المتطرفون الجُدد


بين فترة وأخرى تطالعنا بعض الكتابات والتحليلات بأن المناهج التعليمية هي السبب وراء العنف وللتطرف والإرهاب، بل يذهب بعضهم بوصف تلك المناهج "بالداعشية" داعين لإعادة بناءها بما يتواكب مع روح العصر!

دعوات وكتابات بعناوين براقة "قبول الآخر"،"مواكبة العصر"،"نبذ العنف"...إلى غير ذلك من تلك العناوين المجترة التي وظفت عدة مرات في سياقات مختلفة. وما أن نتخطى تلك العناوين وتدخل لمحتوى النص حتى نفاجأ بعبارات ك "مناهج أثرية، خطاب ديني مغلق، خطاب تكفيري، تعليم التطرف" لنكتشف ما المقصود وما المراد ونتيقن أن وراء الأكمة ما وراءها.

من حيث المبدأ نتفق أن المناهج التعليمية تحتمل الصواب والخطأ لأنها حصيلة جهد بشري وليست نصوص مقدسة ومن الطبيعي أن تخضع للمراجعات والتطوير المستمر ومواكبة المعرفة ولكن ضمن أسس علمية وتربوية منسجمة مع عقيدة الأمة وثوابتها فلا يتخيل أحد أن تطوير المناهج الدينية مثلا سيكون بتغير أركان الدين أو فرائضه ومحرماته!.

لكن بعضهم ولغاية في نفسه يجهد في البحث عن نص ما في أحد الكتب التعليمية فيقوم بإخراجه من سياقه للدلالة على أنه دعوة للعنف والتطرف ومن ثم الوصول لنتيجة معدة سلفا بأن الدين الإسلامي ككل دين تطرف وإرهاب!.

هؤلاء وأتباع بعض الأيدلوجيات، حاولوا جاهدين استغلال حالة الخصام بين بعض الدول العربية وتيار الإسلام السياسي، فتسلقوا سلم ظنوا أنه موسيقي للعزف على أوتار تلك الخلافات بنغمات ليست ذي لحن استحسنوها هم فقط، وجلسوا متربصين منتظرين أية حادثة، يعلمون أنها فردية ولا تعكس صورة المجتمع ليعاودوا النفخ في أبواقهم الصدئة التي لا تصدر إلا زعيقا مما يجعل عزفهم نشازاً وسرعان ما يعُزف عنه.

ابتعَدوا عن الموضوعية فسقطوا في وحل التجاذبات السياسية وما تفرضه الأيدولوجيا عليهم، فانصبت تحليلاتهم على حصر التطرف في نصوص المناهج التعليمية وتناسوا أن هناك نصوص مشابهة موجودة في ثقافات وعقائد وحضارات أخرى، وتغافلوا بقصد عن الأسباب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، فجاءت مخرجاتهم واستنتاجاتهم كمدخلاتهم خاطئة.

لا نعرف كيف وصلوا لأيديولوجيتهم التي هم عليها الآن، وهم من تتلمذ على تلك المناهج؟! لماذا لِمَ يصبحوا متطرفين؟! أليس وصف المناهج التعليمية بتلك الصفات هو اتهام للمجتمع بجميع فئاته، كونه تعلم على تلك المناهج، ما هو تفسيرهم لصراعات الطائفية والمذهبية الشرسة التي تحدث الآن في دول كانت أقرب للعلمانية في مناهجها"؟!.

نحن أيضاأصواتنا مرتفعة ونحذر من مواصلة النفخ في تلك الأبواق بأن نجد أنفسنا وقدأخذنا موقفا متشددا منهم وربما نصفهم بالمتطرفين الجدد. 

فليبعدوا عنا غثائهم وثغائهم وبلائهم وبلواهم.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات