عابرو سبيل


يا عبد الله (عش في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل ) ،وما عبد الله بن عمر إلّا سامعا مطيعا لرسول الله صلى الله عليه وسلم
والنبي صلى الله عليه وسلم محبّ لامته حانيا عليها،مشفق يحرص عليها ويخاف ،فيذودها عن أبواب جهنّم ،ويعلّمها الكتاب والحكمة ، ويرشدها إلى مراقي السعادة ومرابع الهداية، صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا

وابن عمرالشاب الصائم العابد ، يرى في منامه جهنم ،فيقول حين يراهاأعوذ بالله من النار ،أعوذ بالله من النّار ،فيقص رؤياه على أخته حفصة ام المؤمنين فتقصّها على رسول الله صلى الله عليه وسلذم فيقول:نعم الرجل عبد الله لو كان يصلّي من الليل وعبد الله شاب ينام في المسجد لحرصه على الجماعة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ،ولتعلق قلبه بالمسجد الطاهر ،يرقد رقدة في الليل يراها المصطفى طويلة فيقول :نعم الرجل عبدالله لو كان يصلي من الليل ، فيبادر الشاب الناشيء في طاعة الله إلى القيام ،فلا ينام من الليل إلّا قليلا،

والقائد الحريص على أصحابه يؤدّبهم بأدب الإسلام ،ويرغّبهم في جنّة عرضها السماوات والأرض،يخشى على قلوبهم الصافية المنيبة المخلصة دينها لله ،يخشى أن تتعلّق هذه القلوب بغير الله ،أو تستكين لسواه ، أو تقبل على غيره وتركن اليه ،فيتعهدها بالرعاية والتوجبه والنصح،والتحذير من الغفلة والتقصير في جنب الله ويلمس النبي صلى الله عليه وسلم في قلب عبد الله بن عمر رضي الله عنه المحبة لله ،واليقين الصادق ،والصلاح الظاهر والباطن ،فيقبل عليه ويأخذ بمنكبيه يخصّه بنصيحة تكون للراغبين الى ربهم سبيل الوصول والنجاة قائلا:كن في الدّنيا كأنّك غريب أو عابر سبيل

ويعي عبد الله الوصية ،وبحرص على تطبيقها ،والأخذ بها دون تردد أو تقصير ،فيبقى غريبا غير مؤمن للدنيا وغرورها،يعبرها وكأنّها طريق يلتقي فيه الغرباء،يستظلون بشجرة هنا وخيمة هناك ،ويقيم أوده بما يجد من رزق الله ،
عابرا يابن عمر لا مقيم ،وغريبا يا صاحب رسول الله ،لا تفتنك الدنيا وزهرتها ،ولايغرنّك متاعها ،وقد وضعت نصب عينيك قرب لقاء الله، تقبل على الطاعة وكانّك تخشى أن تخذلك الصحة ويداهمك المرض والضعف والهرم ،وتترقب لحظة لقاء الله ،فلا ترى إلّا في طاعة او عبادة او عمل صالح لسان حالك قولك المأثور عنك (إذا امسيت فلا تنتظر الصباح وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء،وخذ من صحتك لمرضك ،ومن حياتك لموتك).

ولو أنّك ترى يا صاحب رسول الله ،وقد فتحت علينا الدنيا ،فغرّتنا ،واستعبدتنا فارهقتنا،اشغلتنا عن الطاعات والقربات، فمددنا حبال الأمل مدّا طويلا ،وما ذكرنا البلى والرّحيل،وضعنا في متاهات اعداءنا فتسلّطوا علينا بذنوبنا وأذلونا ،وما ذاك إلّا لأننا عرفنا الطريق وما لزمناه

يابن عمر كنت والله كاصحابك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كيّسا فطنا ،أدنتم النّفوس وعملتم لما بعد الموت ،وجاهدتم في سبيل الله ،واقمتم منهج الله في ارض الله ،فأي خلف نحن لكم يا نجوم الهداية ،أيها العابرون في هذه الحياة كالغرباء ،وقد اشتد بكم الشوق الى لقاء الله ،واستوطنت قلوبكم تقواه ، فانالكم جنّته ورضاه

اللهمّ صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات