محاربة الفساد ؟


مثلما يتوق الاردنيون لمحاربة واستئصال الإرهاب من جذوره يتوقون أيضاً لمحاربة الفساد بكل أشكاله أينما وجد، وتالياً تحقيق إنجازات ملموسة على الأرض بالتوازي مع إنجازات بواسلنا (طبيعة المرحلة تتطلب إجراءات حاسمة) ولاسيما أن صناديد قواتنا المسلحة ولاجهزه الامنيه يبذلون دماءهم وأرواحهم رخيصة في سبيل عزة وكرامة الوطن، أولئك الأبطال قدموا تضحيات تعجز الكلمات والعبارات عن وصفها.

للأسف الشديد في الوقت الذي يبذل فيه جيشنا الوطني الدماء لصون الأرض والعرض نرى بعضاً من ضعاف النفوس. بعضاً من المارقين وشذاذ الآفاق قد باعوا ضمائرهم من أجل حفنة من المال والتلاعب بقوت الشعب، لنرى بأم العين فئة فاسدة ترتكب مخالفات وتجاوزات لا تمت للأخلاق والضمير بصلة.

إن من يتلاعب بالأسعار ولقمة عيش المواطن بتلك الطريقة القذرة واللا أخلاقية لا يختلف عن أولئك الإرهابيين القتلة الذين يحرقون ويدمرون البنى التحتية... لا فرق بينهم وبين من يعبث بأمن الوطن والمواطن، فكلاهما واحد (غارقون في القذارة) ويؤدون الغرض نفسه.

السؤال الذي يطرح نفسه: إلى متى ننتظر السادة المسؤولين المؤتمنين على لقمة عيش المواطن وهم مازالوا قابعين في مكاتبهم الفارهة غارقين في ورقيات ومراسلات روتينية قاتلة، ومن ثم يدّعون محاربتهم الفساد من وراء مكاتبهم لنراهم بعيدين كل البعد عن معاناة الشعب الحقيقية ويكتفون بجولات استعراضية لا تغني ولا تسمن من جوع.

لا أنكر أن هنالك وزراء ومحافظين ومديرين عامين كانوا ومازالوا على مستوى المسؤولية بل كانوا على قدر كبير في تحملهم المسؤولية، لديهم روح المبادرة ولهم بصمات أصبح يدركها القاصي والداني من حيث المتابعة الميدانية والإشراف المباشر.

في المقابل مازال البعض الآخر، ومن موقع المسؤولية، لامبالياً (يعمل بطريقة ليست نظيفة) ولاسيما عندما نرى بعض الإدارات والمؤسسات تنخرها الرشاوى والفساد من دون تحريك ساكن، وذلك بغية تحقيق أطماع ومآرب شخصية، ومن يتابع مسيرة الإصلاح الإداري (على سبيل المثال لا الحصر) يلحظ أننا نسير في الطريق نفسه الذي سلكناه سابقاً.

التعيينات في بعض المفاصل الإدارية سواء أكانت في الوزارات أم في المؤسسات والإدارات مازالت تسير وفق علاقات وولاءات شخصية بعيداً عن اعتماد المقاييس والمعايير لاختيار أصحاب الكفاءات والخبرات لتهيمن المنفعة المتبادلة والعلاقات الشخصية والمحسوبيات في اختيار بعض المديرين العامين ممن يفتقدون الحد الأدنى من الحس بالمسؤولية الوطنية والأخلاقية.

مازلنا ندفع أثماناً باهظة نتيجة أفعال وارتكابات غير مسؤولة، ما يرتب علينا أن نقف وقفة رجل واحد في وجه أولئك الفاسدين وتعريتهم في وسائل الإعلام ليكونوا عبرة لمن لم يعتبر.

لماذا لا نعلن أسماء وصور الفاسدين أمام مدخل وزارته، ما المانع في أن تعمم فكرة إعلان أسماء الفاسدين وتطبق على الجميع؟!! ربما هنالك عوائق كثيرة!!!

للأسف الشديد، كتاب وأدباء وصحفيون وحزبيون شرفاء نبهوا وكتبوا عن حالات فساد يندى لها الجبين من دون أن يسمعهم أحد!! رجال وطنيون شرفاء أشاروا مراراً وتكراراً إلى ممارسات خطيرة من دون أن يلقوا استجابة.. ألم تكن رائحة الفاسدين والمفسدين تزكم الأنوف؟! ألم نرَ هنالك من يحمي ويغطي فسادهم؟!

اليوم نهدد بلقمة عيشنا وأمننا وخسرنا آلاف الشهداء من شبابنا، والسؤال الذي يطرح نفسه: من أتى بأولئك المخربين الفاسدين إلى إدارات ومؤسسات الدولة ولأي غرض تم تعيينهم؟! وهل هو استكمال لما يفعله الإرهابيون؟!
على ما يبدو لا تزال هنالك حتى يومنا هذا فئة من الفاسدين والمفسدين تستقرئ اتجاهات القوانين لتسريع إصدارها أو لتوقيفها وإفراغها من مضمونها وذلك وفق ما تقتضيه المصلحة والفائدة لفئة معينة، إذ يتفشى الفساد لمصلحة تلك الفئات التي تعبث بموارد الدولة المختلفة.

بعض من ضعاف النفوس ممن تبوؤوا مراكز ومناصب بطرق بهلوانية خبيثة لا تخلو من المكر والدهاء تمكنوا من استقطاب أناس على شاكلتهم بغية تحقيق مكاسب غير مشروعة وتالياً تعميم ظاهرة الفساد (إن أمكنهم ذلك).

من حق المواطن الذي يدفع ثمن تلك الأخطاء والارتكابات أن يتساءل: مَنْ المسؤول عن تلك المخالفات ومن يشرعنها؟!! من المسؤول عن فلتان وفوضى الأسعار؟!! وأين المعنيون في وزارة الصناعه والتيجاره وجمعية حماية المستهلك من كل ذلك الفلتان؟! أليس من واجبها ضبط ولجم هذا الارتفاع الجنوني للأسعار، أليس من واجب المعنيين التحري عن الأسباب والمسببين؟ أين المحاسبة والمحاكمات؟! أين العقوبات الرادعة تجاه من يحاول تعميم ظاهرة الفساد؟.

بعض الإدارات والمؤسسات تفصّل القرارات والتعليمات على مقاس شريحة معينة من المستفيدين والمتطفلين على المصلحة العامة والمال العام، إذ يتفشى الفساد لمصلحة فئة انتهازية متسلقة (تلك الفئة تتمنى أن تستمر الأزمة سنوات) وذلك بغية تحقيق مكاسب مادية غير مشروعة.

إن ظاهرة الفساد والصفقات والعقود المشبوهة طالت الاقتصاد والصناعة ولزراعه هذا عدا التزوير الحاصل في بيانات جمركية وإعطاء قروض مصرفية بلا ضمانات واختلاس مستحقات متقاعدين في التأمينات... هنالك قائمة لا تنتهي من الارتكابات بدليل أن الجهاز المركزي للرقابة المالية مازال يحقق في تلك التجاوزات كون الجهاز المركزي الجديد للرقابة المالية مازال في طور معالجة الترهل والفساد.

أيضاً في الجانب الآخر نرى المتحكمين بأسعار الخضر والفواكه وتجار المواد الغذائية لهم فلسفتهم في بناء الأزمات وافتعالها ومن ثم تهييء المكاسب بطريقة شيطانية لا تخلو من المكر والدهاء والخبث، وفي هذا السياق لابد من أن نشير إلى أن هنالك وسطاً نظيفاً لديه من القيم والأخلاق ما يجعله بعيداً عن تلك الممارسات... لكن كم هي نسبتهم؟! آن الأوان كي نضع الأخلاق ونظافة اليد شرطاً أساسياً في اختيار الإنسان المناسب للمكان المناسب ولاسيما في تلك الظروف العصيبة على أن نكون أكثر مصداقية ووعياً وشفافية من أي وقت مضى وأن نتلافى الأخطاء التي ارتكبت بقصد أو بغير قصد كي لا نقع في المحظور ويومها لن ينفع الندم.. مانتمناه جميعاً هو الأخذ بالانتقادات البناءة على محمل الجد ومتابعة كل شاردة وواردة من جهات لديها صلاحيات واسعة شرط أن تكون تلك الجهات على درجة كبيرة من الحس بالمسؤولية، لا أن تكون لدى تلك الجهات أذن من طين وأخرى من عجين.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات