عصا المعلم وبلسمها في زمن اللجوء الفلسطيني


زمان وفي مدرسة وكالة الغوث

كنا نعلم اللون الخاص لعصي المعلمين ونعلم ان تلك العصي سوف تمر على ايدينا جميعها قبل انتهاء دوام المدرسة. كانت الصفعات هي بهارات مضافة لعدد من العصي الملونة بشريط لاصق احمر او ازرق.

لكننا تعلمنا. كنا نعلم ان العصي ليست للعقاب انما ليضمن معلمونا ان نتعلم. لم يكن امام الفلسطيني سوى العلم ليخرج الى وجه الدنيا فلا ارض يبيعها ولا ميراث في اخر الزمن. كنا نغوص في الطين للوصول الى المدرسة. وحين كبرنا تعلمنا ان كل عصا حطت على ايدينا او ارجلنا كان يقابلها دموع حطت على عيون مدرسينا.

علمونا ان نحب القراءة وكتابة الشعر وعلمونا ان نرسم لوحات هي الاجمل. علمونا كتابة الاملاء وقواعد الهمزة. زرعوا فينا ان اللغة العربية ستكون اخر القلاع. وحين اصبحنا في (المترك) اجبرونا على المجيء الى المدرسة يوم الجمعة. لم يقسها معلمونا بالمردود المالي فقد كانوا ياتون يوم الجمعة بلا أجر الا الحرص على ان نتعلم.

علمونا ان نعشق الكتب وان نحترم الكتب وحتى الذين لا يقرأون كان يتباهى بانه يحمل كتابا في يده. لم نكمل الخامسة عشرة هناك ولكننا قرأنا لسعيد فرحات وجبران والقباني. لم يكن معلمونا يتكلمون عن سنة وشيعة او مسلم ومسيحي. كانوا يتكلمون عن العروبة وفلسطين وعن وطن واحد يمتد بين قارتين.

والآن اتمنى لو ان ابنائي وجدوا معلمين بعصي ملونة وقلوب دافئة كما وجدنا.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات