هؤلاء من يتحملون مسؤولية أزمة البتراء .. والحل بيد الحكومة !

ممتلكات تضررت في البتراء

جراسا -

خاص- كتب محرر الشؤون المحلية - ما أن طويت صفحة ملف معان التي أشغلت الرأي العام والحكومة في آن واحد، حتى عادت نقطة ساخنة في منطقتي وادي موسى والبتراء لتشتعل مجدداً، عرفت بـ قضية "بيع الآجل"، وما تبعها من إحتجاجات وأعمال عنف قوبلت بقبضة حديدية، أدت الى خسائر في الممتلكات والمقدرات، الأمر الذي يرفضه كل أردني غيور على وطنه.

وتمثلت قضية "البيع الآجل" بأنها نشاط تجاري غامض بدأ بمنطقتي وادي موسى والبتراء قبل 5 سنوات تقريباً، حين قام تجار بشراء عقارات وممتلكات من أصحابها بقيم تفوق قيمتها الحقيقية، وبنسب وصلت الى 40%، على أن تسدد بشيكات مؤجلة بعد شهور من عقد البيع، في وقت قام هؤلاء التجار ببيع تلك الممتلكات بمبالغ أقل مما شروها، وبنسب وصلت الى 25 % من قيمتها الفعلية، حيث بلغت قيمة الممتلكات المباعة بهذا الشكل 200 مليون دينار، إلا أن هؤلاء التجار لم يسددوا قيمة الشيكات المترتبة عليهم لمن باعوا عقاراتهم وممتلكاتهم، فبدأت الأزمة.

المتضررون ما أن إستشعروا بالخطر، حتى بدأو بتنفيذ إحتجاجات واعتصامات غاضبة، في حين قامت هيئة مكافحة الفساد بأصدار قرار بالحجز التحفظي على ممتلكات عدد من التجار المتورطين، وتعهد بعضهم بالوفاء بالتزاماته، لكن ذلك كله، ذهب أدراج الرياح، ما أشعل الأزمة مجدداً.

قبيل الأزمة التي مرت بها منطقتي وادي موسى والبتراء، وعلى بعد مسافة قريبة منهما، كانت محافظة معان قد شهدت في وقت سابق أزمة مغايرة، إلا أن إرهاصات الأزمتين قد تكونان مشابهتان، من حيث الإشتباكات التي اندلعت بين محتجين وقوات الأمن، وأعمال الشغب من هنا، والإعتقالات من هناك، والتي كانت أحد أهم المعوِّقات التي أدت الى استمرارية أزمة معان، التي يجب أن نتعلم منها درساً، لضمان عدم إنتاج ذات الأزمة.

لنعترف بداية أن هناك مشكلة، والمنطق السليم يقول أن العقلاء حينما يواجهون مشكلة يبحثون عن الحل أكثر من الخوض في تفاصيل المشكلة دون جدوى والدوران في حلقة مفرغة، ربما لا ندري الى أين تقودنا.

والمنطق السليم كذلك، يؤكد أن إبقاء التجاذبات متروكة هناك، دون طرح حلول والتصدي لها والإقدام على اتخاذ مبادرة، سيفرِّخ المزيد من الأزمات التي نحن في غنى عنها.

سرعة البت من قبل هيئة مكافحة الفساد والسلطات المختصة مطلوبة بشكل عاجل وحاسم، لمنع إنتشار النيران، ووضع الموازين في نصابها، الأمر الذي سيعزز كفاءة أجهزة الدولة ومؤسساتها في القدرة على إدارة الأزمات، وحلها.

التهرب من مواجهة الأزمات، والإكتفاء بالحل الأمني والقبضة الحديدية مغلوط بشكل قاطع، لأنه يخلف أزمات جديدة، وكان الأجدى بالحكومة، أن تبادر الى اتخاذ خطوات عملية ملموسة وفق الأنظمة والقوانين، تهدئ من روع المتضررين أولا، وتوصل لهم رسائل أولية أن حقوقهم يكفلها القانون، وكذلك محاسبة من ثبت تورطه في ارتكاب مخالفات قانونية في هذا الشأن، وتقديمه الى القضاء العادل.

يجب على الحكومة إدراك أن البتراء منطقة لايجوز العبث فيها أبداً، فهي من أهم المناطق السياحية محلياً وعالمياً، وقد تنعكس الأزمة التي تشهدها بشكل مباشر على الحركة السياحية وربما تقوم دول - لا قدر الله - بحظرمواطنيها ورعاياها من السفر إلى المدينة التاريخية !؟.

ولكي نضع الأمور في نصابها فإن الخطأ الذي وقع يتحمل المسؤولية عنه عدة جهات:

أولاً؛ هيئة مكافحة الفساد التي أصدرت قراراً بالحجز التحفظي على أموال بعض تجار "البيع الآجل" ومن ثم رفعت الحجز، فيما كان الأجدر بها عدم الإكتفاء بذلك الإجراء، واتخاذ تعهدات شكلية، بل تحويل المشتبه بهم الى القضاء.

ثانياً؛ لا يجوز معاملة المواطنين البسطاء الذين خسروا ممتلكاتهم بالحل الأمني مع غياب الحكومة صاحبة الولاية العامة عن المشهد.

ثالثاً؛ البنوك المحلية التي قامت بإصدار شيكات بكميات ضخمة للمتورطين تتحمل المسؤولية على ذلك، وأين دور البنك المركزي من محاسبة هذه البنوك؟.

رابعاً؛ أين النيابة العامة والأجهزة المختصة من محاسبة المتورطين لارتكابهم جرائم إقتصادية تهدد الأمن الوطني الإقتصادي؟، وكان الأجدى أن تتم محاكمتهم والحجز على أموالهم المنقولة وغير المنقولة، بل وتحويل هذه القضية برمتها الى النيابة العامة العسكرية.

خامساً؛ لماذا لم يتَّعظ المواطنون من هذه الأساليب، كحال قضية البورصات مثلاً التي سبق أن وقع ضحيتها العديد من المواطنين ؟!.

سادساً؛ كيف سمحت الجهات المعنية لهكذا تجار بأن يسرحوا ويمرحوا في ظل غياب أجهزة رقابية ومختصة كالبحث الجنائي والأمن الوقائي ودائرة الأراضي والبنك المركزي.

الحل الأنسب يكمن بإصدار الحكومة قراراً جريئاً وحاسماً يبطل كل قرارات البيع والشراء، وإرجاع الأمور الى نصابها، والمتضررون حينها يعودون الى القضاء، بحيث تتم معالجة قضاياهم كما عولجت قضايا البورصات.!



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات