامج حاسوب يصلح لعملية هاكنغ متطورة. فوجدته لدى حاسوب تابع لجهة مجهولة في الصين. فاصطادته و حملته في ذاكرتها و نفذت عملية هاكنغ على اجهزة مكاتب المخابرات الرئيسية في امريكا و الصين و روسيا و فرنسا و بريطانيا و كتبت بثلاثة لغات هي العربية و الانجليزية و الفرنسية "سميهيت غاضبة!!! Semehet is angry و semehet est fache . و ارسلتها الى كافة اجهزة الحاسوب في هذه الدوائر. ثم حملت هذه العبارات و ارسلتها الى الدوائر الرئيسية في المخابرات المصرية. لبرهة من الزمن تجمدت شاشات مكاتب المخابرات في تلك البلدان جميعها و ظهرت هذه العبارات على ساشات خمسة ألأف حاسوب حول العالم و في مصر ثم عادت الانظمة الى عملها بصورة طبيعية. و اكملت عملية الهاكنغ و اتصلت بهواتف مدراء الامن و المخابرات المصرية و ارسلت لهم هذا العبارات. سال الدمع من عينيها و هي تبكي على ما كانت تشعر به من ألم فلم تتوقف ثورة غضبها عند هذا الحد. فأمسكت الكابل و حاولت ازالته من يدها و لكن شدة غضبها ولدت شحنات كهربائية هائلة في جسدها. فغصة بالبكاء مما دفعها لتمسك علبة كهرباء و تغرز الكابل به. فارتجف جسدها و شحن الكابل كهرباء العوامة بشحنات كهربائية كبيرة سافرت عبر العوامة الى عواميد الانارة في الشارع. انطلقت الشحنات متتالية وراء بعضها كالصاعقات في الظلام الدامس عبر كوابل الانارة بالشارع و استقرت بمولد للكهرباء كان مسؤل عن انارة جزءا كبيرا من محافظات اسوان. احترق المولد من شدة الشحنات و انقطعت الانارة عن عدة احياء في المحافظة. توالت الشحنات الكبيرة سفرها عبر اعمدة الانارة في عدة محافظات و سيميهيت تبكي و تنوح على ما اصابها هي و شقيقها فسافرت الشحنات من قنا الى سهاج الى بني سويف و القاهرة و استقرت قوتها بعدة مولدات كهربائية في هذه المحافظات و انقطعت الانارة عن ألأف المنازل بها....
*******************
نظر ممدوح من حوله باستغراب الى انارة طابق شقته التي عادت بقوة تضاعف انارتها الطبيعية. تراقصت بضع مرات و من ثم انطفأت كليا. عم الظلام الدامس من جديد المكان فاستغرب من الأمر فلم يكن نشاطها طبيعيا اطلاقا. سمع زوجته من داخل الشقة تنادي على والدتها سمية بضعة مرات ثم سمع صوت والدتها تقول بأنها اضاءة ضوء الخلوي و ستأتي اليها قريبا. ردت عليها حياة بأنها تنوي النزول الى سيارتها لتجلب مصباح منه. تسارعت دقات قلبه من التوتر و حساسية الموقف. فلم يكن يعلم بالضبط ما قد يحل بها اذا فتحت الباب و رأته واقف امامها...فقد تكون صدمة عنيفة عليها. سمع صوت طقطقت نعلها و هي تنجه الى الباب. تردد كثيرا عن ما يجب فعله فقد كان منقسم بين البقاء على الباب و مغادرة المكان بسرعة. فكم كان مشتاق لها كثيرا...ادارة حياة المفتاح بالباب ثم انتظرت قليلا قبل ان تدير المقبض. و لكنه فجأ ة قرر الهروب من امامها فلم يجد الشجاعة الكافية لمواجهتها خصوصا بعد ما عانته بسببه و بسبب طبيعة عمله. اطفأ مصباح الخلوي و استدار نحو الدرج و وضع الخلوي بجيبته. و لكنه عندما سحب يده من جيب بنطاله سقطت من جيبه ولاعة ذهبية ثمينة كانت اشترتها له زوجته. كانت هذه الولاعة مميزة جدا حيث كتب عليها اسمه الاول ممدوح. صعد بضعة ادراج بسرعة نحو الطابق الاعلى لطابق شقتهم و توارى عن الانظار. سمع باب الشقة يفتح و انار الطابق مصباح هاتفها الخلوي. سمعها تنادي "من هنالك! هل يوجد احد؟"

سمعها تسير قليلا بالطابق ثم قالت "لا...لا غير ممكن..." صمتت قليلا ثم قالت بصوت مسموع "ممدوح؟ ولاعة ممدوح...امي...." خرجت سمية من الشقة و سألتها "ماذا هنالك يا بنية؟"
اجابت حياة بنبرة هيستيريا "هذه ولاعة ممدوح...اسمه محفور عليها...انها الولاعة الذهبية التي اشتريتها له في عيد ميلاده الأخير منذ بضعة اشهر..."
اجابت سمية بتروي محاولة تهدئة ابنتها "يا حياة هل ممدوح رحمه الله الرجل الوحيد الذي يمتلك ولاعة ذهب محفور عليه اسمه؟"

ساد صمت لبضعة ثوان ثم اجابة حياة "قطعا لا...و لكنني شعرت لوهله بأنني ايضا اشم رائحة عطره بالمكان..." بكت حياة من جديد

اجابت سمية بنبرة متعاطفة مع ابنتها "حياة حبيبتي استيقظي من ما انت به...ممدوح توفي و دفناه...انت واهمة و لا تدعي الهواجس تقودك الى اوهام...القاهرة بها آلآف اسمهم ممدوح و قد يحملوا مثل هذه الولاعات الثمينة معهم...هيا يا بنيتي سنذهب مع بعض الى السيارة. امسحي دموعك و استهدي بالرحمن تعالى..."
سمع ممدوح اصوات طقطقت نعلهم الذي امتزج مع بكاء و تنهد حياة و هم ينزلون على درج البناية ثم اختفت اصواتهم كليا. انتظر ممدوح ما يقارب الخمسة دقائق الى حين عودتهم الى الشقة ثم نزل بهدوء على الادراج و غادر البناية بحذر شديد. فقرر قرار لا رجعة به ان ينهي مهمته اولا ثم بعد ذلك سيهتم بأمر زوجته. فشعر و هو يسمعها تبكي عليه بمقدار حزنها الصادق و حجم الجرح الذي سببه لها خبر وفاته و خاف من مواجهتها بالحقيقة....فقد لا تغفر له بسهولة.

غادرت سيميهيت العوامة و اتجهت الى سيارة قديمة متوقفة بجانبها. كان يغطيها غطاء خاص بها لونه فاتح و لكن لم تستطع سيميهيت تحديده إلا ببصرها الالكتروني. اتضح لها بإنه رمادي الون و كان متسخ و مليئ بالاتربة و الغبار. كانت السيارة تعود لمديرها يوسف و كانت متوقفة بجانب العوامة منذ ثورة 30 من يونيو التي عزل بها الجيش احزاب الاخوان من الحكم. سافر بها يوسف من القاهرة الى العوامة و المظاهرات الشعبية الضخمة مشتعلة في ميدان التحرير ثم ركنها لبضعة ايام بجانبها. كان حينها بمزاج سيئ لاسباب لم تعلم سيميهيت عنها شيئ. و لكن حينما اراد العودة الى القاهرة اكتشف بأنها تعاني من عطل كبير اذ لم يعمل محركها. فقام بتغطيتها بغطائها و تركها على ضفة النيل و من ثم طلب حينها سيارة خاصة من ادارة المخابرات لتقله من قرية عين الجاموسة الى القاهرة. لم تكن تعلم سيميهيت عن سبب عدم اصلاحه للسيارة فلم تكن قديمة كثيرا و كانت من نوع شيفروليه كابريس لعام 2010. و لكنه اهملها لفترة طويلة من الوقت و حتى لم يكترث لأمرها اطلاقا طوال الفترة الماضية.
ازالت عنها الغطاء و حاولت فتح الباب. كان مغلق بالمفتاح. كانت متأكدة ان المفتاح مع يوسف مديرها و لكن و هي بهذه الحالة النفسية الغاضبة كانت عازمة على صنع اكبر المستحيلات لبلوغ هدفها. فأمسكت مقبض الباب و سحبت الباب بعزم الى الوراء. فكسرت القفل و فتح الباب بسهولة. ألقت نظرة خاطفة داخل السيارة فكانت نظيفة و مرتبة ، و كانت على الكراسي الخلفية حقيبة عمل من نوع سامسونايت كالتي يستخدمها رجال الاعمال. اخذت الحقيبة و فتحتها. لهث لسانها و اصابها الذهول من محتوياتها. فكانت مليئة بالاقراص المدمجة و عددا كببرا من ذاكرات اليو اس بي...اخذت كمية عشوائية منها و عادت الى العوامة و ادخلت قرص من الاقراص بالحاسوب المركزي. فعرض الحاسوب بسرعة ملفات كانت تحتوي على مراسلات لسارة كوهين مع يوسف. فكان يرسل اليها مرفقات مصورة عن الاماكن التي كان سيتم تفجيرها في القاهرة حينها. صعقت سيميهيت من الوثائق التي كانت تطالعها و اصابها الذهول التام من حقيقة مديرها المرة...بأنه عميل مزدوج خائن و خسيس ليس إلا يستخدم صلاحياته الواسعة لتسهيل عمل هذه المافية القذرة بالقاهرة....انقبض صدرها فجأة حينما فكرت بممدوح. فكان بمفرده بالقاهرة بين براثن يوسف الذي كان يعلم عنوان شقته الخفي و عمله الحساس بمراقبة كارمن و اعوانها...فتحت ملف كان عليه معلومات عن كارمن. اصابتها صدمة عنيفة حينما رآت صور لها مع يوسف باوضاع جنسية في شقة من الشقق التي استأجرتها في السالف...و كان مرفق معها تهديد من ساره كوهين. فكانت تهدده بفضح امره مع كارمن في حال لم يمتثل لاوامرها...نظرت الى عدد منها لتكتشف بانها جميعها صور لليلة حمراء قضاها يوسف في حضن كارمن. كانت هذه الصور مع الاوراق التي بين ايديها كفيلة لتجلب ليوسف حكم اعدام بالمحاكم المصرية ان فضح شأنها.
اعادت شبك كابل المعلومات في رسخها و شبكة طرفه الآخر مرة آخرى في الحاسوب المركزي. استحضرت برنامج الهاكنغ و ارسلته مرة آخرى عن طريق القمر العسكري المصري الى اكثر من قمر عسكري حول العالم لتبحث عن برنامج يكافح برامج التجسس الخاصة. فتعرف برنامجها على برنامج من برامج وزارة الخارجية الامريكية اسمه شيلد. اعجبها منطقه البرمحي و نسخته بالكامل و دمجته في برامج المخابرات المصرية. فحصنت دائرة المخابرات المصرية به من اية عملية هاكنغ عليه. فجأة لمعة شاشة حاسوب العوامة برسالة آلية من الحاسوب المركزي لوزارة الخارجية الامريكية تفيد بأن عنوان الأي بي معروف لديها و بأنه جاري تعطيل بيانات الحاسوب مصدر الهاكنغ. ظهرت فجأة ساعة عد عكسي على الشاشة تفيد بأن العملية ستنتهي خلال دقيقتين. بحثت سميهيت بسرعة عن طريق التورنت و عن طريق القمر العسكري المصري عن اكبر كم من الفايروسات ممكن و حملتهم في ذاكرتها الدائمة الى ان وصل عددهم الى مائة ألف فايروس من اشرس الانواع المعروفة لديها. فكانت تريد اعادة تحميلهم الى حاسوب العوامة ثم ارسالهم الى الحاسوب المركزي لوزارة الخارجية الامريكية. ولكن فجأة شعرت سيميهيت بدوار في رأسها. فقد نجحت عددا منها بتعطيل الذاكرة عندها و بكبح عمل المعالجة المركزية لديها. تشوش نظرها بعض الشيئ و هبطت عزيمتها على الحركة. احست بضعف في جسدها فكانت البرامج التي حملتها تعطل عمل آليات جسدها. ارتفعت حرارتها كثيرا وشعرت بأنها في مكان غريب عنها. ركعت من الوهن الذي اصابها و فجأة انطلق من اعلى ساقها رشاش محمل بمشط رصاص كامل من دون ان تعطي الأمر لذلك. اعطاها جهاز قياس الاعطال بأن الضرر البالغ بجسدها يعادل الضرر الذي قد تحدثه اصابتها بصاروخ عابر للقارات...كانت الفايروسات تعطل عمل برمجيات جسدها بالكامل الى درجة لم تطيقها...فجأة نظرت الى العد العكسي على شاشة برنامج الشبح الذي يحاول برنامج شيلد تعطيله فاعطاها ان الزمن الباقي دقيقة واحدة فقط. و لكنها مع الضرر الذي حدث لها لم تفهم شيئ من الارقام التي كانت تتغير امامها...شعرت بصداع عنيف و امسكت رأسها من الالم واحست بدوار يعصف بكيانها. صرخت باعلى صوتها "كفا!!!!!" من انا و اين انا؟! فجأة لمع امر في ذهنها بأن تدير مفتاح الطوارئ في كتفها. و لكنها كانت عاجزة عن فهم ما هو هذا المفتاح و عن اية حركة ايضا. فلم تعلم بسبب العطل في ذاكرتها كيف تحرك يدها باتجاه كتفها...و فجأة نظرت الى شقيقها. لم تعلم من هو في بداية الامر و لكن مع محاولتها للتركيز تذكرته و تذكرت المعركة التي حصلت بينهما. تذكرت بأن نصف كيانها بشر و تستطيع الحراك مثلها مثل باقي البشر...فجأة ثقل تنفسها فعجزت وحدة المعالجة عن التحكم بنشاطاتها الحيوية....شعرت سيميهيت بأنها تنهار بسبب الفايروسات التي تهاجمها من الداخل...و لكن منظر شقيقها الممدد بجانبها اشعرها بالخوف الكبير...شعرت بقوة كبيرة في داخلها من شدة الخوف تدفعها لتحريك يدها نحو كتفها. فضغطت بعمق على زر مغروز داخل كتفها. فاضاء بصرها الالكتروني بكلمات اختر الخطوة التالية...."مكافحة الفايروسات ....تفريغ الفايروسات في الحاسوب المركزي". اشارت ببصرها الى اختيار تفريغها. فقامت الذاكرة بتفريغ الفايروسات عن طريق الكابل الى الحاسوب المركزي مرة آخرى...طبعت بعض الاوامر وحولت مسارها الى موقع الحاسوب المركزي بوزارة الخارجية الامريكية...تعطل العد التنازلي عند العشرة ثواني و عاد برنامج الشبح الى العمل مرة ثانية. احست سيميهيت بتحسن كبير في جسمها. فبعد عملية تفريغها قام برنامج المضاد للفايروسات باصلاح الضرر الذي احدثته جيوش الفايروسات التي غرزت انيابها باجهزتها. عادت ذاكرتها الى وضعها الطبيعي و نهضت من مكانها و هي تشعر بانتعاش كبير. حاولت الوصول الى موقع وزارة الخارجية الامريكية فما وجدته على الانترنت اطلاقا....فعلمت ان الموقع و قاعدة البيانات في وزارة الخارجية الامريكية تم تدميرها بالكامل....صرخ صوت في داخلها "تحيا مصر...تحيا مصر...تحيا مصر..." فمصر هي البلد الوحيدة المخزنة في ذاكرتها و عين الجاموسة هي بلد نشأتها و لم تعرف بحياتها اطلاقا غير تلك الاماكن.

اسرعت الى سيارة الشفرولية و فتحت غطاء المحرك. امسكت الاسلاك الموصولة بالبطارية و شحنتهم بكمية كهرباء مناسبة فعمل المحرك بصورة طبيعية. فعلمت ان العطل من البطارية. وضعت يديها على اقطاب البطارية و افرغت شحنة كهربائية كبيرة شحنتها بالطاقة من جديد. اغلقت غطاء غرفة المحرك و صعدت الى السيارة. داست بقوة على دواسة الوقود فتحركت السيارة بعنفوان كبير من مكانها. سارت في الطريق الزراعي بسرعة متجهة الى القاهرة. فتستغرق الطريق من اسوان الى القاهرة ساعات طويلة بالسيارة و لكن عزمت سيميهيت ان تستغرق معها الطريق ساعتين فقط. حملت عن طريق الانترنت مواصفات السيارة و حللت استجابتها لقيادتها على ارض الواقع فتيقنت بانها مازالت تتمتع بحالة ممتازة. كانت سرعتها القسوة 160 ميل بالساعة اي ما يعادل 260 كيلومتر بالساعة. داست على دواسة الوقود بقوة فزادت سرعة السيارة و انطلقت بالطريق كالطلق الى ان بلغ مؤشر العداد السرعة القسوة...كانت تقود السيارة بكفاءة عالية و بدقة الى ان غادرت الطريق الزراعي و اندمجت بسرعتها الجنونية بين السيارات في الطريق الرئيسي...فكانت تتجاوز السيارات على الطريق و تسرع بينهم في المسارب من دون الاصطدام بهم مما كان يستفز بعض السائقين لشتمها من شدة الخوف...و لكن كان لا بد لها بلوغ القاهرة و من دون علم يوسف مديرها لكي تبلغ السلطات بالقاهرة بأمره مسبقا...كي لا تفتح له المجال للهرب.
التقطت هاتفها المحمول و طلبت ممدوح. فاجابها "مليكة اتصلت بالوقت المناسب....كنت اريد..."
و لكن صارخت آمرة "ممدوح حذاري ان تتصل بيوسف! اين انت حاليا!"
"ماذا هنالك يا مليكة؟"
"ممدوح اجبني من دون اية أسألة!"
"انا في شقتي حاليا!"
"ممدوح...قد يسعى يوسف لقتلك...غادر الشقة حاليا!"
اجابها بقلق كبير "مليكة كيف و هو مديري بالمخابرات...ماذا تقولين لي..."
اجابت بتوتر "يا ممدوح يوسف متواطئ مع سارة كوهين و كارمن. انه عميل مزدوج و خائن لمصر. يديه ملطخة بدماء ألآف قتلوا بانفجارات كان يساعد سارة و كارمن بتنفيذها داخل القاهرة! معي ملفات كفيلة لتجلب له حكم اعدام في محاكم أمن الدولة"!"
اجابها بغضب "ماذا تقولين؟! ماذا يجري هنا بالضبط!"
"بعد ساعتين سأصل الى القاهرة. انا قادمة و لكن مهما حدث غادر الشقة و لا تعود اليها اطلاقا و لا تخبر يوسف عن عنوانك الجديد!"
"هكذا سافقد اثر كارمن و صديقها...العملية كلها مههدة بالفشل!"
"ممدوح عيش اليوم و حارب في الغد...طالما لهم يوسف في المخابرات سيجدوا من ينجيهم من محاولتنا الامساك بهم..."

كان ممدوح يكلم كارمن من غرفة نومه. و كانت اجهزة التنصت و التسجيل المربوطة مع التلسكوب متعطلة بسبب انقطاع التيار الكهربائي. و لكنه كان يراقب حركة شقة كارمن من خلال التلسكوب فقط امام النافذة في الظلام الدامس. كانت كارمن و صديقها يجلسان في الصالة يستخدمان ضوء الشموع لإضاءة المكان. سمع سيميهيت تنادي اسمه من الهاتف المحمول "ممدوح اين ذهبت..." كان على وشك اجابتها و لكن فجأة سمع صوت طقطقة قوية في الغرفة. لم يكن هذا الصوت موجودا من قبل...او بالأحرى لم يلاحظه بسبب انشغاله بمكالمة مليكة. بحث من حوله فكان مريب جدا حيث كان اشبه بصوت عقرب الثواني في ساعة حائط. و لكن لاحظ بأن صوته اعلى من عقرب ساعة الحائط بعض الشيئ. فجأة شعر بالدماء تتجمد في عروقه حينما امعن النظر بجانب السرير. صرخت في وجهه ساعة العد التنازلي بجانب سريره في الشقة. احس بعجز كلي عن الحراك من الخوف و هول الموقف عليه...شعر و كأن قدميه ثقيلة جدا و كأنها كتل من الاسمنت المغروز في ارض الشقة. كانت الساعة رقمية و كان عدها التنازلي بارقام حمراء يشير الى ان القنبلة ستنفجر بعد دقيقتين لا اكثر...و كان موصول بالساعة اسلاك تنتهي برزمة كبيرة من اسابع الديناميت. نظر الى شقة كارمن من خلال التلسكوب فشاهد بيدها حقيبة سفر كبيرة و بيد صديقها حقيبة آخرى....اجاب مليكة "مليكة فعلها يوسف الكلب...فها العصابة على وشك مغادرة وكرها و انا امام قنبلة ديناميت على وشك ان تنفجر بي..."
اجابت بغصة ألم كبيرة "يا حبيبي اوصف لي القنبلة..."
اضاء مصباح هاتفه عليها و قال "انها ساعة عد تنازلي رقمية. و يصعد منها سلكين اثنين. واحد احمر و واحد ازرق. السلكان مربطان برزمة ديناميت اقدرها بثلاثين اصبع او ربما اكثر بقليل..."

"ممدوح احضر مقص او سكين و قص السلكين معا...يجب ان تقطعهما معا او ستنفجر القنبلة و ستدمر البناية السكنية الذي انت فيها بالكامل..."

اجاب ممدوح باكيا "و العصابة يا مليكة...انها بين يداي و استطيع اصابتها ببندقية القناص لدي."

"ممدوح ملعون ابو مائة عصابة...الملفات التي بين يداي ستكشفهم...قص الاسلاك..."

"هذا ما اراده يوسف الكلب...ان يخيرني بين البناية و سكانها و العصابة...يا كلب!!!"

صرخت مليكة آمرة "ممدوح اتوسل اليك اترك العصابة و ثأرك و قص الاسلاك..."

اشار عداد القنبلة الى انها ستنفجر بعد دقيقة و نصف. فوضعه يوسف بمكره و حنكته امام خيار صعب جدا. فإما ان يفكك القنبلة و ينقذ سكان البناية التي كان بها و يترك العصابة تهرب او اما ان تنفجر به و بالابرباء في البناية و هو يحاول قتل كارمن و صديقها...كان عليه الاختيار و كان اختيار صعبا جدا...ببن انقاذ سكان البناية الابرياء و بين ان يترك اكبر عصابة تخريب في تاريخ جمهورية مصر العربية تهرب من بين يديه.. .(يتبع...)



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات