"تضامن": الفجوة في الأجور بين الجنسين تمثل ضعف النسائي بصنع القرار


جراسا -

عالمياً للرجال ضعف حصة النساء عن الأعمال مدفوعة الأجر، وللنساء ثلاثة أضعاف حصة الرجال عن الأعمال غير مدفوعة الأجر، لوجود خلل قائم ومستمر في توزيع المسؤوليات المتعلقة بالرعاية والتي تحد من خيارات النساء وتطلعاتهن، وهو مؤشر على ضعف المشاركة الإقتصادية للنساء ، حسبما جاء في تقرير التنمية البشرية لعام 2015 تحت عنوان "التنمية في كل عمل"، والصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.

وتشير جمعية معهد تضامن النساء الأردني "تضامن" الى أن العمل غير مدفوع الأجر والذي تقوم به النساء يشمل ضروريات الحياة اليومية للأسر كالتنظيف والطهو، إلا أن جزءاً كبيراً منه يتعلق برعاية الأطفال (2 مليار طفل)، ورعاية المسنين والمسنات (120 مليون مسن/مسنة فوق 80 عاماً)، ورعاية ذوي وذوات الإعاقة (مليار شخص)، ورعاية المرضى (أعدادهم كبيرة منهم 37 مليون مريض/مريضة بمرض الإيدز). وكلها أعمال غير مدفوعة الأجر ولا تتوزع فيها المسؤوليات بالتساوي بين الرجال والنساء اللاتي يتحملن الجزء الأكبر منها. وعلى الرغم من أهميته في مجال التنمية البشرية إلا أنه يشكل عائقاً جدياً أمام قيامهن بالأعمال مدفوعة الأجر، ويأخذ حيزاً كبيراً من الأوقات اليومية الحرة المخصصة لراحتهن ورفاههن.

حتى في الأعمال مدفوعة الأجر، فإن النساء يواجهن العديد من العقبات تتمثل في فجوة الأجور عن الأعمال ذات القيمة المتساوية، وضعف وصولهن للمواقع القيادية والإدارية العليا، وعقبات تعترضهن في ريادة المشاريع الخاصة، وعملهن في أعمال القطاع غير المنظم.

عالمياً وخلال عام 2015، نجد بأن 47% من نسبة النساء في سن العمل (15 عاماً فأكثر) هن نساء عاملات، و 50% منهن لا يمارسن أي نشاط إقتصادي، و 3% في حالة بطالة، مقابل 72% من الرجال الذين يعملون، و 23% لا يمارسون أي نشاط إقتصادي، و 4% في حالة بطالة. علماً بأن فجوة الجور بين الجنسين تصل الى حوالي 24%.

ويؤكد التقرير على أن الفجوة في الأجور بين الجنسين (والتي يكون أغلبها غير مبرر) لا تعتبر قضية إقتصادية فحسب، وإنما لها قيمة إجتماعية هامة تمتد آثارها السلبية على النساء لتؤثر في موازين القوى وبالتالي يتأثرن بها، على إعتبار أن الإستقلالية الإقتصادية تعزز من إستقلالية النساء وقدرتهن على إسماع أصواتهن وإحداث التغيير على مستوى المجتمعات المحلية وعلى مستوى أسرهن. والفجوة في الأجور بين الجنسين ما هي إلا مؤشر آخر من مؤشرات ضعف التمثيل النسائي في المناصب القيادية والإدارية العليا في القطاعين العام والخاص.

ويبرز ضعف التمثيل النسائي في مواقع صنع القرار عالمياً من خلال الأرقام التي تبين وبوضوح أن نسبة النساء في البرلمانات بحدود 22%، وفي أعلى المناصب في المحاكم حوالي 26%، ولم تتجاوز نسبتهن في المناصب الوزارية 18%.

أما على مستوى ريادة المشاريع، فالرجال أكثر إقبالاً من النساء على إطلاق مشاريهم الخاصة، وأن عدداً كبيراً من المشاريع التي تقودها النساء تنتهي قبل أن تصبح مشاريع ناضجة، وتعود أسباب هذا الضعف الى محدودية فرص التمويل (42% من النساء في العالم لا يملكن حساباً مصرفياً)، والى وجود قيود في القوانين وتمييز في الممارسات (في 22 دولة لا تتمتع المرأة المتزوجة بنفس الحقوق القانونية التي يتمتع بها الرجل المتزوج)، وأيضاً بسبب عدم المساواة في الحصول على التكنولوجيا وإستخدامها (خلال عام 2013، 39% من النساء في الهند يستخدمن الإنترنت مقابل 61% من الرجال).

من جهة ثانية نجد أعداداً كبيرة من النساء يعملن في وظائف غير مستقرة (العمل غير المنظم) على عكس الرجال الذين يعمل معظمهم في القطاع النظامي مما يوفر لهم أمناً إقتصادياً وحماية قانونية تنظمها عقود العمل تفتقدهما النساء. فنسب النساء العاملات في القطاع غير المنظم ترتفع إرتفاعاً كبيراً في الأعمال الزراعية والأعمال المنزلية مدفوعة الأجر.

ومحلياً، فقد أظهرت نتائج التعداد العام للسكان والمساكن لعام 2015 بأن الأردنيات يبدأن الإنسحاب من سوق العمل بعمر 30 عاماً، على الرغم من مستويات التعليم العالية لديهن وقدرتهن الجسدية للإستمرار بالعمل لفترات أطول، مما يحد من إمكانية وصولهن لمواقع صنع القرار ومن المشاركة الفعالة في التنمية الشاملة والمستدامة.

وتضيف "تضامن" بأن النساء خارج قوة العمل من مجموع النساء اللواتي تزيد أعمارهن عن 15 عاماً يشكلن ما نسبته 78.3%. ويقصد بخارج قوة العمل (غير النشيطات إقتصادياً) النساء اللواتي لا يعملن ولا يبحثن عن عمل وغير قادرات على العمل وغير متاحات للعمل ، ويشمل ذلك الطالبات ومدبرات المنازل والعاجزات ومن لهن دخل أو إيراد.

وأظهرت النتائج بأن الأردنيات النشيطات إقتصادياً من جميع الفئات العمرية (+15 عاماً) لم تتجاوز 21.7% مقابل 69% من الذكور، وتعتبر هذه النسبة متدنية جداً وتعكس ضياعاً كبيراً لطاقات وقدرات النساء الإقتصادية مما يؤثر سلباً على مستقبلهن ومستقبل مجتمعاتهن المحلية وعلى مستوى المملكة.

وتبدأ مشاركة الأردنيات بالنشاط الإقتصادي بعمر (15-19 عاماً) وبنسبة 4.4% وتواصل الإرتفاع في الفئة العمرية (20-24 عاماً) وبنسبة 24.9% لتصل الى قمتها بالفئة العمرية (25-29 عاماً) وبنسبة 37% لتبدأ بعدها عملية الإنسحاب من سوق العمل بدءاً من الفئة العمرية (30-34 عاماً) فتنخفض الى 33.5% ومن ثم تنخفض أكثر لتصل 28.9% بالفئة العمرية (35-39 عاماً) وتواصل الإنخفاض الى 26.3% بالفئة العمرية (40-44 عاماً) و 19.2% للفئة العمرية (45-49 عاماً) و 12.7% للفئة العمرية (50-54 عاماً) و 7% للفئة العمرية (55-59 عاماً) وأقلها 3.7% للفئة العمرية (60-64 عاماً).

وتجد "تضامن" بأن الانسحاب المبكر للنساء الأردنيات من سوق العمل إنعكس بشكل مباشر على زيادة معدلات البطالة بينهن، فخلال الربع الثاني من عام 2016 بلغ معدل البطالة بين الإناث 22.8% وبين الذكور 12.9% ليكون المعدل لكلا الجنسين 14.7%.
وكان الفرق واضحاً ما بين الذكور والإناث عند النظر الى نسبة المتعطلين من حملة شهادة البكالوريوس فأعلى حيث كانت النسبة للذكور 21.4% فيما بلغت للإناث 70.7%. وفي نفس الوقت بينت النتائج بأن 62.9% من قوة العمل من الإناث كان مستواهن التعليمي بكالوريوس فأعلى مقارنة مع 20.2% بين الذكور.

وبلغ معدل المشاركة الاقتصادية المنقح (قوة العمل منسوبة الى السكان 15 عاماً فأكثر) 13.3% للإناث و 61.3% للذكور.

وتعتقد "تضامن" بأن الإستثمار في الشباب للقضاء على الفقر بشكل خاص يستدعي الإستثمار بالشابات الأردنيات على وجه الخصوص وزيادة مشاركتهن الاقتصادية من خلال الوقوف على الأسباب الحقيقية الكامنة وراء خروجهن المبكر من سوق العمل وتذليل كافة العقبات التي تعترضهن. فكيف يمكن للشابات المساهمة في القضاء على الفقر دون أن تكون لهن مشاركة حقيقية وملموسة تخرجهن هن أنفسهن من اخطار الفقر حيث أن ظاهرة "تأنيث الفقر" لا زالت منتشرة ليس على مستوى الأردن فحسب وإنما تمتد الى الكثير من دول العالم.

وتدعو "تضامن" كافة النساء وخاصة الشابات منهن (وهي على علم ويقين بقدراتهن الإبداعية وأفكارهن الخلاقة) الى مواصلة نشاطهن الإقتصادي وعدم الخروج من سوق العمل كما تدعوهن للتقدم بمشاريعهن الخاصة في مختلف محافظات المملكة الى صندوق تنمية المحافظات ، والإستفادة من الفرص الإستثمارية التي يوفرها الصندوق ضمن شروط تيسيرية. كما تدعو كافة الجهات المعنية الى الأخذ بعين الإعتبار إحتياجات النساء وضرورة إشراكهن وإدماجهن في أية سياسات أو خطط تنفيذية أو لجان تهدف الى تنمية المحافظات وتقليل نسب البطالة والقضاء على جيوب الفقر ، والى ضمان وصول الخدمات والفرص لكل أفراد المجتمع رجالاً ونساءاً دون تمييز.

تؤكد "تضامن" على أنه وفي ظل الأرقام التي تبين وبوضوح معدلات البطالة المرتفعة بين النساء والفجوة بالأجور ما بين النساء والرجال عن الأعمال ذات القيم المتساوية ، ومع عدم وجود تشريعات قانونية غير تمييزية وتنص صراحة عن حق النساء في الأجر المتساوي عن العمل ذي القيمة المتساوية ، ومع تواصل التمثيل النسائي الضعيف في النقابات العمالية والهيئات واللجان النقابية ، ومع إرتفاع معدلات الفقر بين النساء ، وتدني نسبة وجود النساء العاملات في مواقع صنع القرار ، فإن تأثير جهود الحد من الفجوة الجندرية ستبقى ضعيفة ولربما لن تسهم في عدم إتساعها.

منير إدعيبس – المدير التنفيذي
جمعية معهد تضامن النساء الأردني
5/10/2016



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات