عن قرار المحكمة ضد فلم ريجاتا


شعرت بحاجة ملحة لأكتب هذه المقالة بعد أن تركتها كملاحظة على صفحتي على الفيس بوك حفظا للملكية الفكرية، اكاد لا أصدق الى ما وصلت اليه الأمور بمصر أم الدنيا و أم الإبداعات التي أغرقت العالم العربي كله في خلال العقود السالفة بالأغاني الطربية و المسرحيات و المواد الدرامية و بالفنون بأنواعها...مازالت تحت نَيِرْ الإضطهادات التي تحاول النيل من الحريات الفنية و الثقافية؟؟؟ ان الصوت الحُر لا يمكن إسكاته على الإطلاق لانه ينطلق من بشر يحاول رسم مستقبله و مستقبل أولاده لا بالعنصرية و الكره و الفكر الجامد و التجريح الذي لا يتمتع بالمرونة و لا بالذوق و لا التحضر...بل بالإنجازات و الإبداعات التي خلقها الرحمن تعالى بأنفسهم...من خلال مواهب غير مكتسبة وُلِدَتْ معهم و تربت معهم و كبرت معهم في حياتهم يوم بعد يوم الى أن صُقِلَتْ بالمعاهد و بالحياة العملية ... الى أن أصبحت تُسْتَثْمَرْ بالأفلام الدرامية و المسرحيات و على مسارح مصر و الأمة العربية بأكملها، فخير أن يُمَثِلْ الحركة الفنية في مصر الأعمال المبدعة التي إنطلقت من مواهب زرعها الله بالبشر على أن يمثلها نخبة من المفكرين الذين لا يفعلون شيئ سوى تجريح البشر و شتم الفنانين و هدم المشاريع الناجحة للغير...مما لا يعطي الإنطباع المتحضر عن المجتمع المصري و المجتمع الإسلامي و منطقة الشرق الأوسط التي تهيمن عليها الفنون المصرية منذ عقود طوي...

أولا : قرأت البيان الصادر من المحكمة المصاحب لهذا القرار الغير منصف بحق فلم "ريجاتا" مع أحترامي المطلق للمحكمة و للقانون المصري، فكما أن هذه القوانين هي عبارة عن بناة أفكار اللًجان التي وضعتها حينما تم صياغة الدستور التي وضعت أُسُسَهُ لجنة الخمسين و القوانين المختلفة التي نشأت عنه فهي بالنهاية نتاج بشري خاضع للنقض لذلك هنالك محاكم استئناف لتنظر بقرارات القضاة المختلفة و المحاكم بإختلاف تخصصاتها...فبالنهاية حكم صادر في قضية معينة لا يعني أن المحكمة معها حق بما اصدرت من قرارات بشأن قضية معينة...فهذا يعتمد على رؤيتها بما أستندت عليه لتبني قرارها...فليس من المقصود بالفلم التبشير الديني و لا التهذيب التربوي و لا نشر الدعوة الإسلامية و لا المسيحية و لا اليهودية، فهو فلم علماني او مدني المنشئ و التكوين يَعْكِسْ قِصَصْ و حبكة تنطلق من واقع تعيشه الأُسَرْ المصرية في حي للمكافحين...فبأي حق يُوَجًه اليه كل هذه التهم التي من شأنها هدم قيمته الفنية؟ هذا الفلم لم تنتجه الكنيسة و لا الحوزات العلمية الإسلامية بل أنتجته شركة إنتاج خاصة مصرية تمتلكها عائلة مستثمرة ترى بموضوعه فرصة سانحة لإستثماره في مادة درامية لإغراض بيعه بالاسواق المصرية و العربية. فليس من المطلوب به أن يحمل اية رسالة دينية أو تربوية بالدرجة الأولى لأن هدفه أساسا ليس تربويا...بل أنه مادة اجتماعية،

ثانيا : ارتكب البيان خطئ التهجم على مصنف تنتجه منتجة و هي مواطنة مصرية تحظى بحقوق كاملة مثلها مثل اية مواطنة مصرية يحصنها القانون ضد القذف و الشتم و التشهير، و مع كل أسف لم أرى في بيان المحكمة إلا شتم و تشهير المواطنة رنا السبكي منتجة فلم ريجاتا و وصفها هي و منتجها بأشع العبارات التي تطال سمعتها و سمعة منتجها...بل حَوًلَ هذا البيان سمعتها الى سمعة عاهرة (مع كل أسف) ببضعة اسطر...فقد تجاوزت حدودها المحكمة كثيرا، فبدلاً من لعب دورها المهني في القضاء إنْهَمَكَتْ بشتم و قذف رنا السبكي و رميها بجمل قاسية المضمون و الجوهر و العبارات الجارحة و البشعة على الإطلاق...مما يضع حكمها بموضع شك و مما يخول رنا السبكي الطعن بنزاهة البيان و الحكم...فكيف يتم رمي رنا السبكي بهذه العبارات و التشهير بأخلاقها و بمنتجها بقانون يحصنها من هذا الشيئ بالدرجة الأول...هذا التناقد لا افهمه إطلاقا...نص البيان قد نشر على أكثر من موقع أخباري في مصر و قد اصاب سمعة سعادة المنتجة رنا السبكي الضرر الكبير مما يتيح لها رفع دعوى فورا لرد اعتبارها أمام الرأي العام...
ثالثا ) سامحوني على هذه الصراحة، هنالك عبارة لم افهمها إطلاقا، فانظروا التكوين اللفظي لهذه الجملة الغير منطقية إطلاقا و التي ورد نصها ببيان المحكمة "...كيف لشعب الوصول لذلك في ظل عرض وتقديم مثل تلك الأعمال التي من شأنها أن تحرض الشباب على الفجور وإثارة الفتن في خياله وإيقاظ أحط الغرائز في نفسه،" مع كل أسف فإن مفهوم الغريزة غير واضح عند سيادة المحكمة التي كتبت هذا البيان، فهنالك غريزة واحدة تعنى بالحياة الجنسية عند الإنسان، و هي الغريزة الجنسية...فكيف يجمع بيان المحكمة هذه الغريزة الجنسية بكلمة "غرائز"؟ من اين أتت المحكمة بصيغة الجمع هذه على ضوء أن طب النفس و الطف البشري يشهد أن للإنسان غريزة جنسية واحدة فقط، فهذا خطئ فاضح في بيان المحكمة، و هذه الغريزة لا تنتظر افلام السبكي بالتحديد لخلقها في داخل الإنسان و لإثارتها في النفس البشرية و لكي تنهض و تطلب من الإنسان ممارسة الفحشاء...او الجنس، فهذه الغريزة تنولد معنا كبشر لأنها عطية من الله و تلازمنا منذ أول يوم من أيام حيانا...منذ اللحظة التي خرجنا بها من ارحام أمهاتنا، و تعيش معنا و تكون فاعلة فينا لتؤثر علينا منذ اللحظات الأولى من طفولتنا ثم شبابنا ثم شيخوختنا...و لا يقتلها فينا إلا الموت و زوالنا من هذا العالم الإنساني، فلا أعلم كيف يُحَمِلْ بيان المحكمة المُوَقر كل هذه المسؤلية لفلم واحد و كأنه هو المحرك الأوحد لغرائز البشر في مصر...و كأن غرائز البشر جميعها لن تتحرك إلا من خلال فلم "ريجاتا"...و كأن هذه المنتجة و فلمها هما المسؤلون الوحيدون عن تحريك الغريزة الجنسية في كل مواطن و مواطنة مصرية...بل في التسعين مليون مصري الذي يعيشون في جمهورية مصر العربية...فاسمحوا لي أن أصنع هذه المقارنة، فالغريزة الجنسية هي هي نفسها لم تتغير في النفس البشرية منذ ايام آدم و حواء الى يومنا هذا...و هي قائمة قبل عهد السينما المصرية و حركة الدراما المعاصرة، و الغريزة الجنسية هي هبة ربانية اعطاها الله للإنسان لكي يتكاثر و ينمو بها و لكي يمارس الحب مع شريك حياته الذي يحب...و هي تتحرك بناءا على حاجة الشخص لعاطفة الشريك الآخر في حياته و للحاجة العاطفية و الجنسية من الجنس الآخر...فالمغريات الحسية لا تخلقها بتاتا و لا تحركها بالدرجة الأولى...بل الحاجة للجنس هي التي تحركها و تنخلق في الخيال و أكبر محركاتها الخيال و الفكر...و تأتي العوامل و المغريات الحسية فقط لتكون مؤثر ثانوي عليها لتشحنها فقط...فلا أعلم بما أفسر لغة التجريح لشخص المنتجة رنا السبكي و لغة التهويل و صياغة الجمل القاسي و رمي المنتجة و أخلاقها و منتجها بهذه العبارات الجارحة و القاسية...و القنوات الفضائية التي يملئ بثها الاقمار الصناعية مثل عرب سات و النايل سات التي تلتقطها منطقتنا العربية، فهنالك عدد هائل من القنوات تقوم ببث افلام تحتوي على مناظر مؤثرة اكثر من التي احتواها فلم ريجاتا، و تحتوي على حوار درامي به ألفاظ أقسى من فلم ريجاتا...فهل سيرفع المحامي صاحب القضية قضايا على مئات المحطات التي يتم مشاهدتها من قبل الاسر المصرية و العربية؟

بنهاية المطاف المحكمة معنية بإدانة مهنية للمنتج و ليس بتصنيف الناس و أخلاقها بهذا الشكل المخجل و الغير مهني إطلاقا...فأخلاق البشر محصنة بالقانون المصري فلا أعلم بماذا أفسر هذه التناقضات الغير مهنية من محكمة مصرية رسمية، أقول قولي هذا و حسبي الله و نعم الوكيل بما اصاب بلداننا العربية من جهل و قلة ثقافة و تحجر فكري و تصرفات لا توصف الى بالهمجية و لا تمت الى صلة بالتحضر على الإطلاق،

WERR.FERAS@YAHOO.COM



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات