على اشتعالات وميض البرق، وصوت الرعد، تراقصت حبات المطر وعانقت الارض العطشى... زقزقت الطيور بخجلٍ مستبشرة بالخير، وانحنت الاشجار للريح لا أدري هل هو احترامٌ ام خوفٌ من الاقتلاع...؟! هرول مواطن غلبان على محطات الوقود بحثاً عن بضع لترات من الكاز اقتطع ثمنها من قوت عياله ليوفر لهم الدفء، وآخر تَرصدَ شجرة بفأسٍ كانت عليها أقسى من الريح، وقطّعها ارباً ليوقدها أمام صغاره في بيت تآكلت جدرانه من الرطوبة او تحت سقف من الزينكو.... واعلنت الحكومة حالة الاستنفار القصوى تحسباً لمفاجآت الطبيعة التي لا يؤمن غدرها.

في مكتب فخم يأتيه الدفء من كل جانب وعلى مقاعد وثيرة تنادى مسؤولون لوضع خطة مستعجلة وهم يحتسون القهوة، ويعطون التعليمات لعمال يخوضون في ماء الشوارع حتى الركب تاركين بيوتاً تحاصرها المياه و«القلة»... لمواجهة العاصفة.

وزير الصحة «الحريص علينا» مشغول بإصدار بيانات تحذير من انفلونزا الخنازير، وعطاءات مطاعيمها، ووزير الاشغال يأمر بإنجاز ميزانية اضافية لصيانة الشوارع بعد انقضاء الموسم... كما صرح وزير المياه مؤقتاً بأن المخزون المائي جيد وأثنى عليه وزير الزراعة واعداً بموسم زراعي وفير، وخراف سمينة.

أبو محمود كان متدثراً ببطانية ومعطف عسكري تساقطت ازراره النحاسية ادخره منذ ايام الخدمة العسكرية يراقب هذا كله متخوفاً من صيف لاهب تكثر فيه شكوى الحكومة من قلة المياه وكثرة الحشرات والقوارض وتآكل الثروة الحرجية، وزيادة مصروفات فواتير مكاتب الوزراء والاعيان والمسؤولين للمحروقات والمياه المعدنية والمشروبات الناعمة، وعجز الموازنة بسبب الاعباء الاضافية والبذخ في الإنفاق.

esmel68@yahoo.com