رحيل الجسد


كنت في بداية عهدي ذروة المجد و جعلت هدفي أن أكبر و أصنع من نفسي بداية لحضارة لن تزول حتى أصبحت في عصر الحضارة العربية الإسلامية قمة مجدي و أصبحت لغة القرآن و حماية الرحمن و هي منطق الكلام و حديث الأحباب و لغة الأصحاب فقد جاء القرآن الكريم ينطق بحروفك و يرسم الطريق لأمة العرب و يفتح الآفاق لعقل بشري ينطق بك يا لغتي العربية التي كنت إحدى مقومات مجموعة من الدول على خارطة الوطن العربي رسمت الطريق لنا عبر عصور التاريخ و جمعت العديد من الدول في إطار عظيم هو وطنا عربيا واحدا , انك لغة العرب فقد كان العرب في العصر الذهبي هم أصحاب الحضارة فقد تطرقوا و اخترعوا العديد من الأشياء التي وجد لها أسماء عربية أصيلة تنطق بلغة عريقة و تفتح المجال لكثير من المجد والحضارة و كنت شمسا تشرق على مجموعة من الدول في إطار مساحة عظيمة جمعت ملايين يتكلمون لغتك و يقرؤون آيات معجزة عظيمة نزل بها هذا القرآن الذي يشكل معجزة خالدة باقية إلى الأبد يحمل ضمن صفحاته قصص الأنبياء و فن المعاملات و آلية الصلوات الخمس و الكثير الذي جاء ليفتح أحلام أطفال و آمال كبار و هو مصدر خشوعنا و جزء من صلاتنا نقرأ آياته و نتدبر معانيه معجزة كل البشر الخالدة الباقية إلى الأبد لن يستطيع أحد أن يتجاهل كم تحملين من الكلمات التي شكلت إطارا لحضارة اللغة نعم هي أنت لغتنا العربية التي شكلت حضارة عربية إسلامية حملت العديد من المعاني السامية . و الآن غابت عني شمس المجد و أصبحت أعيش في ظلام حالك و قررت أن أرحل و أن أذهب في طريقي و لن أعود و لكن عندما حملت حقيبتي لأسافر نظرت ورائي فوجدت أنني رسخت جذورا للحضارة لم أستطع اقتلاعها و أخذها و لكنني قررت و مشيت في طريقي لأذهب و أجد راحتي و كنت على يقين أنني لن أعود و كلما نظرت خلفي و جدت جذوري التي أسحبها باقية في أعماق الأرض و أنا أمشي و جذوري الطويلة خلفي قررت الذهاب إلى مدينة بعيدة فعندما و صلت المكان الذي أريد و كنت على يقين بأنني سأرتاح نظرت حولي فوجدت أن جذوري امتدت على أماكن عديدة فأصابني الخوف مما شاهدت و أخيرا ذرفت عيني بالبكاء حتى سقيت الأرض من دموعي و رسخت فيها حضارة عظيمة لن تزول انها أرض الحضارة العربية الإسلامية ووجدت أنه لا مجال للهروب فقد رسخت في أرض اثنان و عشرون دولة لغة عربية أصيلة حملها قرآنا عربيا أصيلا فلا مجال للفرار فأنا لم أستطع أن أقتلع جذوري و إنما حملتها ووجدت أنها امتدت على طول مساحة الوطن العربي ومن هنا أدركت أن الرحيل هو رحيل الجسد فالحضارة باقية و التاريخ لن يزول . كان بكائي لأنني تعبت حتى أنهكت قواي و لكني ما زلت أبكي ليس على ما فات و لكن على مستجدات فرضت لتكون لكل دولة حدودها فنحن فرقتنا الأيام يا ليتني استطعت الرحيل منذ سنوات و لكنه القدر الذي جعل من هذا الجسد كتلة من الهموم و الأحزان لم تستطع الأيام و لا السنوات إلا أن تقول كلمتها بأنها أرض الحضارة العربية الإسلامية.


manalalamiri@yahoo.com



تعليقات القراء

إيمان شلباية
أكثر من رائع...
وكما قال الشاعر:
رجعت لنفسي فاتهمت حصاتي
وناديت قومي فاحتسبت حياتي
رموني بعقم في الشباب وليتني
عقمت فلم أجزع لقول عداتي
وسعت كتاب الله لفظا وغايتة
وما ضقت عن آي به وعظات
فكيف أضيق اليوم عن وصف آلة
وتنسيق أسماء لمخترعات
أنا البحر في أحشائه الدر كامن
فهل سألوا الغواص عن صدفاتي
15-12-2009 01:37 PM
جهادابوشهاب
شكرا استاذه منال وضعتي اليد علي الجرح العربي واساس علاجه انها اللغة العربيه المستهدفه
من العولمة السلبيه والتي تعتبر ذاكرة وجدان كرامة وانتصارات امه باكملها
جهاد
17-12-2009 01:48 PM
ابن الكرك
مع كل الاحترام ووافر التقدير
19-12-2009 03:51 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات